من هو محمد علي الذي دعا المصريين إلى الإطاحة بالسيسي ؟
الانوال بريس
في بداية شهر سبتمبر، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر سلسلة فيديوهات أطلقها رجل في 45 من عمره يسمى محمد علي من مقر إقامته في إسبانيا ودعا فيها المصريين إلى "تحرير" بلدهم والإطاحة برئيسهم عبد الفتاح السيسي.فمن هو محمد علي؟ هل هو مجرد مقاول استاء من "ظلم" النظام المصري كما يزعم ليغادر بلاده إلى ضفاف إسبانيا، أم أنه قائد حملة حقيقة تهدف لـ "تحرير" مصر والإطاحة بالرئيس عبد الفتاح السيسي؟ وهل هوممثل ومنتج يعشق الفن أم أنه مهرج عابر يغادر الساحة في وقت سريع تاركا مصر في حالها السياسي والاقتصادي الخانق؟
كان محمد علي صاحب شركة المقاولات "أملاك" المتعاملة أساسا مع الجيش لمدة 15 عاما، وأنجزت الشركة عدة مشاريع للمؤسسة العسكرية. وهو ما ذكره علي شخصيا وأكده والده علي عبد الخالق، بطل العالم سابقا في كمال الأجسام الذي تحول لرجل أعمال، في 4 سبتمبر ببرنامج "على مسئوليتي" على تلفزيون "صدى البلد" المصري.
المعروف عن علي أنه نشأ في حي العجوزة الواقع بمحافظة الجيزة على شاطئ نهر النيل (قرب القاهرة)، وأنه رجل أعمال وممثل لا تذكر له نجاحات في مجال الفن. فقد أنتج فيلم "البر التاني" على ما يبدو بالتعاون مع وزارة الهجرة يدور حول خطر "الهروب" إلى أوروبا على متن القوارب.
وبعد أن تقمص أدوارا ثنائية في بعض الأفلام والمسلسلات منذ عام 2010، تعاون مع وزارة الهجرة المصرية في 2016 لإنتاج فيلم "البر الغربي " الذي حاول من خلاله إقناع الشباب المصري بعدم المخاطرة بحياتهم وركوب القوارب نحو أوروبا. وتم عرض هذا الفيلم الذي يلعب فيه محمد علي دور البطل، للمرة الأولى في نوفمبر 2016 بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
واختفى منذ ذلك الحين عن الأنظار "لأسباب أمنية" بعد خلاف مع الجيش على حد قوله، ليعود إلى الواجهة في مطلع سبتمبر بنشره فيديوهات اتهم فيها الرئيس السيسي والجيش بالفساد وإهدار المال العام وتشييد القصور. وقال إن الجيش مدين له بـ 220 مليون جنيه (نحو 15 مليون دولار) لقاء بناء مشروعات أنجزتها "أملاك".
واتهم محمد علي السيسي بتشييد قصور رئاسية، ما جعل الرئيس المصري يرد ساخرا: "هو مفيش في مصر إلا قصور محمد علي؟" وذلك في إشارة لمحمد علي باشا لمؤسس مصر الحديثة ما بين عامي 1805 و1848.
وقال تامر عز الدين إن "عمل محمد علي كمقاول مع القوات المسلحة لم يكن معلوما حتى أفصح هو عنه". وأضاف: "إنه لا يمثل تهديد في حد ذاته [بالنسبة للسيسي أو الجيش] إلا أن المعلومات التي خرج بها عن الفساد إذا ما صحت فهي خطيرة وهزت ثقة البعض في النظام ورأسه ما استلزم رد السيسي مباشرة لنفي كل الاتهامات".
لكن، كيف ينظر إليه المصريون؟ يقول إن "ما يقال عنه متضارب بحسب التوجهات، فمؤيدو النظام يرونه جزءا من مؤامرة تقودها جماعة الإخوان، والمعارضون منقسمون بين من يرونه تجسيدا لتضارب المصالح في مؤسسات الدولة وبين من يراه شخصا مستقلا قرر المعارضة بسبب خسارته لمصالحه. وقليل لا يعنيه ما يمثله محمد علي لكن يهتم بمعرفة المعلومات التي يدلي بها".
وتابع تامر عز الدين قائلا إن "الدعوات للتظاهر، وإن لم تجد استجابة مستقبلا في ظل التشديدات الأمنية، إلا أنها قطعا تنهك الأمن".
من جهته، أن "لا أحد كان يتصور أن يبرز شخص في مصر ويتسلح بالشجاعة لمهاجمة السيسي بشكل مباشر"، مؤكدا أن "أشخاصا اختفوا أو قتلوا لأقل من ذلك بكثير". وأكد أن الرئيس المصري قد ألقى نوعا ما الضوء على محمد علي وأضفى مصداقية على أقواله بعد أن رد على اتهاماته علنا واعترف ببناء قصور للدولة. وكانت شركة محمد علي قد ساهمت في بعض مشاريع البناء هذه لحساب الجيش.
من جهتها، قالت الصحافية روث ميكايلسون من القاهرة إن "السلطات تفاجأت لخروج متظاهرين للشارع ساعات فقط بعد مباراة كرة بين غريمي القاهرة الأهلي والزمالك".
أما والد محمد علي، علي عبد الخالق، فقد تبرأ من نجله وقال إن اتهاماته باطلة.
وأثارت مواقف محمد علي كثير من التعليقات، لا سيما في مواقع التواصل الإجتماعي حيث اتهمه كثيرون بالسعي لـ "الثأر" من الجيش، فيما قال آخرون إنه لم يتهجم على النظام إلا بعد أن غادر البلاد.
محمد علي "وضع المصريين أمام مرآة ليروا حقيقة الأمور"
من جهته أشار محرر الشؤون الدولية خالد الغرابلي، إلى أن فيديوهات محمد علي كانت بمثابة "الوقود الذي أشعل الحطب"، مؤكدا أن "الحطب كان جافا ومستعدا للاشتعال". وأضاف الغرابلي إن ما قام به هذا الرجل هو "وضع المصريين أمام مرآة ليروا حقيقة الأمور" والحقيقة أن المصريين يرون أن "الجيش موجود في حياتهم اليومية والاقتصادية وبالتالي فسهل بالنسبة إليهم أن يصدقوا محمد علي".
وتابع خالد الغرابلي أن ما يزيد صدق المصريين لمحمد علي أن الرئيس السيسي أكد شخصيا أنه يبني قصورا للدولة، "في حين ارتفعت نسبة المصريين الذي يعيشون تحت خط الفقر إلى 32 في المئة أي بنحو 24 جنيها في اليوم" (ما يعادل تقريبا دولارا ونصف). وقال إن الشعب المصري، "الذي يدفع أكثر في فاتورة الكهرباء والغاز والبنزين والماء، ينتظر من الرئيس أن يحل له مشاكله اليومية وليس أن يبني قصورا".
وقد علق الرئيس المصري "السيسي" في 14 سبتمبر على اتهامات محمد علي له وللجيش بالفساد خلال مؤتمر للشباب حول نشر الشائعات والأكاذيب عبر الإنترنت، قائلا بالعامية المصرية: "نعم أنا عامل (شيدت) قصور رئاسية وهعمل (سأشيد) .. أنا أبني دولة جديدة ليست باسمي وإنما باسم مصر".
وعلى خلفية الاحتجاجات، اعتقلت السلطات المصرية أكثر من ألفي شخص بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان، وبينهم شخصيات معروفة مثل أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة وحازم حسني المتحدث السابق باسم رئيس أركان الجيش الأسبق سامي عنان ورئيس حزب الدستور السابق خالد داوود.
أوكي..