فتح الله أرسلان: الإعفاءات عمل سياسي الغاية منه التضييق على العدل والإحسان
أكد الأستاذ فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان والناطق الرسمي باسمها، في أول تصريح له بعد الموجة الثانية للإعفاءات التي شملت عددا من الأطر التربوية والإدارية أن عددها بلغ لحد الساعة “عشرين إعفاء جلها تنتمي إلى وزارة التربية الوطنية”، لتنضاف إلى الإعفاءات السابقة التي وصل عددها 157 إعفاء.
وأشار أرسلان، في استجواب مع قناة الشاهد الالكترونية، أن هذه الإعفاءات تميزها ثلاثة قواسم مشتركة:
– أولها: أنها “جاءت في فترة زمنية واحدة، ودفعة واحدة، وهمت مدن وإدارات مختلفة”.
– ثانيها: هي إعفاءات “كتبت بنفس الأسلوب، واستندت إلى نفس مبررات الإعفاء، مع اختلاف طفيف في التعبير واختلاف الموقعين عليها”.
– أما ثالث هذه القواسم المشتركة فهو طبيعة الأطر المستهدفة، فكلها “أطر فصيل سياسي واحد وهو العدل والإحسان”.
هذه القواسم المشتركة تؤكد حسب عضو مجلس إرشاد الجماعة أن هذه الإعفاءات ليست إجراء إداريا روتينيا عاديا مرتبطا بكفاءة هذه الأطر الذين شهد لهم زملاؤهم “بكفاءتهم العالية في حل مشاكل الإدارات التي يشتغلون فيها، بل تضامنوا معهم ببيانات وعرائض”. بل هي إعفاءات “كتبت بمحبرة واحدة، ومن مكان مركزي واحد، ولا علاقة لها بالإدارات المعنية التي اقتصر دورها على التنفيذ فقط، مما يفيد أنه عمل سياسي الغاية منه التضييق على فصيل سياسي لدفعه هو الآخر لركوب موجة السلطة”.
وقد وضّح الأستاذ فتح الله أرسلان، في ذات الاستجواب، أن هذه الإعفاءات تأتي في سياق منع الدولة لكل الأصوات الحرة والمخالفة، والتضييق على المعارضين والصحفيين والحقوقيين والنقابيين، بل امتد التضييق حتى إلى الشباب المدونين وغيرهم”. والعدل والإحسان، حسب نفس المتحدث دائما، نالها الحظ الوافر من هذا المنع والتضييق، “فإلى جانب الإعفاءات هناك قضية تشميع 14 بيتا من بيوت أعضاء الجماعة بدون سند قانوني، بل تركها عرضة للإهمال والسطو والسرقة رغم الشكايات المتكررة لأصاحبها إلى سلطات لا تحرك ساكنا في الموضوع، إضافة إلى ملفات أخرى كثيرة من بينها ملف الأخ عمر محب المحكوم ظلما وعدوانا بعشر سنوات سجنا نافذا قضى منها تسع سنوات بتهم ملفقة، وأساتذة كلية الطب وغيرها من الملفات”.
وتدل هذه الممارسات المتواصلة في حق العدل والإحسان على مسألتين أساسيتين، في رأي الناطق الرسمي باسم الجماعة:
– أولهما “أن النظام وفي لأسلوبه العتيق في تعامله مع الجماعة رغم حجم التغيرات التي تحدث من حوله”.
– وثانيهما أن “الجماعة ألفت هذه الممارسات منذ عشرات السنين، وأعضاؤها اكتسبوا مناعة ضدها لأنهم تعلموا في محاضن الجماعة أن “العدل والإحسان” مطالب عليا وسامية وتحقيقها لا بد له من ثمن وكلفة، فهم ماضون ثابتون مستعدون لتأدية كل الأثمنة”.
وتأتي هذه الإعفاءات لتزيد المشهد الحقوقي المغربي قتامة، ولتبين تناقض الخطاب الرسمي الذي يدعو من جهة إلى “الاهتمام بالأطر والعناية بالكفاءات وفتح المجالات أمامهما”، ومن جهة أخرى “تعفَى الأطر وتحاصر ويُحرم منها أبناء الشعب والبلاد”، حتى أضحى المغرب حسب أرسلان “يحتل الرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والرتبة 30 عالميا في هجرة العقول والأدمغة وكأن لدينا فائض منها”.
وينضاف هذا إلى انغلاق المشهد السياسي بفعل تخريب الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، واشتداد الأزمات الاجتماعية (واقع التعليم، الصحة…)، ليتساءل الأستاذ أرسلان بعد هذا كله: “عن أي بديل تنموي نتحدث إذن بعد الاعتراف الرسمي بفشل النموذج السابق؟ من ينهض بالبلاد؟ من يلبي انتظارات الناس؟”.
وختم نائب الأمين الاستجواب الصحفي بدعوته المسؤولين على هذا البلد لأن “يستفيقوا وينظروا في ما يحدث في محيطهم، وليقتنعوا أن وصفات القمع جربت واستهلكت”، ولينظروا إلى الجوار “فليس بالضرورة أن نمر من نفس مآسي تلك الشعوب لتحقيق الحرية والكرامة” داعيا الجميع إلى بدء “صفحة جديدة نضع فيها أيدنا في أيدي بعض لإنقاذ بلادنا”.
وحذر من أن استمرار الضغط على الشعب سيؤدي إلى الانفجار لا محالة، وأن القمع لن يفلح في كسر إرادة الشعوب، فقد يعطل المسيرة أو يضبب الرؤية لكن الكلمة الأخيرة هي للشعوب مهما طال الزمن أو قصر.
أوكي..