الخطاب الملكي ومعالم الدولة المرتقبة

الأنوال بريس - بقلم: ذ. فؤاد هراجة -
ثلاث عبارات مفاتيح في خطاب الملك ينبغي الانتباه لأبعادها في تحديد نمط الدولة المرتقبة وهي:
1- الموضوع او المصيري: النموذج التنموي الذي نطمح إليه: نموذج مغربي- مغربي خالص..
2- وإننا نتطلع أن يشكل النموذج التنموي، في صيغته الجديدة، قاعدة صلبة، لانبثاق عقد اجتماعي جديد...
3- كما أن هذه الفئات (الفقيرة) من جهتها، مطالبة بالمبادرة والعمل على تغيير وضعها الاجتماعي، وتحسين ظروفها. وكل هذه العبارات هي بمثابة علامات تشوير توجهنا صوب الوجهة التي تروم الدولة الإرساء على مرافئها؛ مسار تُحولنا الدولة خلاله:
- من دولة الرعاية ذات البعد الاجتماعي، إلى الدولة التأهيلية التي توفر الحد الأدنى من التأهيل للمواطن، وتتنصل من مسؤولياتها اتجاهه.
- ومن عقد اجتماعي على أرضية سياسية، إلى عقد اجتماعي على أرضية اقتصادية، الأمر الذي يفسر البحث عن الكفاءات الاقتصادية عوض الكفاءات السياسية.
وهو ما سيفسر طغيان الاقتصادي على السياسي، فالمداخل السياسية أصبحت في نظر أصحاب القرار ثانوية.
- من المقاربة المقارنة بين الاقتصاديات، إلى مقاربة محلية لا تطمح إلى موقع اقتصادي اقليمي على أقل تقدير، بل تسعى إلى سد حاجيات المواطن.
وبموجب هذا العقد الاجتماعي الجديد الأحادي الجانب، سيسدل الستار على مداخل الاصلاح السياسي، وسيغدو الواقع السياسي الحالي تحصيل حاصل، وسيكون المواطن مسؤولا عن نفسه، ومسؤولا عما سيؤول إليه وضعه.
وأن مسؤولية الدولة تتوقف عند تأهيله وإرشاده ودلالته على السوق. إننا نتجه صوب دولة السوق، دولة بدون واجبات و لا مسؤوليات. دولة مهمتها الأساسية تحويل كل مرافق الدولة العمومية إلى سوق للمشاريع الاقتصادية تُفتح في وجه الخواص، مع تحويل كل الأجراء إلى متعاقدين وأنصاف موظفين.
أما ما ورد ذكره من إنشاء لجنة تشرف على النموذج التنموي، والتركيز على التكوين المهني والعالم القروي...، ما هي إلا وسائل تقترحها المؤسسة الملكية، وليست غايات تستأثر بالمقام الأساس في التحليل السياسي.
لكن هذه الوسائل على تواضعها مقابل طبيعة حجم المشاريع الاقتصادية للدولة عادة، تكشف حتما تواضع النموذج التنموي المقترح. وعليه فإن الفاعل السياسي الراغب في تغيير المشهد السياسي الراهن، أرى أن عليه معرفة طبيعة الفعل السياسي الرسمي بغية تحديد أدوات ووسائل التغيير المناسبة للمرحلة الراهنة.
أوكي..