باشا زايو يغرق المدينة في الفوضى
الأنوال بريس -محمد الحيمر زايو -
يعتبر منصب الباشا من المناصب الاستراتيجية ببلادنا، حيث يختص بالمحافظة على النظام بتراب الجماعة، ويقصد منها السهر على حسن الاستقرار والأمن والصحة العمومية ويمارس سلطات المحافظة على النظام بسن أنظمة وفق ما يخوله له القانون، وبتدابير فردية كالأمر والمنع أو الترخيص.
ويمكن للباشا أن يعمل على أن ينفذ تلقائيا على نفقة المعنيين بالأمر ضمن الشروط التي تحدد بموجب مرسوم جميع التدابير التي تهدف إلى ضمان الأمن أو تسهيل المرور وضمان الصحة والنظافة العمومية.
وإذا كان للباشا كل هذه الأدوار داخل الجماعة، نتساءل نحن ساكنة مدينة زايو عن مدى تفعيل هذه الصلاحيات والاختصاصات من قبل باشا المدينة، إذ أن الواقع يوثق لفوضى متعددة الجوانب سكنت هذه البلدة وكأني بالباشا تخلى عما يخوله له القانون من اختصاصات، مانحا لرعاة الفوضى رخصة العبث بمصير أربعين ألف نسمة.
يقول المثل المغربي الشهير: “من الخيمة خرج يعرج”، هي حالة تنطبق عما يجري بزايو، فباشا المدينة منذ الوهلة الأولى اختار الإنصات لجهة واحدة، ناسيا أن المدينة بها مكونات عدة تنسج خليطا من مجتمع مدني واع بأدواره وشرس في الدفاع عن قضاياه.
فبعد شهرين من تعيين باشا زايو الحالي، منددين بسياسة “الأبواب الموصدة”، عبر مقال تحت عنوان: “فلسفة جديدة دشنتها السلطة المحلية بزايو في التعامل مع المجتمع المدني”، بالموقع الالكتروني المحلي وفيه تطرقنا إلى عدم وضوح معالم فلسفة السلطة الجديدة في التعاطي مع الشأن المحلي، بل أكدنا عدم وجود السلطة من الأساس ما أدى إلى تغييب شخصيتها المعنوية وكينونتها الاعتبارية.
المقال المذكور كتبناه بتاريخ 30 سبتمبر 2014، وبعد مرور قرابة الخمس سنوات لا زال الوضع كما هو، ولا زالت سياسة السلطة المحلية هي نفسها؛ مزيدا من الانغلاق ومزيدا من التهميش تجاه المجتمع المدني، والاكتفاء بالتعامل مع جمعيات بعينها معلوم من يقترحها، ونشير هنا إلى الغضب الصادر عن الجمعيات عقب الاجتماع الخاص بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والذي اتهمت خلاله عدد من الجمعيات الباشا بإقصائها.
وإذا كان الانغلاق سياسة متخذة بزايو من قبل السلطة فإن النتيجة الحتمية لهذا الواقع المر هي ما نشاهده يوميا من فوضى في كل الاتجاهات، بدء بالبناء العشوائي يضطر الساكنة زايو لدفع كرشاوى لرجال السلطة و أعوانهم حتى يتمكنوا من اقامة مساكنهم و قد ساهم الفساد المتفشي في الأوساط الادارية و السياسية في تفشي هذا النوع من السكن نظرا لما يمثله من وعاء انتخابي تلجا السلطات و المنتخبون الموالون لها لاستعماله في كل المحطات الانتخابية محلية وغياب الصيانة والتجهيزات العصرية إلى تدهور حالات المساكن حيث أصبح العديد منها مهددا بالانهيارتفتقر في كثير من الأحيان للخدمات الضرورية مثل الكهرباء ومياه الشرب وشبكة الصرف الصحي و يخفي مصطلح السكن غير اللائق حقائق متعددة و متباينة و هذا ما يجعل المتخصصين يختلفون حول تعريفه فعبارة " غير لائق " تعني وجود انماط من السكن تفشت في جل المدن المغربية بشكل غير عادي و استحوذت على اهتمام السلطات العمومية ، لكن دون ان يترجم هذا الاهتمام عبر نص تشريعي و تنظيمي خاص بالسكن غير اللائق .
لذلك فاننا لا نصادف اليوم تعريفا قانونيا للسكن غير اللائق لسبب بسيط هو ان المشرع المغربي لم يتصدى لهذا النوع من السكن من خلال نص تشريعي محدد و المصطلح ذاته لم ترد الاشارة اليه في النصوص القانونية الا مؤخرا من الميثاق الجماعي الجديد التي تحدد اختصاصات المجلس الجماعي في ميدان التعمير و اعداد التراب يقرر -اي المجلس – في انجاز برامج اعادة الهيكلة العمرانية و محاربة السكن غير اللائق و حماية و اعادة تاهيل المدن العتيقة و تجديد النسيج العمراني المتدهور .
اختصاصات رئيس الجماعة الذي له الحق في ان " يقترح كل الأعمال التي من شانها لانعاش السكن و تحسين مستوى الحياة و حماية البيئة و ان يبدي رايه حول برامج اعادة الهيكلة و القضاء على السكن غير اللائق و حماية و إعادة تأهيل المدينة واعادة تجديد النسيج العمراني .
أين دور السلطة المحلية والمنتخبون ؟ غياب التكوين التقني والقانوني لدى المنتخبين وبعض المسؤولين عن القطاع التعمير من اجل تحقيق أغراض ذاتية وأهداف انتخابوية على حساب المصلحة العامة تظل مقتصرة على الوثائق والمستندات أكثر من ارتكازها إلى المراقبة في عين المكان عدم التطبيق الصارم لزجر المخالفات الناتجة عن عدم احترام ضوابط البناء العامة وقوانين التعمير ما يفسر محاضر المخالفات التي تظل رهينة الرفوف وعدم إرسالها إلى وكيل الملك كما تنص على ذلك القوانين الجاري بها العمل عدم اعتماد دفتر التحملات وغياب التتبع والمراقبة التقنية من قبل المصالح المختصة هو تساؤل دائم من قبل ساكنة زايو، لا سيما مع الانتشار المرعب للبناء العشوائي بكل محاور المدينة، وعلى أطرافها، بل وحتى بالقرب من مراكزها الحيوية، فهل يعقل أن يقع كل ذلك بعيدا عن أعين السلطة؟ قطعا لا.. وبالتالي ما سبب هذا التغاضي الأعمى عن ظاهرة تسير بلادنا بخطى حثيثة نحو القطاع حيث استفاد المنعشون العقاريون من مجموعة من الامتيازات و تفويت أراضي الدولة لفائدة المنعشين العقاريين في اطار الشراكة بين القطاع الخاص و الدولة .
من خلال المهام التي أسند على المجالس الجماعية وتحديدا في شخص رئيسها هو مسايرة التطور العمراني السريع وضبط حركة البناء في إطار قانوني ورقابة إدارية وتقنية فعالة وتسهيل الإجراءات المعتمدة في تدبير ملفات الحصول على رخص البناء خصوصا ما يرتبط بملكية العقار والتصاميم النموذجية و مراجعة الرسوم المفروضة لفائدة الجماعات.
إن المستفيد من البناء العشوائي معروف لدى الكل، لكن ما يجري مسؤولية السلطة المحلية، وكل بناء يظهر هنا دون التوفر على الشروط القانونية ما كان ليشيد لولا غض الطرف من قبل السلطة، ونحن إذ نورد هذا نتساءل؛ كيف لأجهزة الرقابة أن تضع يدها على البناء العشوائي بمدن لا يصل فيها حجم الظاهرة إلى ربع ما يقع بزايو بينما ينشط سماسرة العقار ولوبيات الفساد بحاضرة أولاد ستوت وكبدانة دون تدخل من الأجهزة المركزية؟حيث نجد احياء منظمة نسبيا طبقا لتصاميم هندسية كما نجد احياء تلقائية بدون اي تصميم مسبق غير انه لا يعاني من ظاهرتي الاكتظاظ و ضيق الطرق بنفس الحدة.
رصيف زايو هو الآخر شاهد على فترة “السيبة” التي تقضيها زايو تحت قيادة الباشا الحالي، فبعد مرحلة تم خلالها استعراض عضلات السلطة على أصحاب “الباشات”، سرعان ما عادت الفوضى لتستتب وسط أزقة وشوارع المدينة، بعودة احتلال الأرصفة بصورة أقوى مما كان في السابق، حتى أن من المقاهي من أغلقت كافة الرصيف، ومن المحلات من لم يكتف بالرصيف لينتقل إلى احتلال الطريق.
لكن الطامة الكبرى؛ طريقة التعامل الشاذة التي تنهجها سلطات زايو مع الباعة الجائلين، فرغم معرفتها بخفايا القضية ومن يحرك هذا المجال ومن يستفيد من الفوضى، ومن يشجعها إلا أنها تظل مغمضة العين، وكأني بها طرف داعم للفوضى.
ألا تعرف سلطات زايو كيف يتم تحريك الباعة الجائلين من قبل عدد محدود من “الخضارة” الذين يمولون أصحاب العربات بالسلع لينتشروا بشوارع المدينة؟ ألم يجتمع باشا المدينة بعدد من المتهمين بنشر الفوضى في فترة من الفترات حين اشتد الاحتجاج على هذا الملف؟ لماذا تصر السلطة على الإبقاء على وضع السوق الأسبوعي يوم الخميس في منتهى تجليات الفوضى؟
إن على رجل السلطة أن يكون مبادرا لا ينتظر تحركات الجماعة أو يظهر بمنتهى الدونية، ومن يفعل ذلك يعتبر رجل سلطة فاشل، بل رجل سلطة حط من كرامة منصب يحتفظ المغاربة له بكامل الهيبة والوقار.
على باشا زايو أن يساير حيوية عامل الإقليم الذي أظهر مرارا نشاطا كبيرا في التعاطي مع الشأن العام بمختلف جماعات إقليم الناظور، أما إن استمر الحال هكذا، فإن زايو ماضية نحو مزيد من الفوضى.
أوكي..