عزل الرئيس بوتفليقة هل سيؤدي فعلا إلى تحقيق مطالب الشارع الغاضب وإنهاء الأزمة ؟؟؟

وكأن الجميع في الجزائر كان ينتظر فقط "دفعة" من قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح حتى تتوالى ردود الأفعال المؤيدة لعزل بوتفليقة بما في ذلك من جهات وشخصيات كانت حتى الأمس القريب محسوبة على الرئيس. فالحزب الحاكم نفسه دعم توجه الجيش، كما أيده في ذلك شريكه الأبرز في الائتلاف الحاكم حزب التجمع الوطني الديمقراطي.
بيد أن المواقف تباينت على مستوى المعارضة والشارع؛ فبينما رحب البعض بهذه الخطوة معتبرا إياها مكسبا وخطوة نحو الأمام ومؤشرا على عدم انحياز مؤسسة الجيش للرئاسة، وجد آخرون أن هذه المبادرة تأتي متأخرة وكان يجب العمل بها قبل خمس سنوات عندما أصيب الرئيس بجلطة دماغية وأصبح ظهوره نادرا، هذا بالإضافة إلى الإشكاليات القانونية التي تحيط بهذه الخطوة والتي من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة إنتاج النظام الحالي.
فما الذي يسعى إليه الجيش من خلال هذه المبادرة، وهل تكون فعلا بداية حل للأزمة أم إعادة إنتاج النظام القائم؟
إشكاليات دستورية ومشهد معقد
التطورات الأخيرة في الجزائر تطرح إشكالات دستورية كبيرة بدءا من التعديلات المتكررة التي خضع لها الدستور، دون أي استفتاءات شعبية، والتي بموجبها استطاع بوتفليقة مثلا الترشح لولاية ثالثة ورابعة ثم الخامسة التي أفاضت الكأس، إلى مسألة تفعيل المادة 102 من الدستور التي دعا إليها قائد الجيش.
وحسب المادة 102 من الدستور المعدل في 2016يجتمع المجلس الدستوري في حالة عجز الرئيس عن أداء مهامه للتأكد من المانع ويقترح الأمر على البرلمان بغرفتيه للتصريح بثبوت المانع. بيد أن تطبيق هذه المادة دونه إشكاليات لعل أبرزها أن رئيس مجلس الأمة الحالي، عبد القادر بنصالح، الذي يفترض أن يتولى تلقائيا رئاسة البلاد في الفترة الانتقالية، عند عزل بوتفليقة له جنسية جزائرية مكتسبة وليست أصلية وهو ما يخالف الدستور. وحتى تدخل أحمد قايد صالح نفسُه اعتُبر غير دستوري ولا يدخل ضمن صلاحياته كقائد للجيش.
ويرى سمير بلعربي، الناشط السياسي وأحد أبرز وجوه الحراك الجزائري، في هذا التدخل "التفافا على مطالب الشعب" على اعتبار أن تفعيل المادة 102 من الدستور ستعني أن المرحلة القادمة ستُقاد من وجوه تعتبر من رموز النظام وبالتالي لن يحدث التغيير الجذري الذي يسعى إليه الشارع. ويشرح بلعربي ذلك في حوار لـDW عربية بالقول :"تفعيل هذه المادة يعني أن من سيتولى رئاسة البلاد الآن هو رئيس مجلس الأمة وهو محسوب على النظام كما أنه مع هذه المادة لا يمكن عزل الحكومة الحالية بقيادة بدوي الذي يطالب المتظاهرون كذلك برحيله. بالتالي كيف ننتظر أن يحدث تغيير؟".
مخاوف واحتمالات أخرى يشير إليها الناشط الجزائري وهي أن الرئيس بنفسه قد يعزل الآن قائد الجيش، وقد يخلص المجلس الدستوري في نهاية المطاف إلى أن الرئيس قادر على أداء مهامه. "ماذا سيحدث في هذه الحالة؟ سنعود إلى نقطة الصفر."، يقول سمير بلعربي.
لكن محمد بشوش، أستاذ العلوم السياسية، يقول إن الجيش لم يكن يملك خيارا آخر. ويشرح ذلك في تصريحات لـ DW عربية بالقول: "المؤسسة العسكرية أعطت الوقت الكافي لجناح الرئاسة لإعلان استقالة بوتفليقة لكنهم تعنتوا وحاولوا تأجيل الانتخابات وتمديد الولاية الرابعة. وكان يفترض دستوريا أن يُفعل المجلس الدستوري المادة 102 ولكن هذا المجلس يترأسه أحد المقربين من بوتفليقة. بالتالي المجلس هو من يتحمل مسؤولية تأخير تفعليها لتضطر بعدها المؤسسة العسكرية للتدخل".
ورغم التعقيدات القانونية التي تحيط بمبادرة قايد صالح، يرى بشوش أنها تبقى الحل الأفضل حاليا، ويضيف: "البرلمان لا يؤدي دوره والمجلس الدستوري كذلك، والرئاسة معطلة والأحزاب عاجزة. نظام الرئيس بوتفليقة سيسوقنا إلى حالة لا يمكن فيها الاستناد إلى أي نص دستوري إلى حلها. بالتالي ينبغي العمل على حل سياسي قد يُبنى بشكل جزئي على نصوص أو اجتهادات دستورية مع مراعاة مطالب المتظاهرين".
أوكي..