مشروع "بورصة البواكر" باشتوكة آيت باها لم يرى النور منذ 22 سنة ولأسباب غامضة (التفاصيل)
الانوال بريس مراسلة من أكادير-عبد الرحيم ادبلقاس-
تعيش عدة مشاريع تنموية بجهة سوس ماسة تحت وطأة الانتكاسة، بعدما لم يتم إكمال تنفيذها، أو اكتملت ولم يتم إعطاء انطلاقتها، مثل العديد من المركبات التنموية بأكادير الكبير، ومشروع بورصة البواكر باشتوكة، ودار الفنون بقلب مدينة أكادير، وغيرها.
ومن بين أكبر هذه المشاريع الفاشلة، بورصة البواكر بإقليم اشتوكة باها، التي لا شيء يشهد على وجودها، سوى بناياتها المهجورة ولافتة صدئة موضوعة على مدخلها، بعدما كانت الآمال معلقة على هذا المشروع ليكون رافعة للتنمية الاقتصادية بجهة سوس ماسة، في منطقة تعتبر القلب النابض للإقليم، والتي تعتبر همزة وصل بين شمال المغرب وجنوبه، بالإضافة إلى قربها من مركز الجهة وأهم بنياتها، كالميناء التجاري لأكادير والمطار الدولي المسيرة.
فمنذ وضع الأسس الأولى لإنجازه، سنة 1996، ظل هذا المشروع يرزح تحت وطأة سوء التدبير، بعدما لم تنتج أي من المقاربات التي وضعها المسؤولون الترابيون الذين تعاقبوا على المنطقة، أية حلول واقعية لإعطائه انطلاقة حقيقية مشبعة بروح دينامية اقتصادية من شأنها تنشيط مسالك التسويق والتصدير، وفتح المجال أمام المنتجين لعرض وتسويق منتوجاتهم في ظروف سليمة تستجيب لمعايير العصرنة والتنظيم الجيد، وذلك نظرا إلى التراكمات السلبية التي طالته، وفشل كل المقاربات السابقة في إخراجه كمشروع متكامل.
هذا، ويجب التذكير بأن إحداث “بورصة البواكر” جاء في المقام الأول لوضع حد لمعاناة فلاحي اشتوكة أيت باها مع التسويق، نتيجة انعدام الأسواق المركزية التي يمكنهم اعتمادها في تسويق منتوجهم الفلاحي، حيث كان هذا المنطلق هو السبب الرئيسي وراء التفكير في إنجاز سوق الجملة للخضر والبواكر، والذي كان يجب أن يخضع لمعايير حديثة، مثل تلك المعمول بها في كثير من البلدان الأوروبية.
وقد تم إنشاء المركب التجاري “بورصة الخضر والبواكر” بمبادرة من الجماعات المحلية، وفق مقاربة عصرية جديدة، على مساحة إجمالية تناهز 17 هكتارا، حيث كانت الأهداف تصب في اتجاه جعله ملتقى للتبادل التجاري بين شمال المغرب وجنوبه، بعد تقسيمه إلى 286 بقعة مخصصة لبناء محلات تجارية، بالإضافة إلى إحداث عدة مرافق، ضمنها مقاه وفندق ومحطة للوقود، ومستودعات تبريد وتخزين، وإنجاز كل التجهيزات الأساسية، من تطهير وإنارة وماء وهاتف وإدارة وطرق داخلية وغيرها، بعدما أوكلت مهمة التتبع إلى مجموعة الجماعات “المستقبل”، التي تتكوّن من ست جماعات، هي بيوكرى، واد الصفا، سيدي بيبي، بلفاع، إنشادن وأيت اعميرة، التي يوجد المشروع في نفوذها الترابي. ورغم أنها فتحت أبوابها رسميا، سنة 2007، أمام فلاحي المنطقة ومنتجيها، لعرض وتسويق منتوجاتهم، إلا أن هذه الخطوة لم تدم طويلا، إذ أن البورصة ظلت ترزح تحت ثقل عدة مشاكل معقدة، مرتبطة أساسا بعملية استخلاص دفعات بعض البقع ودفعات البناء، وصعوبة الاتصال والتواصل مع المستفيدين المنتمين إلى عدة مدن، كالدار البيضاء ومكناس وفاس والداخلة والعيون وكلميم وغيرها. وعزا بعض المتتبعين فشل انطلاق العمل بالبورصة بالشكل الذي أريد له، إلى أن واضعي المشروع لم يأخذوا بعين الاعتبار مهنيي القطاع من الفلاحين والتجار، إذ هيمن “التهافت” على المحلات التجارية من طرف أشخاص من كل المناطق المغربية، وأغلبهم لا تربطهم بالقطاع أي صلة، مما أدى إلى تعريض المشروع لحالة من الجمود، بعدما ظلت المحلات التجارية به مغلقة.
هو إذن مشروع ضخم، تتعلق عليه الآمال كقاطرة للتنمية بجهة سوس ماسة، كما يعول عليه لإنعاش حركة الرواج التجاري بإقليم اشتوكة أيت باها، وينتظر تظافر جهود كل الأطراف المعنية لوضع استراتيجية جديدة، كفيلة بضخ دماء جديدة في شرايين هذا المرفق الاقتصادي وإخراجه من حالة الجمود التي يرزح تحتها، وبالتالي تحريك عجلة انطلاقه وإنقاذه من الشلل الذي أصيب به منذ أكثر من 22 سنة.
أوكي..