باسك منار: يطالب في المغرب بإعداد وثيقة من أجل الديمقراطية
الأنوال بريس -متابعة -
طالب قيادي في جماعة العدل والإحسان، وهي أكبر جماعة مغربية إسلامية معارضة وشبه محظورة، بإعداد وثيقة للمطالبة بالديمقراطية ومن أجل الديمقراطية في المغرب، وثيقة تحظى بإجماع المغاربة ومن خلال مؤسساتهم وهيئات سياسية ونقابية ومدنية وثقافية وعلمية تمثلهم، وثيقة تؤسس لمؤسسات ومبادئ وآليات للحد من الفساد والاستبداد، وقال: في غياب ذلك تبقى الكثير من الكلمات الكبيرة محط تساؤل، بما في ذلك كلمة "الاستقلال"، ودعا إلى وعي "استثنائي" يجعل إمكانية إخراج هذه الوثيقة أمراً ممكناً.
تدوينة محمد باسك منار، وهو عضو الأمانة العامة للجماعة جاءت بمناسبة احتفال المغرب بذكرى 11 يناير لتقديم وثيقة الاستقلال بعدما يزيد عن سبعة عقود من وثيقة المطالبة بالاستقلال لا يزال المغرب في حاجة ملحة إلى وثيقة المطالبة بالديمقراطية.. محدداً سمات هذه الوثقية بأن تكون وثيقة يجمع عليها المغاربة شعبياً، ومن خلال من يمثلهم من مؤسسات وهيئات سياسية ونقابية ومدنية وثقافية وعلمية.. ومن خلال شخصيات وطنية صادقة، وثيقة المطالبة بالديمقراطية.. من أجل الديمقراطية، بما هي مبادئ ومؤسسات وإجراءات تحد من حيث المبدأ وبالتطبيق السليم، من الاستبداد والفساد ..، وقال في تدوينته: إلى ذلك الحين تبقى الكثير من الكلمات الكبيرة محط تساؤل بما في ذلك كلمة "الاستقلال".
وقال باسك منار، أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاضي عياض في مراكش، حول ملامح هذه الوثيقة ومن سيعدها، إنه يميز بين وثيقتين، إحداهما مذهبية والثانية سياسية وهي الوثيقة الدستورية، عادة هناك تمييز بين وثيقتين في البلدان التي يكون بها انتقال ديمقراطي، وثيقة مذهبية ثم وثيقة سياسية، الوثيقة المذهبية هي عبارة عن ميثاق أو عهد بين القوى الموجودة في البلاد، مثلاً في تجربة جنوب إفريقيا كان هناك اتفاق بين الأحزاب من أجل المبادئ التي تؤطر الدستور، والشيء نفسه في التجربة الديمقراطية الإسبانية فقد كان هناك اتفاق ثم بعد ذلك أتت الوثيقة الدستورية، إذن فالوثيقة المذهبية تحدد فيها الأمور التي يجب أن يكون عليها الدستور والطريقة التي يأتي بها هذا الدستور.
وحول ما إذا كان دستور 2011 الذي يعتبر ثمرة الربيع المغربي، يجيب على المطلب الذي طرحه القيادي بالجماعة أوضح منار أن "دستور2011 هو وثيقة سياسية بقيت في طريقة وضعها غير ديمقراطية، لأن هناك هيمنة للمؤسسة الملكية على باقي المؤسسات"، مضيفاً أن كل الباحثين الدستوريين يجمعون على أن هذا الدستور هو دستور غير ديمقراطي لأنه وضع بطريقة غير ديمقراطية، وفي المضمون نجد أن المؤسسة الملكية تهيمن على عديد من السلطات، مؤكداً بعد مضي ثمانية سنوات على هذا الدستور أن التأويل الديمقراطي للدستور الذي أمل بعض الفاعلين السياسيين في تحققه لم يتحقق حتى الآن، بل تحققت أمور أثبتت التأويل السلطوي للدستور وليس الديمقراطي.
وأضاف المختص في القانون الدستوري أن "حركة عشرين فبراير" الشبابية التي جاءت في سياق الربيع العربي 2011، قدمت وثيقة، لكنها لم تكن تجسيداً للكتلة بمفهوم محمد عابد الجابري أو الجبهة، والمشكل في المغرب هو اختلال في موازين القوى لصالح جهة يتضح الآن أنها لا تريد الديمقراطية ولا تريد اقتسام السلطة وتداولها بشكل سلمي وديمقراطي، ولا يمكن أن يتحقق هذا التغيير لميزان القوى إلا بتكتل القوى التي تريد الذهاب بالمغرب نحو الديمقراطية باختلاف انتماءاتها الإيديوليوجية"، موضحاً أن العائق الذي يحول دون تحقق هذه الجبهة التي يتحدث عنها الكثير من الفاعلين السياسيين المعارضين بالمغرب ومن ضمنهم جماعة العدل والإحسان أننا "ما زلنا جميعاً لحدود الساعة لا نميز بين أمرين، لا نميز أن هناك أموراً يمكن أن نتفق عليها وأموراً مشتركة تتعلق بتدبير الاختلاق وبمبادئ نتقاسمها جميعاً يمكن أن تؤطر النظام السياسي، وبأن هذا المشترك لا ينفي وجود اختلافات إيديولوجية وفكرية"، مضيفاً "والذي يحدث أننا نغلب الاختلافات الإيديولوجية بحيث لا نرى الأمور التي هي مشتركة بيننا ولا نجعل من الاختلاف بيننا اختلافاً فيه تكامل واختلافاً تنافسياً، فما زالت القناعات الإيديولوجية والمرجعية التي هي حق، هي الغالبة في النقاش"، غير أن شرط بقاء هذه الاختيارات نفسها هو الاختيار الديمقراطي الوطني، وهو اختيار مبادئ وإجراءات ينبغي أن تؤطر النظام السياسي في المغرب، ولتجسيده يحتاج ذلك تحقيق التقارب بين مختلف القوى لتفهم بعضها بعضاً. ما نعانيه من شرخ هو نتيجة استراتيجية يعمل بها المخزن، وهي استراتيجة "فرق تسد"، بمعنى أن المخزن اشتغل تاريخياً بهذه الفكرة، إشاعات.. وإشاعات متبادلة، وهذا أمر يصعب التقارب، ولا بد من وعي استثنائي يميز بين الخيارات الفكرية والقواسم المشتركة، هذه البيئة تحتاج إلى قواعد، والمطلوب هو أن نتفق على هذا الإجراء، وبعد ذلك تتنافس المشاريع، دون هذا الوعي الاستثنائي سيبقى دائماً ميزان القوى مختلاً
أوكي..