المغرب يخلد ذكرى وفاة الحسن الثاني رحمه الله

الانوال بريس
يخلد المغاربة ذكرى مرور 20 سنة على وفاة الملك الحسن الثاني.
صحيح أنه، جسديا، لم يعد معنا، لم يعد هناك ذلك الملك، الذي يملأ الدنيا ويشغل الناس، الذي قاد المغرب والمغاربة زهاء 38 سنة، ووازن حكمه بين الشدة واللين، والصرامة والانفتاح، والأصالة والتجديد، والتمسك بالدين، والتشبث بالدنيا.
ولسبر اغوار حياة هذا الرجل العظيم والملك الكبير ،كان لابد من التعرف على مساره منذ النشأة الاولى،إلى يوم وفاته مرورأ بمحطات بقيت خالدة في حياة المغاربة ككل.
ولادة ،ونشأة أمير في وطن مستعمر
ولد الملك الحسن الثاني يوم 9 يوليوز 1929بمدينة الرباط ،وقد حرص والده جلالة المغفور له محمد الخامس على ان ينشئه على القيم الإسلامية والعربية، والوطنية الأصيلة من جهة،وعلى مبادئ الإنفتاح على الحضارة الإنسانية المعاصرة من جهة أخرى،كما حرص محمد الخامنس رحمه الله على أن ينهل الأمير من الثقافة الفرنسية ومبادئها العلمية والثقافية
ولكي يبلور المرحوم المغفور له جلالة الملك محمد الخامس هذه الرؤية التي تمكن الامير مولاي الحسن من التشبت بهويته العربية الإسلامية، ألحقه أولا بالمدرسة القرآنية بالقصر الملكي سنة 1934، حيث تمكن من حفظ القرآن الكريم، وتشرب لغته ومعانيه في سن مبكرة. ثم ولج بعد ذلك أسلاك التعليم العصري، وتوّجه بالحصول باستحقاق على شهادة البكالوريا سنة 1948، وأتم تعليمه الجامعي بتفوق في مدينة بوردو الفرنسية،حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام سنة 1951.
عايش الحسن الثاني رحمه الله أجواء الحماية المفروضة على المملكة المغربية منذ سنة 1912، وما رافقها من ردود فعل.وقد نما مولاي الحسن وترعرع في خضم مقاومة المستعمر الفرنسي والإسباني، وتنامي الحس الوطني في كل أنحاء المغرب، فانخرط منذ نعومة أظافره في العمل الوطني مع والده، منشغلا بمستقبل الوطن، حريصا على بناء الدولة المغربية بما يوافق أصالة تاريخها ، و يساير التطورات التي جدت خلال فترة ما بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
لقد تمكن المغرب، بفضل السياسة الحكيمة التي كان ينهجها جلالة المغفور له الحسن الثاني، من تحقيق الوحدة الترابية للمملكة، في مسيرة سلمية شهد العالم أجمع بعبقرية مبدعها، علاوة على تثبيت ركائز دولة المؤسسات والحق والقانون، مما أهل المملكة لاحتلال موقع متميز على الساحة الدولية بل وتساهم بشكل ناجع في إرساء السلم والأمن في مختلف بقاع العالم، لا سيما وأن الملك الراحل كان على الدوام قبلة استشارة دائمة للعديد من زعماء وقادة الدول.
وبالفعل، فقد طبع الملك الراحل التاريخ الحديث للمغرب من خلال ما حققه من تنمية اقتصادية واجتماعية للمملكة عكستها الإصلاحات العميقة التي باشرها والأوراش الكبرى التي أطلقها حتى أصبح المغرب مضرب المثل كبلد عصري وصاعد استطاع أن يوفق بين الأصالة والمعاصرة، تصورا وممارسة.
وهكذا، قام جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، بإرساء المؤسسات الديمقراطية وتعزيز الحريات العامة وترسيخ حقوق الإنسان وتشجيع الإبداع على المستويات الثقافية والمعمارية والفنية والرياضية.
وجاءت مراسم التشييع المهيبة وغير المسبوقة لجنازة جلالة المغفور له الحسن الثاني لتترجم بصدق تلك العروة الوثقى التي كانت تربط الشعب المغربي بالملك الراحل، حيث خرج أزيد من مليوني مغربي إلى شوارع العاصمة التي استقبلت حشودا من مدن أخرى، كثير منها حل راجلا من مدن مجاورة، لوداع عاهلهم الراحل، ولتجديد تأكيد وفائهم الدائم لذكراه وعهدهم على مواصلة الطريق مع وارث سره صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل صالح الأمة المغربية والسلم والوفاق الدوليين.
أوكي..