مهرجان الحرية : لا ديمقراطية بدون تنمية
الأنوال بريس
اختتمت أول أمس السبت بالعاصمة المغربية الرباط أشغال مهرجان الحرية الذي نظمه المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل تحت شعار "أي دور للمؤسسات في عملية الإنتقال الديمقراطي؟
المهرجان الذي عرف مشاركة العديد من الخبراء الاقتصاديين و المفكرين الغربيين و العرب وكذلك بعض فاعلي المجتمع المدني ساءل دور المؤسسات في تكريس الديمقراطية بالعالم العربي اعتماد على المقارنة بين تجارب إنسانية مختلفة.
و في هذا السياق عاد شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، إلى واقع العالم العربي بعد سبع سنوات على اندلاع الحراك العربي وما عرفه من تحديات كان أبرزها الثورة المضادة التي أجهضت حلم التغيير والحرية والسعي نحو بناء دول أكثر عدل و ديمقراطية.
و أشار ذات المفكر إلى أنه لا مستقبل للعالم العربي بدون ديمقراطية ومؤسسات مؤطرة لها وخالقة لسلم اجتماعي بالرغم من العراقيل والصعوبات التي حرفت قطار الربيع عن مساره مستشهدا بنموذج الثورة الفرنسية التي تعتبر كمثال رائد في مسار التحولات السياسية و الديمقراطية.
و وفي موضوع ذي صلة، أشار بييار جاريلو أستاذ الاقتصاد في جامعة إيكس مارسيليا بفرنسا أن الديناميكية الاقتصادية والفكرية التي ساهمت في تطوير مفهوم الحقوق الفردية كانت عاملا أساسيا لأن تحقق فرنسا تقدما على المستوى الاقتصادي و السياسي معتمدا المقاربة التاريخية في عرض تاريخ تطورها المؤسساتي.
وفي نفس السياق، تطرق إنريكو كولومباتو، أستاذ الاقتصاد بجامعة تورينو إلى التجربة الايطالية. فيما تناول توم بالمر، نائب الرئيس التنفيذي للبرامج الدولية في شبكة أطلس الدولية، دور المؤسسات غير الشكلية والشكلية كالدساتير في إرساء قواعد مجتمع مفتوح ومزدهر وإنتاج مؤسسات قانونية وسياسية يمكنها الحد من الاستبداد الذي ينشأ بسبب توغل الحكومات وخروجها عن أدوارها المنوطة بها. ورصد بالمر ارتفاع تيارات الشعبوية بالعالم التي تؤسس لحكومات ذات سلطة مطلقة وغير خاضعة للمساءلة والمراقبة، معتبرا أن الحكومة المحدودة هي جوهر الديمقراطية الليبرالية الدستورية.
وفي منحى آخر، ذكر هشام الموساوي، مدير مؤسسة إفريقيا حرة، أن غياب الحرية الاقتصادية بالعالم العربي هو العامل الأساسي في فشل النماذج التنموية العربية، باعتبارها رافعة أساسية ومهمة في خلق نمو شامل و ذاتي المنشأ و أنها كذلك مدخل أساسي لتحقيق الديمقراطية بدول المنطقة مستدلا بتجربة التشيلي و فينزويلا.
أما أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس الرباط، حسن طارق فقد أبرز مسببات ضعف الإطار المؤسساتي وفشل مقاصد الربيع العربي. وعزا المتحدث ذلك إلى غياب اللحمة الاجتماعية الذي أدى إلى استقطاب سياسي و هوياتي أدى إلى تآكل الثقة بين الأفراد و المؤسسات، و هو ما أشار إليه كذلك د.كمال الفايد البصري مدير المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي في ما يخص المفارقة العراقية التي تتسم بديمقراطية بدون مؤسسات و التي أدت إلى فشل الجهود التنموية للحكومات العراقية بعد سنة 2003 بالرغم من توفر العراق على امكانيات مالية هائلة التي وفرتها الثروة النفطية. ، و اعتبر أن بناء مؤسسات قوية هي الضامن للنمو اقتصادي شامل و المدخل الجوهري لإقامة حكم قوامه الحق و القانون المفكك لاحتقان الطائفي بالعراق و في محور آخر أشار محمد تمالدو المفكر و السياسي المغربي إلا أن الديمقراطية والنمو الاقتصادي يجب أن يكمل بعضهما بعضا و أن أي ديمقراطية لا تنتج نموا فهي قاصرة و مشوهة .
وأنهى المؤتمر أشغاله أمس السبت بتكريم عدد من مراكز الأبحاث العربية بالإضافة إلى تكريم شخصية السنة حيث وقع الاختيار على المفكر الكويتي من أصل فلسطيني شفيق الغبرا كشخصية السنة. وذكرت ورقة أعدها المركز العلمي العربي حول شخصية السنة شفيق الغبرا “بأنه يعتبر واحدا من المفكرين العرب الذين نذروا حياتهم للدفاع عن الفكر الحر من خلال كتبه ومن خلال عشرات المقالات والحوارات والمشاركات الإعلامية”.
يذكر أن مهرجان الحرية الذي ينظمه المركز العلمي العربي تقليد سنوي يسعى من خلاله المركز إلى تسليط الضوء على واقع العالم العربي من خلال استحضار التجارب المقارنة، ويعرف منذ انطلاقته مشاركة خبراء دوليين، حيث سبق وأن شارك في نسخته الثالثة مؤسس ومدير معهد آدم سميث الاقتصادي البريطاني إدموند باتلر، ومن ألمانيا حاضر في المهرجان السابق، أستاذ جامعة إنغولشتات البروفيسور أندري هابيش وفعاليات علمية دولية مرموقة .
أوكي..