الشمع_والطاعة نقطة نظام! ذ. فؤاد هراجة
الأنوال بريس -ذ. فؤاد هراجة باحث في الفلسفة السياسية-
خرجت علينا اليوم بعض المواقع الإلكترونية بمقالات تكذب رواية جماعة العدل والإحسان بخصوص تشميع بيت عضو مجلس شوراها السيد لطفي حساني بمدينة وجدة. وحاولت هذه المواقع من خلال بعض الصور التي حضيت بها من طرف المخزن "الكريم"، إقناع الرأي العام أن الأمر لا يتعلق بسكن بقدر ما يتعلق بدار للعبادة وأن المخزن كان محقا في تشميعه وهدمه.
ونحن نتابع كرأي عام هذه الرواية التي اعتمدت صورا مجتزأة من البيت، لا يسعنا إلا أن نطرح الأسئلة التالية:
- أليس من حق كل مواطن أن يتصرف في بيته كما يشاء، وأن يهيئه حسب ذوقه، وأن يقتني له الأغراض التي يريد؟
- أليس من حق كل مواطن أن يستضيف في بيته ما شاء له من ضيوف ومتى أراد؟
- أليس من حق كل مواطن أن يفعل ما يشاء داخل بيته ما لم يمس بحريات الآخرين؟
- ألا توجد بيوت فاخرة وفخمة في المغرب تتوفر على المسابح والملاعب وقاعات للرياضة، بل وتتوفر على "ميني بار" يستضيف فيها أصحابها، وهم أحرار في ذلك، ضيوفهم للسمر ولعب القمار...، لماذا لا تتدخل أجهزة المخزن لتشميعها وهدمها بدعوى أنها دور لِلَّهِْو لا تتوفر فيها الشروط القانونية؟ مع العلم أن مثل هذه الأماكن وأقصد بها الحانات ودور اللهو، تبقى مفتوحة ومسموح بارتيادها 24س/24س و 7اليوم/7اليوم. على عكس المساجد التي تغلق مباشرة بعد الصلوات الخمس.
والسؤال أين يمكن للمواطنين المسلمين أن يجتمعوا لتعلم مبادئ الإسلام السمحة، وأين سيجلسون للبحث عن سكينة أنفسهم وطمأنينتها، بُغية التخلص من كل مشاعر الكراهية التي أصبح المجتمع يكتوي من فرط تفشيها؟ ثم أين يمكن لجماعة من الناس أن تعتكف في رمضان وغيره بحثا عن صفاء النفس، وتخلصا من ضوضاء العالم، بعدما منع المخزن الاعتكاف في المساجد، والجلوس للذكر في المساجد، وإقامة حلق العلم بالمساجد...؟ إن تأميم المسجد والسيطرة عليه من طرف المخزن، وسيادة الإسلام الرسمي وخطاب السمع والطاعة، هو الذي أرغم بعض المغاربة على تخصيص أجزاء من بيوتهم للذكر والتعليم والاعتكاف. ولهم كامل الحق في ذلك ما دام كل واحد من هؤلاء يفتح بيته للخاصة من ضيوفه ولم يجعله مفتوحا للعموم حتى يحسب أو يسمى دار عبادة، فتنسحب عليه قوانين دور العبادة. إن ممارسة الشعائر الدينية داخل بيت خاص من قِبَلِ مواطنين يدخل في الحرية الخاصة التي تكفلها كل العهود والمواثيق، ولولا غلق المساجد لما اضطر الناس أن يلجأوا إلى البيوت، ولما اضطرت الدولة إلى التجسس عليهم وعَدِّ أنفاسهم. إن ثلة من المغاربة اليوم يطالبون بالمساواة في التعامل، فإذا كان البعض يجد المقاهي مفتوحة، والحانات والملاهي مترعة لقضاء وقته وتحقيق رغباته في حرية تامة، فإن هناك مواطنين يبحثون عن أماكن يحفظون فيها القرآن، و يذكرون فيها الله، ويتواصون فيها بالحق والصبر.
حتما كنا سنجد الأمر عاديا لو وجد المغاربة المساجد حاضنةً لنشاطاتهم، لكن وأمام مَخْزَنَة بيوت الله، لا يجد بعضهم بدأ من تخصيص جزء من بيوتهم وتحويله إلى مسجد، ولهم كامل الحق في ذلك ما لم يفتحوه أمام العموم.
إنني وبعد هذا التدليل الوصفي البسيط لا يسعني إلا أن أتضامن مع كل بيت مشمع، وأشد على يد صاحبه الذي سمح بمساحة من بيته لحرية التعبد بعدما خنقها المخزن في مساجد الله التي بُنِيَـتْ بأموال المحسنين لتصبح منابر لإطراء السلاطين. وعليه أدعوا كل الأحرار أن يجعلوا من بيوتهم مساجدا لعل المخزن يرفع أغلاله وسلاسله عن بيوت الله!
أوكي..