الدكتور إدريس البخاري: غياب جودة الخدمات الرعاية الصحية يرجع إلى عدم توفر المراكز على "مشروع المؤسسة الاستشفائية"
الأنوال بريس -رشيد أقريش-
على رغم التطور الملحوظ في القطاع الصحي في المملكة، إلا أنه ما زال تحت المجهر، كونه القطاع الأكثر حساسية بين القطاعات كافة، إذ يهتم في المقام الأول بالصحة العامة للمواطنين والمقيمين، كما يحظى باهتمام بالغ من قيادة المملكة، وينتظر منه التطور والتوسع في خدماته بشكل دائم ومستمر، وتسعى وزارة الصحة جاهدة إلى تحديث القطاع وتطويره.
القطاع يحظى بأولوية ملكية وحكومية وقطاعية.
في هذا الإطار، أكد لنا الدكتور، إدريس البخاري، مدير القطب الإداري والمالي، بالمركز الإستشفائي مولاي يوسف بالرباط، أن الدولة المغربية، وعلى رأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ما فتئ يوصي كل الفاعلين بالقطاع، إلى ضرورة صياغة رؤية حقيقية لتطوير وتجويد كل خدمات الرعاية الصحية سواء بالمؤسسات الاستشفائية العامة أو الخاصة.
ضرورة وضع مسح لكل المراكز الاستشفائية لتحديد الخصاص المادي والبشري واللوجستيكي.
وأضاف الدكتور البخاري، أن القطاع، في أمس الحاجة إلى منهجية عمل دقيقة مدروسة، تنطلق من الجزء إلى الكل، من تعزيز و تقوية البنيات التحتية لكل المراكز الصحية المحلية والإقليمية والجهوية، ولا يتم ذلك الا من خلال مسح لهذه المراكز، بتدوين الخصاص المادي واللوجستيكي والبشري لها. وعلى ضوئه، يمكن للفاعل الجهوي ووفق مقاربة تشاركية تعتمد على التنسيق والتشاور بين مختلف مكونات القطاع وبقية الفاعلين المحليين انطلاقا من السلطة الممثلة للمركز في شخص " العمالة"، و المجالس المنتخبة، والمصالح غير الممركزة، للتفكير في وضع رؤية محلية للرفع من جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن. هذه الرؤية، تحدد الاوليات والاهداف المرجوة لتخطي ازمة القطاع الصحي بالجماعات الترابية، وكذا من خلال، تدقيق المعيقات المادية والبشرية واللوجستيكية التي تعيق تجويد الخدمات الصحية للمرضى.
جودة الخدمات الرعاية الصحية تقتضي مقاربة تشاركية.
وذكر الدكتور البخاري، أن المجلس الأعلى لحسابات، وقف على عدة ملاحظات جوهرية على القطاع في تقريره السنوي لسنتي 2016-2017، وهي غياب خدمات طبية من المفروض توفرها في المراكز الإستشفائية الإقليمية والجهوية التابعة لوزارة الصحة والمسيرة بطريقة مستقلة. عدم توفير بعض المراكز الاستشفائية لكامل الخدمات المرتبطة بمستواها في سلسلة العلاجات". بالرغم من أن المرسوم 2.06.656 الصادر في 24 من ربيع الأول 1428 (13 أبريل 2007)، والمتعلق بالتنظيم الاستشفائي، حدد المصالح والتخصصات الطبية اللازم توفيرها بكل مركز استشفائي حسب مكانته.
مواعيد الكشف والاستشفاء يجب أن تكون مضبوطة .
وأشار المتحدث، إلى أن المجلس في تقريره، لاحظ أن آجال مواعيد الكشف والاستشفاء تكون طويلة وبعيدة بعدد من المراكز الاستشفائية، معتبرا أن هذه الآجال تشكل لحظة حاسمة بالنسبة صحة المواطن وعنصرا مهما في جودة خدمات المؤسسات الإستشفائية". وأن طول آجال مواعيد الكشف يعود أساسا إلى نقائص في برمجة حصص الكشف، والى عدم تواجد جميع الأطباء من نفس التخصص خلال نفس الأسبوع، إضافة إلى تحديد حصة إلى حصتين للكشف في الأسبوع لكل طبيب، وحصر حصة الكشف غالبا على الفترة الصباحية، وكذا تحديد بعض الأطباء لعدد المرضى في كل حصة كشف، وهو ما يؤدي إلى ضعف في مردود هذه الكوادر الطبية".
ضبط الفواتير مهمة تقتضي إدارة نزيهة وشفافة.
ومن جهة أخرى، أكد الدكتور البخاري، أن تقرير المجلس الأعلى بين أن هذه المراكز تعرف عدة مشاكل تتعلق بفوترة خدماتها وبتحصيل مداخيلها، مسجلا، في بعض المراكز الاستشفائية، اختلافا بين الخدمات المفوترة وحجم الأنشطة الطبية والجراحية المسجلة، وعدم تسجيل مصلحة الاستقبال لعدد من الخدمات المقدمة، وكذا عدم فوترتها، وعدم تضمين "استمارة الخدمات" لجميع الخدمات الطبية المقدمة للمريض، وعدم فوترة خدمات المستعجلات، كما تعرف معالجة ملفات الخدمات الاستشفائية وعملية الفوترة تأخرا كبيرا، فضلا عن سوء تدبير لملفات المرضى المؤمنين. وفيما يتعلق بتدبير الصيدلة والأدوية والمستلزمات الطبية، أبرز المجلس الصعوبات التي تواجهها المراكز الاستشفائية في عملية توريد الأدوية والموارد الصيدلية، وغياب أي تتبع أو مراقبة للاستهلاك النهائي من الأدوية والموارد الصيدلية المسلمة لمختلف المصالح، وكذا المشاكل المرتبطة بالبناية المخصصة للصيدلية وتجهيزها.
مشروع المؤسسة ألاستشفائي ضرورة تنظيمية .
وبين الدكتور البخاري، أن تقرير المجلس كشف "عدم توفر أي من المراكز الاستشفائية على مشروع المؤسسة الاستشفائية مصادق عليه، وذلك خلافا لمقتضيات المرسوم رقم 2.06.656 الصادر في 13 أبريل 2007، والمتعلق بالتنظيم الاستشفائي". وأن "هذه المؤسسات الاستشفائية تشتغل جراء ذلك في غياب وثيقة تحدد الأهداف الإستراتيجية، وتنظم خدمات العلاج والتجهيزات البيوطبية والبنيات التحتية، وتحدد رؤية واضحة لآفاق تطورها". وكنتيجة لهذا الغياب، يضيف التقرير، لم يتم اعتماد "الميزانية البرنامج" التي تحدد الأهداف والوسائل والنتائج المنتظرة لفترة متعددة السنوات، والتي ترصد على أساسها الموارد اللازمة لفائدة هذه المستشفيات.
إنشاء هيئات التشاور والدعم لتجويد خدمات الرعاية الصحية .
وعلى مستوى منظومة الحكامة، سجل التقرير ملاحظات في هذا الصدد، عدم إنشاء هيئات التشاور والدعم، والتي تتمثل في لجنة المؤسسة، ولجنة التتبع والتقييم، ولجنة التسيير، ولجنة محاربة التعفنات المكتسبة بالمستشفى، بالإضافة إلى مجلس الأطباء وجراحي الأسنان والصيادلة، ومجلس الممرضين والممرضات أو إحداها في بعض المراكز، أو عدم تفعيلها بمراكز استشفائية أخرى. وفي السياق نفسه، أكد الدكتور البخاري، أن التقرير خلص إلى أن الملاحظات المسجلة تكتسي طابعا هيكليا مشتركا بين المؤسسات الإستشفائية التابعة لوزارة الصحة والمسيرة بطريقة مستقلة، والتي سبق للمجلس أن أثار البعض منها في تقريره السنوي برسم سنة 2015.
مخطط 2025 لجودة الخدمات الصحية المقدمة للأم والطفل .
وعلى صعيد آخر، تقوم حاليا وزارة الصحة، بتنزيل أولى محاور مخطط الصحة 2025. بشراكة بين وزارته والمنظمة العالمية للصحة، الذي يروم رسم خارطة طريق المنظومة الصحية، وخاصة الشق المتعلق بتلبية الاحتياجات المتزايدة للولادة بالمستشفيات ودور الولادة، من خلال مسح وطني، الذي يعد الأول من نوعه الذي يروم جودة الخدمات الصحية المقدمة للأم والطفل حديث الولادة في كل المستشفيات الجهوية بالمملكة، خلال الفترة الممتدة من شهر أكتوبر إلى شهر دجنبر 2018 ولحصر معيقات تجويد الخدمات الصحية المخصصة لفائدة هذه الشريحة.
في ذات السياق، قامت الوزارة الوصية بالعديد من المجهودات المبذولة لتحسين صحة الأم والطفل بالمغرب مكنت من تقليص وفيات الأمهات بنسبة 78 في المائة خلال 25 عاما، منتقلة من 332 حالة سنة 1992 إلى 72،6 وفاة لكل 100 ألف ولادة سنة 2017. وبخصوص وفيات الأطفال، فقد انخفض المعدل من 84 حالة سنة 1992 إلى 22،16 حالة وفاة لكل 1000 ولادة سنة 2018، مما يمثل انخفاضا بمعدل 74 في المائة.
مشاركة فعالة لصندوق الأمم المتحدة للسكان بالمغرب .
كوكالة أممية تشتغل لغاية ضمان ولوج كوني للصحة الإنجابية، قام هذا الأخير في هذا الإطار المتعلق بالأمومة وإنجاب وتنظيم الأسرة بالمغرب إلى تنفيذ عدة مبادرات، كتوزيع وسائل منع الحمل سنة 2017، التي وفرت لـ27 مليون شخص اختيار أساليب حديثة لتنظيم الأسرة، وتفادي 13،5 مليون ولادة غير مرغوب فيها، و 32 ألف وفاة للأمهات، و 207 ألف وفاة طفل و4،1 مليون حالة إجهاض في ظروف محدقة.
الوكالة الاممية، تروم تفعيل حق تنظيم الأسرة الذي يشكل وسيلة لتفادي عدد مهم من وفيات الأمهات، والولادات غير المرغوب فيها وحالات الإجهاض الخطيرة"، مسجلة ان معدل الاحتياجات لتنظيم الأسرة بالعالم ارتفعت إلى 22 بالمائة، كما أن تغطية هذه الاحتياجات من شأنها تقليص وفيات الأمهات لأكثر من الثلثين بالعالم، والمساعدة على تفادي 21 مليون ولادة غير منظمة، وكذا تجنب 79 ألف وفاة بالنسبة للأمهات و1،1 مليون وفاة طفل.
أوكي..