أم أسامة بن لادن تتحدث لأول مرة عن ابنها: الفتى الذي أرعب العالم… كان خجولا

الأنوال بريس -متابعة -
قالت “علياء غانم”، والدة زعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي اغتالته القوات الأمريكية في باكستان في مايو 2011، في أول حديث لها للإعلام، إن حياة بن لادن كانت صعبة لأنه كان بعيدًا جدًا عنها، وأضافت لصحيفة “الغارديان” التي أجرت مقابلة معها بعد موافقة السلطات الأمنية السعودية: “كان ابنًا رائعًا باراً بأهله وأحبني كثيرًا.”
وتقول “الغارديان”: إن العائلة رفضت لسنوات طويلة الحديث عن أسامة، خاصة وأنهم غير واثقين مما سيحدث بعد فتح باب الذكريات والخوض في تفاصيل الماضي شديد الحساسية لأطراف عديدة. وأنه وبعد عدة أيام من الإلحاح المستمر، وافقت العائلة على الحديث مع الصحيفة البريطانية التي التقت بهم في يونيو الماضي في إحدى المراكز الأمنية السعودية، وبرفقتهم مترجم.
وقالت الصحيفة إن غانم، هي صاحبة اليد الطولى بالكلام الآن، كانت تتحدث عن الرجل بمنظور مختلف عن العالم بأسره، فهو دوما بالنسبة لها ابنها الحبيب، الذي تاه عن مسار حياته الصحيح.
ومضت الصحيفة ” إن كل فرد من أفراد العائلة لديه قصته الخاصة عن أسامة بن لادن، الرجل الذي كانت له علاقة وثيقة بالتطرف والإرهاب الدولي”.
كان فتى خجولا
أسامة الثاني من اليمين في صورة للعائلة أثناء رحلة للسويد
تصف “الغارديان مناخ المقابلة مع والدة بن لادن ” رأيتها لأول مرة من خلال انعكاس صورتها على زجاج تلك الخزانة التقليدية بركن غرفة المعيشة الواسعة التي استقبلتني بها، تجلس بكبرياء عربي معهود ومرتدية ملابس زاهية، تتموضع بجانبها صورة مؤطرة لنجلها الأكبر أسامة وهو في سن الشباب، بلحيته القصيرة، مرتدياً سترة عسكرية ويدون شيئا ما انصب عليه جل اهتمامه.
كانت الأنظار خلال المقابلة تتركز على “علياء غانم”، والدة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وبالقرب منها كان نجلاها، أحمد وحسن، يجلسان إلى جانب زوجها الثاني (محمد العطاس)، الرجل الذي تولى تربية الأبناء الثلاثة”.
الأسرة تعيش الآن في قصر فخم في مدينة جدّة الساحلية غرب السعودية، تلك المدينة التي كانت موطنًا لعائلة بن لادن على مدى أجيال، مُشيرة إلى أن العائلة لا تزال إحدى أكثر العائلات ثراء في السعودية.
تتذكر غانم: ” أسامة كان طفلاً خجولاً ومتفوقًا في دراسته، وتحددت ملامح شخصيته القوية والمندفعة في العشرينات من عمره، حينما كان طالباً في جامعة الملك عبد العزيز في جدة.”
وتلقي الأم باللائمة على زملائه في الجامعة. وتقول: “بسببهم أصبح رجلاً مُختلفًا عن ما كنا نريده ونحلم به لأجله”.
ومن بين أصدقاء أسامة في هذه الفترة، كما تقول الأم، (عبدالله عزام) أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والذي نفته السلطات السعودية وبات أحد مستشاري زعيم تنظيم القاعدة في ما بعد.
وأضافت الأم “التقى بعض الأشخاص الذين عملوا على غسل دماغه وهو في العشرين من عمره، وأخذوا مبالغ كبيرة منه لتحقيق أهدافهم”.
وأكدت أنها طالبت نجلها أسامة بالابتعاد عن هؤلاء الأشخاص، ولكنه في المقابل لم يُحدثها أبدًا عما كان يفعله، وتُبرر ذلك بحبه الشديد لها وعدم رغبته في إثارة قلقها.
في حقبة الغزو السوفييتي كان (أسامة المجاهد) محظياً عند السلطات السعودية
وفي مطلع الثمانينيات من القرن المنصرم، سافر أسامة إلى أفغانستان للقتال ضد الغزو السوفييتي للبلاد، وقال حسن، الأخ غير الشقيق لزعيم القاعدة الأسبق : إن كل من قابله في هذه الفترة كان يكن له الاحترام.
وأوضح حسن أن العائلة كانت فخورة جدًا به في البداية، وحتى السلطات السعودية كانت تدعمه وتنظر له بعين الاحترام، وبالتالي أصبح في أعين الإعلام المحلي في مرحلة ما “أسامة المجاهد .”
وأضاف حسن “أنا فخور به كونه أخي الأكبر الذي علمني كل شيء، لقد علمني الكثير، ولكني لا أعتقد بأنني فخور بالرجل الذي أصبح عليه في ما بعد”.
وتكمل الأم عن ابنها أسامة الذي كان صبيا مهذبا متفوقا في دراسته ومحباً جدا لها، وفقاً لـ”الغارديان”، وقالت إنه أنفق الكثير من أمواله في أفغانستان، حيث كان يذهب إلى هناك مُتخفيًا تحت غطاء القيام بأعمال تجارية خاصة بالعائلة.
وأكدت علياء الغانم أنها لم تشك ولو لحظة واحدة أنه ربما يُصبح متطرفاً بنظر العالم، وقالت إنها غضبت وانزعجت بشدة عندما أدركت الأمر في النهاية.
وأكدت: “لم أرغب في أن يحدث كل ذلك. تساءلت كثيرًا عن الأسباب التي تدفعه إلى التخلي عن كل شيء غرسناه فيه بهذه الطريقة”.
وكانت سنة 1999 هي المرة الأخيرة التي ترى فيها الأم نجلها عيانا، وتم هذا اللقاء في أفغانستان، حيث زارته في ذاك العام مرتين في معسكره خارج مدينة قندهار.
وتتذكر الأم أن المكان الذي رأت فيه ابنها أسامة كان قريبا من مطار تمكن أسامة من الاستيلاء عليه من أيدي القوات السوفييتية.
وأضافت: “كان مسرورًا جدًا لرؤيتنا، وكان يُرينا المكان، اصطاد إحدى الحيوانات وذبحه وأقام وليمة كبيرة على شرفي ودعا الجميع″.
ومع مرور الوقت في المقابلة، وفقاً للصحيفة، شعرت غانم بالارتياح أكثر وبدأت تتحدث عن طفولتها في مدينة اللاذقية الساحلية السورية، حيث نشأت وسط عائلة تنتمي للطائفة العلوية.
وفي منتصف الخمسينيات من القرن الماضي إنتقلت غانم الى السعودية حيث أنجبت أسامة في الرياض عام 1957، ثم انفصل عنها والده بعد 3 سنوات من ولادته لتتزوج من العطاس، الذي كان مسؤولا عن إدارة الإمبراطورية المالية لأسرة بن لادن في مطلع الستينيات.
وتزوج والد أسامة 11 مرة على الأقل وأنجب 54 طفلاً، بحسب غانم.
حينما تراه بأعين الأم
وحينما غادرت غانم الغرفة للحصول على قسط من الراحة في غرفة مجاورة، استكمل أخو أسامة غير الشقيق الحديث، وقال: “إنه من المهم أن نتذكر أن الأم نادرًا ما تكون شاهدًا موضوعيًا عندما يتعلق الأمر بولدها”.
وقال: “لقد مرّت حوالي 17 عامًا على أحداث 11 سبتمبر، إلا أنها لا تزال تنكر أن أسامة له علاقة بها، لقد أحبته كثيرًا وترفض إلقاء اللوم عليه”.
ويضيف حسن إن (والدته) تُلقي اللوم على من كانوا حول أسامة، خاصة وأنها لا تعرف إلا الجانب الجيد فقط من ابنها الحبيب، الجانب الذي رأوه جميعًا، ولم تتعرف أبدًا على أسامة الجهادي.
وبعد وقوع أحداث 11 سبتمبر، قال حسن إن شعوره كان مروعاً.
وأضاف: “علمنا منذ البداية أن أسامة له يد في الأمر، وخلال الـ 48 ساعة التي تلت الحدث المرعب، كلنا شعرنا بالخجل من فعلته، وكنا ندرك أننا سنواجه مشاكل كبيرة”.
وأوضح حسن أن العائلة بأكملها عادت إلى السعودية. “لقد كنا مشتتين في سوريا ولبنان ومصر وأوروبا، وفي السعودية صدر قرار بحظر السفر لأفراد الأسرة، وبذلوا جهودًا كبيرة للسيطرة على العائلة”، وأوضح بأن الأسرة بالكامل خضعت لاستجوابات عديدة.
وبعد مرور عقدين من الزمان تستطيع العائلة التحرك بحرية نسبية في داخل وخارج المملكة.
وعادت أم بن لادن إلى الحديث مُجددًا قائلة: إنها تتحدث إلى زوجات نجلها الراحل أغلب الأوقات، مُشيرة إلى أنهن يعشن بالقرب منها.
وعن حمزة، ابن أسامة الأصغر البالغ من العمر 29 عامًا، والذي صنفته الولايات المتحدة إرهابيًا عالميًا، ومن المرجح انه في أفغانستان الآن، قال عمه حسن: “اعتقدنا أن الجميع تجاوز هذه الترهات، ولكننا اكتشفنا أن حمزة يقول إنه سيسير على خطى والده”.
ولذا إن رأيته سأقول له: هداك الله، فكر ملياً قبل أن تفعل ما فعله والدك.
أوكي..