التقريرلجنة الحقيقة والعدالة في قضية توفيق بوعشرين حول إخفاء حقائق مرتبطة بمحاكمته

الأنوال بريس
عادت قضية اعتقال الصحافي المغربي توفيق بوعشرين ومحاكمته بتهم ثقيلة تترواح ما بين الاغتصاب ومحاولة الاغتصاب والاتجار بالبشر، إلى الواجهة، بتقديم هيئة حقوقية التقرير الأولي حول ظروف الاعتقال وشروط المحاكمة، والذي وجه اتهامات لجهات لم يذكرها بالاسم، بتعمد إخفاء عدد من المعطيات والحقائق المرتبطة بمحاكمة مؤسس جريدة "أخبار اليوم"، خصوصًا بعد اتخاذ المحكمة قرار انعقاد الجلسات بشكل سري ابتداء من يوم الإثنين 7 مايو 2018.
وأوضح التقرير الذي أعدته "لجنة الحقيقة والعدالة في قضية توفيق بوعشرين" وقدمته في ندوة، أمس الخميس في الرباط، أن لجوء النيابة العامة إلى طلب خبرة على الفيديوهات بعد انعقاد أزيد من ثلاثين جلسة، هو عمل كان يتعين القيام به قبل توجيه الاتهام وإحالة الصحافي بوعشرين على غرفة الجنايات في حالة اعتقال، مشيرًا إلى أن اقتحام مقر الجريدة وتفتيشه تمت بدون موافقة مكتوبة بخط اليد من طرق بوعشرين.
وأضاف التقرير أن بوعشرين معتقل اعتقالاً تعسفيًا منذ 26 فبراير 2018، وأن الأمر بالإيداع في السجن الصادرعن النائب العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء مخالفٌ للقانون، حيث كان لجوء النيابة العامة إلى الإحالة المباشرة إلى غرفة الجنايات وتفاديها إجراءات التحقيق يعد انتهاكًا لحق بوعشرين.
ونبه التقرير إلى عدم تمكين بوعشرين من الحصول على سجل المكالمات الهاتفية والموقع الجغرافي للواقط الهوائية، موضحًا أنها أدلة تثبت تواجده في أماكن بعيدة عن تلك التي تدعي النيابة العامة في الوقت نفسه أنه ارتكب فيها مخالفات للقانون الجنائي، مبينًا أن ذلك يعد حرمانًا لبوعشرين من إثبات براءته أمام المحكمة.
وطالب التقرير بإطلاق سراح بوعشرين وتمكينه من حقه في محاكمة عادلة، وذلك برفع السرية عن المحاكمة وعرضها على هيئة للتحقيق، موضحًا أن الحقوق الدستورية للصحافي بوعشرين تعرضت لانتهاكات جسيمة، وعلى رأسها حرمانه من حريته نتيجة اعتقاله التعسفي وانتهاء قرينة البراءة، وعدم إخباره الفوري بدواعي اعتقاله، وأن إحالة بوعشرين على المحاكمة دون المرور بقاضي التحقيق رغم كون القضية غير جاهزة، وعدم وجود تلبس بإقرار النيابة العامة أن الأمر يتعلق بخطأ مطبعي، يعد انتهاكًا جسيمًا لحقوق بوعشرين، موضحًا أن عدم تمكينه من عرض قانونية اعتقاله على قاض يعد انتهاكًا لحقوقه الدستورية وللعهد الدولي للحقوق المدنية. وعدد التقرير العديد من الوقائع التي رأى أنها تعد بمثابة خروقات للحقوق الدستورية لبوعشرين ومنها عدم تمكين بوعشرين من ممارسة حقه في الطعن في الزور العارض، وإخفاء معطيات حول المكالمات الهاتفية رغم وجودها عند النيابة العامة، وحكم المحكمة الدستورية بتعذر بتها في طعن بوعشرين في عدم دستورية المادة من قانون المسطرة الجنائية التي منحت الامتياز القضائي للوكيل العام للملك ونائبه. وأهابت لجنة الحقيقة والعدالة في تقريرها بالحركة الحقوقية الوطنية أن تعمل من أجل إقرار مبدأ المساواة أمام القانون الذي نص عليه الفصل السادس من الدستور، وذلك بإخضاع قضاة النيابة العامة للرقابة القضائية بكافة أنواعها، والجنائية منها على وجه الخصوص، وذلك بشكل عادي ودون تمييز، حتى يتسنى إحداث توازن سليم بين طرفي الدعوى العمومية.
-تساءل الأنثروبولوجي عبد الله حمودي، عضو لجنة الحقيقة والعدالة: "كيف يعقل أن يكتب في محاضر متابعة بوعشرين أنه اعتقل في حالة تلبس، ثم بعد ذلك يكتب أن هذا خطأ مطبعي؟" وقال إن هذا سبب مقنع للتشكيك في عدالة المحاكمة.
وأضاف حمودي أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أصبح لها دور قوي وخطير في الدولة وتساءل: "لماذا عرضت تفاصيل القضية في بداية اعتقال بوعشرين على الإعلام العمومي بشكل علني، وهذا حيف كبير في حق بوعشرين وفي النهاية اتجهت المحاكمة نحو السرية".
وأوضح حمودي أنه من المفروض أنه ما دام التكلم عن القضية في الإعلام العمومي أن تستمر هذه العلنية حتى يعلم الرأي العام ما يجري بالضبط ويتابع أطوار المحاكمة بشكل شفاف، وقال "أنا أشكو للرأي العام المغربي بكل مكوناته، وخاصة المثقفين والحقوقيين وأصحاب الضمائر، كي يشهدوا ضد عرض معطيات القضية في الإعلام العمومي وضد الاتجاه في سرية المحاكمة" وطالب برفع السرية عن المحاكمة ما دام عرض أشرطة الفيديو قد انتهى.
-تساءل المؤرخ والحقوقي المعطي منجب عن إصرار النيابة العامة على إخفاء مكان تواجد الصحفي توفيق بوعشرين أثناء قيامه بما نسب إليه، وقال إن هناك معلومات مهمة من بينها مكالمات هاتفية ومحاضر لمخالفات مرورية تم إخفاؤها، وهي تتزامن مع توقيت حدوث ما نسب إلى بوعشرين من ممارسات.
وأكد المعطي منجب أن النيابة العامة والشرطة القضائية هي خصم في القضية، والقاضي أيضًا، لأنه لم يطلب إحضار ممثل تقني من اتصالات المغرب لنعرف لماذا تم إخفاء ومسح هذه المعلومات، وإن هذا الإخفاء هو عملية تزوير واضحة، وهذا خطير ولا بد من معرفة لماذا هذا الصمت في هذا الموضوع.
وأشار المعطي منجب أن النيابة العامة بررت عدم قيامها بكشف كل المكالمات الهاتفية بداعي حماية الحياة الخاصة لبوعشرين، فلماذا لم تحم حياته الخاصة وهي تعرض فيديوهات جنسية تقول إنها له؟ ولماذا تخاف من معرفة إذا كان في الرباط أو الدار البيضاء أثناء ممارسة ما نسب إليه حسب محاضر المخالفات المرورية؟
أوكي..