الرميد وحكومته يتعرضان لموجة انتقادات قاسية من قبل أعضاء حزبه
وجد وزير حقوق الإنسان المغربي نفسه أمام موجة انتقادات قاسية وجهها له وللحكومة أعضاء حزبه، العدالة والتنمية، الحزب الرئيسي بالحكومة، خاصة في ميدان تدبير الحكومة لحقوق الإنسان والتوترات الاجتماعية منذ تشكيل حكومة سعد الدين العثماني منتصف العام الماضي.
ووصف الوزير مصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، آراء بعض قيادات الحزب، أنها تسجل في مرمى الحزب مثل اللاعب المغربي عزيز بوهدوز الذي سجل ضد المنتخب في لقاء إيران. واتهمهم خلال الندوة الوطنية للحوار الداخلي للحزب، بعض أعضاء الحزب بالمساهمة في المس بصورة الحزب.
وأضاف (أقول ليكم هناك من الإخوان من يسجلون يوميا في مرمى الحزب، ويلا كان الحزب صورتو تمسات خاصنا نتساءلوا من وراء ذلك) ،وتابع: "وإذا كانت صورة الحزب قد مست علينا أن نتساءل من وراء ذلك؟". وقال إن الحزب قدم تنازلات غير دستورية خلال تشكيل حكومتي 2012م و2013م وليس فقط خلال تشكيل حكومة 2017م، ثم تساءل: هل إذا كانت هاته الحكومة يقودها بنكيران كنتم ستوجهون لها الانتقادات ذاتها؟
وانتقد الذين يُهاجمون حكومة سعد الدين العثماني انطلاقًا من المقارنة بينها وبين حكومة عبد الإله بنكيران الماضية، وقال إن "التراجعات والتنازلات بدأت منذ سنة 2013 حين تم إسناد وزارة الداخلية ووزارة التربية الوطنية إلى شخصيتين تقنوقراطيتين، إضافة إلى وزارة الصناعة والتجارة وإن بلبوس حزبي".
وتابع الرميد "أن كل ذلك تم في سياق تفجير الأغلبية الحكومية بانسحاب حزب الاستقلال، بدون أسباب واضحة؛ وهو ما جعل الحكومة تحت رحمة الغير، وكان يمكن أن تنتهي قيادة الحزب للحكومة في تلك المرحلة؛ أي بعد حوالي سنة ونصف السنة من ولايتها وبإنجازات جد محدودة؛ ولكن الأمور سارت في اتجاه بقائها قائدًا للحكومة مع إعادة صياغتها بشكل قوى العنصر التقنوقراطي على حساب الفاعل الحزبي، وبذلك تكون المرحلة قد تمخضت عن تسوية مقبولة نسبيًا إذ لولاها لما كان لحكومة بنكيران أن تستمر".
وأكد أن الوضع العام في البلاد هو نتيجة تفاعلات يختلط فيها الإيجابي بالسلبي، سواء بالنسبة إلى السلطة أو الأحزاب السياسية؛ وهو ما يصعب من مهام الإصلاح والدمقرطة، ويتيح للبيجيدي هامشًا محدودًا.
وقال مصطفى الرميد، حول تدبير تشكيل الحكومة، إن التدبير التوافقي لتجربة قيادة الحزب للحكومة شرط لازم لإنجاحها، مؤكداً أن الفاعلين المؤسساتيين الأساسيين يتحملون كثيرًا من المعاناة من أجل استمرار التجربة الحكومية وبرر تقديم الحزب لتنازلات خلال إشرافه على تدبير رئاسة الحكومة السابقة والحالية بـ»التوافق التدبيري.
وأضاف :في كل يوم هناك تنازلات متبادلة نسبياً قد تصل إلى نسبة (10) في المائة، وإذا كان الفاعل الحزبي يُلام عليها إلا أنه من المؤكد أن لكل موقع أحكامه ولا يحس بالجرح إلا من ألم به. وأوضح أن "أهمية تدبير المرحلة بالتنازلات الضرورية إنما تسوغه القدرة على الإنجاز بمنطق خطوة إلى الوراء في سبيل خطوتين إلى الأمام"، قم قال "بالرغم من كل المماحكات والمضايقات، التي لا يُمكن أن تنفك عنها أي تجربة حكومية، تمضي تجربة العدالة والتنمية في تحقيق الإنجازات". ودعا الرميد إلى تعزيز الثقة مع الملك محمد السادس، وقال: "لا يكفي الحصول على ثقة الشعب، بل لا بد أيضًا من الحرص على تعزيز الثقة مع الملك"، وتابع "وبناء عليه، تثار تساؤلات حول مسؤولية العدالة والتنمية فيما آلت إليه العلاقة في بعض المراحل من توتر وردود فعل كادت أن تعصف بالمكتسبات وكل التراكمات، وينبغي أن يكون الحزب وفيًا، سواء في علاقته مع الشعب أو الملك". وتطرق وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، في تصريحات أخرى إلى وضع الحريات وحقوق الإنسان في المغرب، وقال إن سنة 2017م شهدت (17) ألفًا و(512) تظاهرة منعت منها (3) في المئة فقط، وأنه يطمح أن تصل إلى درجة صفر في المئة، وأكد أن "حق التظاهر مضمون دستوريًا وينبغي على الدولة رعايته وضمانه". وقال الرميد إن "الحق في التظاهر ينبغي أن يمارس في إطار القانون، لأن القانون يفرض بعض الواجبات على من يريد أن يمارس هذا الحق"، وأضاف أن "السلطات العمومية يمكنها أن تتدخل في حالات استثنائية، خاصة فيما يتصل بالإخلال بالأمن العمومي لمنع التظاهرات، لكن هذا ينبغي أن ينضبط لثلاث مبادئ تتمثل في الشرعية، والتناسبية، والمسؤولية". وأوضح أن "هناك جهودًا كبيرة في سياق ضمان الحكامة الأمنية في مجال تدبير حق التظاهر، ويعول على مزيد من الجهود في هذا السياق، وهناك مصفوفة حول الموضوع بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني سترى النور قريبًا"، وقال "لا أقول إن فضاءنا الحقوقي سليم من الشوائب والعيوب، لكن فضاءنا الحقوقي أيضًا فيه كثير من الإيجابيات وما زال يشكو من بعض السلبيات، لكن ليس بالشكل الذي يتكلم الناس فيه". وحول الوضع العام في البلاد، اعتبر وزير حقوق الإنسان أن المغرب "لا يعيش حالة استبداد، كما أنه ليس في حالة ديمقراطية حقيقية.. إننا نعيش مخاضًا عسيرًا تتطور فيه بلادنا تطورًا مستمرًا لكن بشكل بطيء ومضطرب" وقال إن ما عرفه المشهد السياسي في المغرب من انحدارات لم يكن مركز السلطة هو الوحيد المسؤول عنه إيجابًا أو سلباً، بل كان الفاعل الحزبي هو المسؤول عن الوضع أيضًا منذ عهد الاستقلال.
أوكي..