بيان حول محاكمة حراك الريف و نشطاء الانترنيت و المهدوي

الأنوال بريس
عقد المكتب التنفيذي لمنظمة حريات الإعلام و التعبير-حاتم اجتماعا له يوم الأحد فاتح يوليوز2018 ، وبالإضافة لتدارسه سير أعمال المنظمة ، تناول أوضاع الحقوق والحريات بالمغرب ؛ لاسيما بعد صدور أحكام ثقيلة وصادمة ضد قياديي حراك الريف وضمنهم ستة من المتعاونين الإعلاميين و نشطاء الانترنيت ، والحكم الصادر ضد الصحافي حميد والمهدوي و ما تعرضت له بعض الاحتجاجات المستنكرة لهاته الأحكام من قمع ومنع خاصة في تطوان و وجدة و مدن بلدات الريف . و استرجع الاجتماع متابعة منظمة "حاتم" و "مرصد حريات" لملف حراك الريف؛و هي المتابعة التي سجلت أن ثمانية أشهر من مظاهرات المواطنات و المواطنين بالريف شكلت نموذجا في الاحتجاج السلمي والتعبير الناضج عن المطالب وأوحت بأن تفهم السلطات لها يعبر عن سلوك جديد إزاء الاحتجاج الاجتماعي والتظاهر السلمي .
وفجأة انقلب تعامل السلطات مع تلك المظاهرات بعد تشكيل الحكومة الجديدة ،وعادت لمقاربتها الأمنوية والقمعية في تناقض تام مع اعترافها بمشروعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية للمتظاهرين ؛ فتسببت بذلك في احتقان أعاد المنطقة إلى سنوات الجمر و الرصاص و يهدد بضياع كل الجهود التي بذلتها مؤسسات من الدولة و مؤسسات المجتمع وفي مقدمتها الحركة الديمقراطية و الحقوقية لمدة سنوات لتجاوز جراح الماضي في أفق مصالحة حقيقية ومنصفة. لقد كان اتخاذ السلطات السياسية على أعلى مستوى قرارات لإعفاء العديد من المسؤولين و إبعاد مجموعة من الوزراء عن تحمل المسؤولية في مؤسسات الدولة مستقبلا نتيجة اختلالات في تنفيذ المشاريع بالمنطقة ، كفيلا بإنصاف مئات المعتقلين من شباب الريف و إطلاق سراحهم . علما أن ما عاشه و يعيشه الريف من تظاهرات هو من صلب حقوق الإنسان و المواطنة و ضمنها حريات التعبير و مساءلة السياسات العمومية.
و تؤكد ازدواجية تعامل السلطات مع هذا الملف و غيره من الملفات التراجع المخيف في التعاطي مع قضايا الحقوق و الحريات ؛ فوحدهم المسؤولون لا يأبهون بما تخلفه سياسات التخويف و الانتقام و المنع و القمع من شروخ ليس فقط بين الدولة و المجتمع ، و إنما أيضا بين البلاد و امتلاك المستقبل ، و بأن تلك السياسات دعم غير مباشر لأنواع من التشدد و التطرف . و لم يسلم من قسوة الأحكام الصادرة في حق نشطاء الريف المتعاونون الإعلاميون و نشطاء الانترنيت الستة المعتقلين : ربيع الأبلق ، محمد الأصريحي، الحسين الإدريسي ، عبدالعالي حود ، فؤادالسعيدي و جواد الصابري المقحمين ضمن ملف قادة حراك الريف الزفزافي و رفاقه ، فتراوحت ما قضت به المحكمة عليهم بين سنتين و خمس سنوات حبسا نافذا وغرامات و لم يشفع لهم أنهم مارسوا - فقط - حقوقهم في التعبير الرقمي و مواكبة الحراك الشعبي في الريف بالصورة والصوت ، فحوكموا بتهم "نشر أخبار زائفة " و "انتحال صفة صحافي " علما ألا علاقة لهذه التهم "بالمس بسلامة أمن الدولة" علاوة على عدم واقعيتها. كما لا يمكن مؤاخذة مواطنين على عملهم التواصلي و الإعلامي في إطار ممارستهم لحرياتهم في التعبير ومحاسبتهم على القيام بأدوار إعلامية في غياب إعلام نزيه و مستقل و ضمنه إعلام عمومي ينقل الأحداث والمطالب و ردود الفعل كما هي وبتعدد أطرافها و المتدخلين فيها ، بعيدا عن الدعاية و التشهير و كيل الاتهامات التي سجلت على تعاطي الإعلام المغربي في جزء كبير منه مع حراك الريف ؛ وقد سبق ل "مرصد حريات" أن وقف عند عدة خروقات وانتهاكات في هذا الصدد . و بعد أن سجلت المنظمة إجابية فصل ملف الصحافي المهدوي عن ملف الزفزافي و رفاقه ،رغم إجباره على حضور عشرات من جلسات المحاكمة ،جاء الحكم الصادر في حقه بثلاث سنوات سجنا نافذا ليبدد أي أمل في التعامل مع الصحافيات والصحافيين كمدافعين عن حقوق الإنسان و مشتغلين في إطار من الاستقلالية وباحترام لسلطتهم المعنوية و النقدية ، والتخلي عن محاكماتهم خارج قانون الصحافة والنشر. و هو الأمر الذي طلما طالبت به منظمة حريات الإعلام و التعبير- حاتم منبهة إلى مخاطر عدم الفصل بين السلط و من ذلك تغول أجهزة الدولة وهيمنتها على كل منافذ التعبير المجتمعي سواء عبر الفضاء العام أو المجال الرقمي أو الإعلام. إن عنوان الجريمة الملصقة بالصحافي حميد المهدوي مدير موقع "بديل أنفو" :عدم التبليغ عن مكالمة توصل بها ، وحده كاف لتأكيد فراغ ملف متابعته ، فكافة المسؤولين بمختلف مستوياتهم يتلقون مكالمات لا معنى لها أو تتضمن مغالطات وافتراءات فهل تصح محاكمتهم على عدم التبليغ عنها ؟ و حسب هذه " الجريمة " فإن على الصحافيين أن يقضوا أزيد من ونصف وقتهم المهني في التبليغ عما يصلهم من افتراءات وادعاءات وتهجمات و معلومات خاطئة أو مغرضة ... ، كل ذلك و غيره يؤكد الطابع الانتقامي لمتابعة هذا الصحافي - وليست هي المرة الأولى - و توظيف القضاء ضد الأصوات النقدية وحرية الإعلام . ولاريب أن الإغراق في المقاربات الأمنوية من قبل السلطات السياسية ،ليس فقط إزاء ملف حراك الريف وملف حريات الإعلام و التعبير، بل مع كل ملفات المطالب و الحقوق الاجتماعية التي خرج أصحابها للتظاهر تعبيرا و دفاعا عنها وإزاء كل الحريات المنتهكة ، يطرح أسئلة كبرى حول السياسات العمومية التي من المفروض أن تكون أداة لخدمة الوطن والمواطنين، و حول مدى تحمل المسؤولية في إنقاذ البلاد مما تواجهه من تحديات و يتهددها من مخاطر . كما أنه يفند محاولات السلطة التشكي من تقارير المنظمات الغير الحكومية و الدولية التي تصنف المغرب في أسفل ترتيب احترام الحقوق والحريات وضمنها حرية الاعلام والتواصل الرقمي ،و هي تصنع كل المؤشرات السلبية التي تضع البلاد في ذلك الترتيب. عن المكتب التنفيذي
أوكي..