محام بريطاني يطالب برفع السرية عن جلسات متابعة الصحافي توفيق بوعشرين

طالب المحامي البريطاني رودني ديكسون برفع السرية عن محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين ناشر يومية “أخبار اليوم” ومنابر إعلامية أخرى، وأكد أنه لا يمكن الاستمرار في القضية على هذه الحال دون أن يُخبر المتهم بتفاصيل الأفعال المنسوبة إليه. كما دعا إلى وضع حد لما أسماه “الاعتقال التعسفي المستمر” الذي يوجد فيه بوعشرين.
وكان القاضي في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء قد استجاب، الأسبوع الماضي، للطلب الذي تقدم به دفاع المشتكيات والمتعلق ببث فيديوهات الاتهام في جلسة مغلقة، نظرا لحساسية الموضوع الذي يتابع فيه توفيق بوعشرين بالتحرش الجنسي ومحاولة الاغتصاب والاتجار بالبشر.
وقال المحامي رودني ديكسون (المستشار القانوني الدولي لتوفيق بوعشرين) في بيان صحفي: “لقد قررت المحكمة أخيرا أن تكون الجلسة المقبلة سرية غير مفتوحة للعموم، ودون حضور المراقبين الدوليين، بينما العرف الدولي هو أن تكون المحاكمات في القضايا الجنائية محاكمات علنية لضمان الشفافية وهو قرار خطير يجب التراجع عنه فورا لكي لا نصبح أمام محاكمة سرية أو تحكمها انشغالات سياسية.”
وتابع أنه من الضروري أن يكون بوعشرين ودفاعه على علم بالادعاءات المنسوبة إليه بشكل مفصل بخصوص كل من الضحايا المفترضات، كل من هن على حدة، وتمكينه من مواجهتهن أمام المحكمة.
ولاحظ المحامي البريطاني أن المثير للقلق هو استمرار اعتقال بوعشرين ومواجهته بتهم ثقيلة دون دليل، بينما حقوقه الأساسية في الحصول على محاكمة عادلة لا زالت منتَهَكة بل متجاهَلة.
واعتبر أن السلطات المغربية تستمر في انتهاكها لحقوق بوعشرين في تناقض صارخ مع الأعراف والمواثيق الدولية حول شروط المحاكمة العادلة، وتعامله كأنه مجرم ولا تحترم قاعدة أن البراءة هي الأصل، ولذلك فإن المحكمة والسلطات المغربية مطالبون باحترام حقوقه الأساسية.
وأعلن أنه سيتم اللجوء إلى هيئة الأمم المتحدة والكيانات الدولية المعنية لضمان احترام حقوق بوعشرين إذا استمرت معاملته كأنه مجرم مدان قبل حتى محاكمته.
وأكد أن المواثيق الدولية تلزِم الدول والمحاكم بإجراء محاكمات علنية وعادلة، يكون فيها المشتبه فيه على علم بالتهم الموجهة إليه، ويسمح له بمواجهة الشهود وبالاطلاع على المعطيات المنسوبة إليه والتي تتم محاكمته بناء عليها.
واستطرد قائلا: “إن المبادئ القانونية تشترط على المدعي العام أن لا يباشر أبدا أية مساطر ولا يعتمد على أية وسائل غير قانونية من شأنها أن تتضمن انتهاكا صارخا لحقوق الشخص المشتبه فيه، كما تدعوه إلى اتخاذ كل التدابير الضرورية لكي تتم متابعة كل شخص مسؤول عن تنفيذ هذا النوع من المساطر غير القانونية.”
وبحسب المحامي الدولي المذكور، فإن المحكمة لم تقم في هذا الملف باتخاذ أي إجراء لاستبعاد الأدلة المزورة، وإبطال المساطر المخالفة للقانون، كما لا تزال مصرة على رفض البت بحكم مستقل في دعاوي الزور، والتي تقدم بها دفاع بوعشرين في إطار دعاوي منفصلة، وذلك كما ينص عليه القانون.
وأضاف ديكسون في بيانه قائلا: بينما ما زالت العديد من السيدات المستنطقات في قضية بوعشرين يرفضن أن تعتبرهن النيابة العامة طرفاً في هذه المحاكمة، ويصرحن بما تعرضن له عند الشرطة من ضغوط وتهديدات بالسجن بدون احترام لحقوقهن، فإن هناك شكوكا جدية تحوم حول كيفية إدانة المحكمة الابتدائية في الدار البيضاء للسيدة عفاف برناني يوم 24 نيسان/ أبريل المنصرم بستة أشهر سجنا نافذة، علما أنها من الضحايا المفترضات لبوعشرين، وبما أنها وضعت شكاية ضد ضابط شرطة تتهمه بتزوير تصريحاتها فحكمت عليها المحكمة المذكورة بسرعة دون منحها الفرصة للاستماع لروايتها حول التهم الموجهة لها ولا أن تعد دفاعها هي ومحاميها.هناك ضحايا مفترضات أخريات صرحن أن ضغوطا مورست عليهن للادعاء ببوعشرين، كما أن زوجة هذا الأخير توصلت باستدعاء من طرف الشرطة بناء على رسالة هاتفية مزعومة وجهت إلى إحدى الضحايا المفترضات، بينما ليس هناك دليل على نسبة هذه الرسالة إليها فرفضت أن توقع على التصريح الذي تقدمت لها به الشرطة لما انتبهت إلى أن الشكاية المقدمة من طرف الضحية المفترضة تحمل تاريخاً سابقاً عن تاريخ توجيه الرسالة الهاتفية المزعومة أصلا.”
ولاحظ المحامي البريطاني أن تقنيات الترهيب والتخويف لا تنحصر فقط فيما سبق، بل تشبه إلى حد كبير تلك التي يتعرض لها محامو بوعشرين من أجل ثنيهم عن الدفاع عنه، مستدلا على ذلك بتحريك المتابعة ضد النقيب زيان من طرف النيابة العامة في إطار ملف آخر، ولكنها لم تحرَّك إلا عندما تقدم النقيب بشكاية لمحكمة النقض بالتزوير ضد النيابة العامة في ملف بوعشرين، يقول ديكسون.
وذكر أنه في الوقت الذي وجّه فيه أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، نداء إلى كل الحكومات من أجل حماية أهل الإعلام، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، ما زال توفيق بوعشرين يقبع في السجن منذ 23 شباط/ فبراير، بدون سند قانوني. ودعا إلى إطلاق سراح الصحافي المعتقل بشكل فوري، خاصة وأن جريدته مهددة، وأن هذه المحاكمة يتم توظيفها للإساءة لسمعته وشرفه واحترافيته وعمله الشجاع كصحافي يدافع عن حرية التعبير والرأي في المغرب.
وخلص المحامي البريطاني رودني ديكسون إلى القول: “سنكون أمام محاكمة مخجلة أمام المنتظم الدولي لو تمت إدانة بوعشرين في هذه الظروف وبناء على هذه المعطيات.”
أوكي..