متاجرة المهاجرين من اريتريا في سوق العبيد بليبيا
_6.jpg)
الأنوال بريس
ذكرت لجنة خبراء في الامم المتحدة الى ان الاتجار بالبشر في ليبيا آخذ في الازدياد في تقرير سري ارسل الى مجلس الأمن الدولي ان تنظيم الدولة الاسلامية يسعى للانضمام الى مهربي البشر في جنوب ليبيا بعد طرده من سرت عام 2016.
واورد التقرير المكون من 157 صفحة ان "الاتجار بالبشر آخذ في الازدياد في ليبيا ويؤدي الى انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان".
كما اثارت اللجنة المخاوف "حيال إمكان استخدام منشآت الدولة واموالها من قبل الجماعات المسلحة والمهربين لتحسين سيطرتهم على طرق الهجرة".
وتحولت ليبيا منذ وقت طويل الى معبر للمهاجرين، وقد زاد مهربو البشر من وتيرة عملهم المربح هذا في السنوات التي تبعت الاطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي عام 2011.
وبات المهاجرون في ليبيا يخضعون لاجراءات امنية مشددة منذ ان تسربت مادة مصورة العام الماضي تظهر بيع افارقة كعبيد هناك، ما اثار غضب بلدان افريقية.
واشار التقرير الاممي الى شهادات لمهاجرين من اريتريا اعتقلوا عام 2016 في طرابلس على يد عناصر من قوة خاصة مرتبطة بوزارة الداخلية الليبية سلمتهم مجددا الى المهربين "مقابل اموال".
واحتجز اربعة مهاجرين من بنغلادش في مركز اعتقال حكومي عام 2015 بعد اعتقالهم على يد قوة الردع الخاصة في طرابلس بالرغم من حيازتهم تأشيرات عمل صالحة.
ودفع كل واحد منهم 300 دولار الى قوة الردع وتم ارسالهم الى مدينة اخرى حيث وضعوا على قوارب متجهة الى اوروبا "رغما عن ارادتهم"، وفق التقرير الذي اوضح ان "اللجنة تدرس ان كانت قيادة القوات الخاصة على علم بان التواطؤ والتهريب يجري داخل صفوفها".
الجماعات المسلحة اقوى
وأنشأت السلطة الليبية المدعومة من الامم المتحدة جهازا لمكافحة التهريب غير الشرعي مسؤولا عن 24 مركز احتجاز ويعمل فيه 5 آلاف موظف.
وقال التقرير "وفقا للوكالات الدولية، فان جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية لا يملك سيطرة على مراكز الاحتجاز التابعة له".
واعترف وزير من حكومة الوفاق للجنة بأن "الجماعات المسلحة اقوى من السلطات في التعامل مع تدفق المهاجرين".
ووجدت اللجنة ان خلايا تنظيم الدولة الاسلامية "تستمر بالعمل في وسط ليبيا وجنوبها" على الرغم من هزيمة التنظيم في سرت.
ويحاول التنظيم الجهادي المكون بغالبيته من مقاتلين اجانب ايجاد موطئ قدم له في اقصى الجنوب، وهو يرسل مبعوثين مع "كميات من النقد"، بحسب التقرير.
وذكر التقرير ان "المبعوثين حاولوا ايضا التواصل مع جماعات التهريب، مقدمين الدعم وساعين الى مصادر تمويل طويلة الامد".
وعلى الرغم من الدعم الدولي الا ان الحكومة في طرابلس ظلت غير قادرة على بسط سيطرتها في الشرق، حيث الحكومة الموازية المدعومة من مجلس النواب والجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر.
واعتبر التقرير ان اي "حل سياسي في ليبيا يبقى بعيد المنال في المستقبل القريب"، مضيفا ان "الحركات العسكرية في ليبيا وجداول الاعمال الاقليمية المتناقضة تظهر نقصا في الالتزام بحل سلمي".
"الوضع صعب جداً هنا. تدور معارك في المرحاض كل يوم لأن مئات الأشخاص يستخدمون نفس المرحاض،" كما أفاد ألاجي البالغ من العمر 25 عاماً، وهو شاب من غامبيا محتجز في المركز منذ خمسة أشهر.
الأرضية المغطاة بالبلاط لزجة، ويوضح ألاجي أنها غُسلت للتو وأنها كانت مغطاة بالدماء قبل ساعة واحدة. وقال وهو يسند رأسه على القضبان الحديدية: "ضربونا بالسلاسل. حاول شخص الهرب بالأمس، ولذلك ظلوا يضربوننا طوال اليوم".
ويُجبَر العديد من الرجال على القيام بأشغال شاقة أثناء النهار. "يطلبون منا القيام بعمل الحمير - العمل الذي ينبغي القيام به باستخدام الآلات، ولكنهم يستخدمون البشر. وإذا اشتكينا، يضربوننا. إنهم يعاملوننا مثل المجرمين،" كما أوضح ألاجي الذي كان يعمل كرسام ومصمم ديكور في طرابلس لمدة ستة أشهر قبل أن يتم اعتقاله لعدم امتلاكه لوثائق قانونية. وهو الآن يرغب بشدة في العودة إلى وطنه.
ويتم ترحيل بعض المهاجرين المحتجزين في نهاية المطاف إلى النيجر عن طريق الحافلات، لكن البقار يقول أن العديدين منهم يعودون إلى ليبيا: "هناك أشخاص من النيجر يأتون المرة تلو الأخرى ولا يتوقفون عن المحاولة. لقد رأيت نفس الوجوه مرات عديدة، حتى بعد أن نكون قد قمنا بترحيلهم".
والجدير بالذكر أن عدداً قليلاً من المعتقلين تتم إعادتهم إلى أوطانهم من خلال برنامج العودة الطوعية الذي تديره المنظمة الدولية للهجرة (IOM) - التي تعمل الآن من تونس - بالتعاون مع حكومات بعض الدول الأصلية. ولكنها عملية طويلة، ومنذ يوليو 2014 تمت إعادة 400 شخص فقط من خلال هذا المخطط.
ويتم احتجاز غيرهم من المهاجرين، حتى أولئك الذين يحملون صفة لاجئ، لأجل غير مسمى، ما لم يتمكنوا من الهرب، أو دفع نفقات خروجهم، أو يتم الإفراج عنهم تعسفياً بسبب الاكتظاظ.
ولكن بالنسبة للإريتريين، العودة إلى الوطن ليست خياراً:
“كنا جنوداً في إريتريا لمدة ثلاث سنوات. بعض الجنود في العاشرة من عمرهم ... إنهم لا يقولون لك متى ستصبح جندياً. بل يأتون فقط لأخذك، ولكن بمجرد أن تصبح جندياً في إريتريا، تظل جندياً حتى تموت”— ايمانويل، 24 عاماً
هرب ايمانويل وجوناتا من التجنيد العسكري غير محدد المدة في إريتريا.
فر ايمانويل وصديقه جوناتا البالغان من العمر 25 عاماً من الجيش وقطعا رحلة صعبة إلى ليبيا ليكتشفا في النهاية أنهما استبدلا أحد أنواع الجحيم بنوع آخر. يقول جوناتا أن قد تم القبض عليهما قبل أربعة أشهر في الصحراء بينما كانا في طريقهما إلى طرابلس. وأضاف قائلاً: "وقعت معركة كبيرة بين المهربين والشرطة ولقي بعض الناس مصرعهم، ولكن لم يهتم بهم أحد".
أما مالتي من النيجر فهو أصغر معتقل في المركز، حيث يبلغ من العمر 10 سنوات، ويقول أن والديه فقيران ولذلك قرر أن يغادر منزله ويسافر إلى ليبيا مع بعض الرجال من قريته. ويتم احتجاز الأطفال الصغار مع أمهاتهم في غرفة منفصلة في المركز أو نقلهم إلى واحد من سجنين للنساء. ولكن الأطفال مثل مالتي يبقون مع الرجال البالغين.
مالتي هو أصغر معتقل في مركز الكراريم، ويحيط به بعض البالغين الذين يتم حبسه معهم.
في قسم آخر من مركز الاحتجاز، توجد غرفة كبيرة بها نوافذ عالية وصغيرة وتضم 142 شخصاً تم القبض عليهم من قبل خفر السواحل قبالة سواحل مصراتة قبل خمسة أيام، بينما كانوا يحاولون عبور البحر إلى أوروبا في قوارب مطاطية.
أكثر من 400 مهاجر اعترضهم خفر سواحل مصراتة في أربعة قوارب مطاطية يمدون أيديهم للحصول على زجاجات المياه التي القيت من الشاطئ. وقد تم نقل العديد منهم فيما بعد إلى مركز احتجاز الكراريم.
تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى بعض الرجال في ميناء مصراتة قبل نقلهم إلى مركز الاحتجاز. "سوف أفعل أي شيء لتجنب الذهاب إلى السجن هنا. نحن جميعاً نعرف طبيعة هذه السجون. سيكون الموت أفضل من الذهاب إلى هناك،" كما قال موبو البالغ من العمر 20 عاماً، وهو من نيجيريا.
الحياة في مركز الكراريم سيئة كما كان يتصور. يقول بعض الرجال أنهم تعرضوا للضرب المبرح على أيدي الحراس. رفع جاكاب، وهو سنغالي يبلغ من العمر 26 عاماً، سترته الرياضية للكشف عن ذراعيه اللتين تغطيهما الرضوض والكدمات. كما تعرض فخذاه لضرب شديد جعله لا يستطيع الوقوف.
أحد المحتجزين يكشف عن الإصابات التي لحقت به جراء الضرب بعد أربعة أيام فقط في مركز الاحتجاز.
"لم يكن هناك سبب لذلك. كنا بالخارج وألقوا علينا المياه وأمرونا بالاستلقاء على الأرض. ثم ضربونا،" كما يقول.
ويشكو العديد من المحتجزين من أنهم لا يحصلون إلا على مياه مالحة للشرب.
من جانبه، ألقى رئيس مركز الاحتجاز البقار باللوم على نقص التمويل المزمن، واعترف بوجود مشكلة في إمدادات المياه: "يرجع هذا إلى [نقص] المال - هناك شركة محلية تقوم بتحلية المياه في خزانات كبيرة وتسليمها إلينا، ولكن لا يمكننا الاعتماد على عملية تحلية مياه البحر، ولذلك، نعم، أحياناً تكون المياه مالحة. ولكن ماذا بوسعنا أن نفعل؟"
وأضاف أن المركز لا يتلقى أي تمويل أو دعم من الحكومة، باستثناء أجور الموظفين الذين يحصلون على رواتبهم من وزارة الداخلية. وحتى شركة خدمات الطعام، التي تطهو كميات ضخمة من الحمص الذي تتكون منه الوجبة الوحيدة التي يحصل عليها المهاجرون يومياً، لم تحصل على أجرها منذ عام 2012، وفقاً للبقار، الذي أضاف أنها "ستكون كارثة إذا توقفت عن العمل، ولكننا لا نزال مدينين لها بآلاف الدنانير".
مع ذلك، يصف المعتقلون الحصص الغذائية الهزيلة بأنها أقل مشاكلهم. والأسوأ منها هو النوم في غرف مكتظة لدرجة عدم وجود مساحة تكفي للاستلقاء على الأرض أحياناً، والعيش في ظل التهديد المستمر بسوء المعاملة من قبل الحراس. كما امهم يشعرون بأن حكوماتهم ومنظمات الإغاثة الدولية قد تخلت عنهم.
ويقول تشارلز البالغ من العمر 17 عاماً، وهو من غانا: "استغرقت رحلتي شهراً حتى وصلت إلى هنا، وفي الصحراء كان الوضع فظيعاً. لم ينج الجميع، ولكنني لم أكن أتوقع أنه سيكون هكذا، وأود أن أقول للناس لا تأتوا، لأنه لا توجد حكومة في ليبيا ... الوضع رهيب هنا".
أوكي..