الرومانيون يبحثون عن العدالة في ظلّ تفشي فساد الطبقة الحاكمة

في الواقع الرومانيون غاضبون بسبب سنوات من سوء الحكم الملوثُ بالفساد على يدّ الحزب الاشتراكي الديمقراطي اليساري . أوضح الأمثلة على ذلك، حالة رئيس الحزب ليفيو دراغنا الممنوع من الحصول على مناصب في الحكومة بسبب الشبهات التي تدور حوله بشأن إساءة السلطة. في العام 2016 ثبتت إدانته في قضية تزوير الانتخابات، ويخضع حاليا لتحقيقات بشأن إساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي، فضلا عن اتهامات بالاحتيال على الدولة.
لكن ملفات الفساد لا تقتصر عليه. فالطيف السياسي بيساره ويمنه، المؤسسات العامة بمدارسها ومستشفياتها تعاني من الفساد في رومانيا. ينقسم البلد على نفسه، بين مسؤولين فاسدين من جهة وناشطين وقضاةٍ ساعين لفضح وجوه الفساد من جهة أخرى. وحذر حلفاء رومانيا من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأميركية حكومة هذا البلد من عواقب التراجع عن التزاماتها في مكافحة الكسب غير المشروع. فاحترام سيادة القانون كان شرطا مسبقا لقبول عضوية رومانيا في الاتحاد الأوروبي .
فهل سيتمكن هذا البلد في أوروبا الشرقية من النهوض وخوض التحدي بتنظيف ما تلطخ؟
يورونيوز هانز فوندر بيلي ذهب إلى العاصمة الرومانية بوخارست، حيث يخضع كبار القادة السياسيين للتحقيق بتهم الفساد والتهرب الضريبي والاحتيال على أموال الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت عينه، يجري هؤلاء القادة تعديلات على نظام القضاء.
تودور كارستويو، معارض مشارك في مسيرة الأمل المناهضة للفساد قال ليورونيوز: “لدينا مجموعة من المافيا تقود هذا البلد اليوم. العديد من السياسيين الموجودين في السلطة حاليا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لديهم مشكلاتٌ قانونية كبيرة. إنهم يريدون إجراء التعديلات القانونية للتهرب من العدالة”.
متظاهر جاء سيرا على الأقدام من مدينة كلوج:”“نحمل العلم الأوروبي لأن رومانيا جزءٌ من الاتحاد الأوروبي، ولا أريد تمييزا غير عادلٍ بين رومانيا والاتحاد الأوروبي، بين الشرق والغرب. نحن جزء من الاتحاد الأوروبي ونريد البقاء فيه”.
بالسيارة أو سيرا على الأقدام، بالحافلة أو الطائرة أو القطار، بمختلف وسائل النقل، وصل المحتجون إلى بوخارست.. للانضمام إلى المظاهرة. قابلنا إحدى المشاركات في محطة القطارات الرئيسية، وسألناها: من أين أتيت وماذا تفعلين هنا؟
أجابت إيوانا باسك : “نحن هنا من سيبيو في ترانسلفانيا وسط رومانيا. جئنا للمشاركة بالمظاهرة الوطنية… ولا نرغب أن تكون الديمقراطية على الورق فقط. نريد تطبيقها وهذا هام جداً.. لابد من استقلالية العدالة من أجل ديمقراطية حقيقية. لا نريد أن نصبح بولندا أخرى أو تركيا”.
مقابل المقر الرئيسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، شرح لنا بعض المتظاهرين أن التعديلات القانونية المقترحة صُممت لحماية دراغنا وأشخاصٍ ضمن شبكته من الملاحقة الجنائية.
ديانا ماريا فويكو من مؤسسة “مبادرة رومانيا” الأهلية: “القوانين الجديدة تسمح بمراقبةٍ سياسيةٍ للقضاء، وهذا يعني أن كل الشخصيات الفاسدة في الائتلاف الحاكم، من المحتمل، أن تفلت من الملاحقة والمحاكمة”.
مجموعة من الشباب المعارضين الذين شكلوا جمعية أهلية أطلقوا عليها اسم “الفسادُ يقتل”. لقد استقطبوا شبكة واسعة من الداعمين لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إنهم متوترون، فبعد دقائق تبدأ المظاهرة. وهم يراهنون على استمرار حركتهم؟ ويخشون من تبددها.
موفد يورونيوز إلى بوخارست: “ أنتم تدافعون عن العدالة وهذه مقولتكم الأساسية. لكن ماهي المشكلة؟ “
آنجي سيربان، شابة من جمعية “الفساد يقتل”: “ تعديل القوانين القضائية هي الخطوة الأولى للديكتاتورية. لقد كانت لدينا سابقا ودفعنا ثمنها دما، عام ألف وتسعمئة وتسعة وثمانين. وبعد أكثر من عشرين عاما عدنا إلى النقطة نفسها، وها أنا أناضل.”.
فلورين باديتا، مؤسس جمعية “الفساد يقتل”: “ما إن بدأ نظام العدالة يعمل حتى بادروا إلى تعطيله من أجل مصالحهم الخاصة. لن نسمح بهذا”.
إن كانت الأحزاب الحاكمة تأمل أن يملّ الشعب، ويوقف هذه الحركات الاحتجاجية، فهي مخطئة. لأنهم مستمرون بمعارضتهم لها، رغم أحوال الطقس الصعبة، تحت المطر والثلج مصممون على متابعة نضالهم.
لكن وعلى الرغم من من القلق الذي تبديه المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا، لكن بوخارست ماضية بتعديلاتها المثيرة للجدل.
أوكي..