حقوق الإنسان وسمة عالمية
حقوق الإنسان أصبحت ذات سمة عالمية، وأصبحت المحافل الدولية تهتم بها، وتعاقب كل من ينتهكها من قريب أو بعيد، بل وتفرض عليه عقوبات معينة بسبب ذلك.
للأسف أن بعض منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية عالمياً، استغلت هذا الأمر وبدأت في خلق تقارير مبالغ فيها، أو أنها مختلقة، وتجيش جيوشها الإعلامية لذلك، فتتناقلها كل وسائل الإعلام المغرضة التي تبحث عن أي شيء تبث من خلاله سمومها وحقدها.
ما كانت تتعرض له بلادنا، وما زالت، من حملات تسيء إليها وتظهر للعالم صورة غير حقيقية عنها، يجعلنا نتساءل: لماذا نسمح لهؤلاء بالتطاول علينا والافتراء على مناشطنا وحراكنا؟ لماذا نحن دائماً نمارس رد الفعل ولا ننشئ فعلاً يجعلهم بلا حراك ولا صدقية؟ وللأسف دائماً نتأخر في لجمهم، فيتكاثر دجلهم، فيصبح ردنا أقل تأثيراً وفاعلية.
التعامل مع مثل هذه القضايا يحتاج إلى احترافية عالية في الأداء والحضور، ويحتاج إلى أصوات تستشرف وتستطيع قلب الطاولة، وتفعل ما بوسعها لكي يبقى كل شيء على ما يرام.
ولأن ملف حقوق الإنسان هو الذي يستثير عواطف الناس ويؤججها، ويجعل الشعوب والمثقفين ينتبهون إليها ويبدؤون رسم صورة مغايرة عنا، فنصبح متهمين بلا جريمة.
من يشاهد سكوت العالم الدولي بمؤسساته وهيئاته وحكوماته عن جرائم تختص بحقوق الإنسان لدول كإسرائيل وإيران واشنطن وغيرها يعلم حينها أن إدارة مثل هذا الملف تحتاج إلى شياطين وليس إلى ملائكة.
نحن في بلادنا، منذ أكثر من عقد من الزمن، نملك جمعيات الحقوق الإنسان وأنشأنا هيئات مستقلة ، ولكن للأسف نتاج هاتين المؤسسات ما يزال أقل من المأمول، وبخاصة الهيئاة التي من المفترض أن تكون واجهة أمام العالم الخارجي، لتصنع لها ثقافة وحضوراً في الداخل تجعل اطمئان من يهتم بحقوق الإنسان ويخاف على وطنه أن تمس سمعته خارجياً .
وهذا يجعلنا نتساءل: ما الدور المنوط بالهيئاة الحقوقية في الداخل والخارج؟ ما هو موقفها من بعض القضايا المحلية التي يتداعى الناس ويتحاورون في شأنها؛ كحساب المواطن مثلاً، وارتفاع الأسعار، والضريبة المضافة، وقضايا الإسكان والتعليم والصحة، وما يحدث لأطفالنا من انتهاكات واستغلال، وما يعانيه أبناء المطلقات من ضعف تشريعات لا تنصفهم، وملف زواج القاصرات أكبر دليل على ذلك، وما زال كثيرون يشتكون من بطء الإجراءات في استرداد الحقوق وعدم فاعلية الفروع للهيئة في زرع الطمأنينة لدى قاصديها؟
ما نراه أخيراً أن «وسوماً» معينة في «تويتر» أعادت حقوقاً مسلوبة إلى كثيرين بجهود أفراد، وكالعادة الهيئة تتدخل بعد أن يظهر الأمر إعلامياً وتمارس حضوراً باهتاً لا يليق بها.
لابد أن تعلم الهيئة أن حضورها في الداخل سيضمن لها نجاحات متعددة في الخارج، وستستطيع مجاراة الكل باحترافية ومهنية عالية، وتضمن وجود صوت مساند لها في كل ميدان.
نريد من الهيئة ألا تتحول إلى جهةٍ دوامها محدد ونظامها متشابك! نريدها أن تكون مقصد كل خائف وتغيث كل ملهوف، نريدها أن تفتح باباً للمتطوعين والمتطوعات ليقوموا بخدمات لكثيرين، من خلال الاتصال والإرشاد والتوجيه والدفاع وتوفير كل مصادر الأمان بها.
مشكلة أن نشعر بأن حقوق الإنسان عندنا تحولت إلى روتين ممل، وغرقت في بيروقراطية مهلكة، وفقدت تلك الروح التي تنتصر على كل شيء لأجل ذاك الإنسان البسيط الذي يملك كل الحق وهو يعيش في وطن الرخاء والنماء والعز والكرامة.
أوكي..