حراك الشعبي في إيران احتجاجا على غلاء المعيشة
تراقب تطورات الوضع في إيران أن تدفع الاحتجاجات الأخيرة النظام الإيراني إلى التوقف كرها عن دعم أذرعه في المنطقة ليس بسبب ما تواجهه من ضغوط شعبية بل بسبب التركيز على احتواء الاحتجاجات التي أعادت للأذهان انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت أنظمة في المنطقة.
وما يثير قلق السلطات الإيرانية هو أن الاحتجاجات شعبية وعفوية بلا قائد على خلاف احتجاجات 2009 التي قمعتها الأجهزة الأمنية بشدة على اثر تشكيك المعارضة حينها في فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية.
ونجحت أجهزة القمع الإيرانية في اخماد تلك الانتفاضة ووضعت رمزيها مهدي كروبي ومير حسين موسوي قيد الاقامة الجبرية واعتبرت الدعوة لإطلاق سراحهما خيانة.
لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الوضع مختلف كليا على الثورة الخضراء في 2009، حيث أن الحراك الشعبي الذي بدأ في الاسبوع الأخير من ديسمبر 2017 بلا قيادة.
وأشارت المصادر إلى أن تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأحد التي أعلن دعا فيها الأجهزة الحكومية إلى منح الإيرانيين مساحة من الحرية والانتقاد، تعكس ارتباك الحكومة الإيرانية وعمق الأزمة التي باتت تواجهها مع اتجاه الأوضاع للخروج عن السيطرة.
ورغم القمع العنيف للمتظاهرين وسقوط عدد من القتلى واعتقال المئات بدا الإيرانيون أكثر عزما على مواصلة الانتفاضة الشعبية.
ويقول متابعون لتطورات الوضع في إيران، إن استمرار الاحتجاجات يؤكد أن الشعب الإيراني كسر أخيرا حاجز الخوف وأن احتمال التراجع عن المظاهرات ضعيف جدا.
وتوقعوا أن تكبر كرة النار في الساحة الإيرانية بعد عقود من حملات قمع مارستها المؤسسة الدينية والأمنية.
وكانت مقاطع فيديو قد أظهرت متظاهرين وهم يمزقون صور الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والمشرف على العمليات الخارجية في العراق ولبنان وسوريا واليمن.
ويعتبر تمزيق صور سليماني تجاوزا للخطوط الحمراء ودليلا على كسر حاجز الخوف ويؤكد أيضا رفض غالبية الإيرانيين لأجندة النظام الذي يهمل القضايا المحلية الملحة في مقابل صرف ملايين الدولارات على أذرعه في المنطقة لزعزعة استقرارها.
آمال يمنية
والثلاثاء أعرب وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي عن آمال بلاده في نجاح "الانتفاضة الإيرانية"، مطالبا العالم بأن يستمع جيدا لمظلومية الشعب الإيراني.
وتدعم إيران ميليشيا الحوثي الشيعية التي سيطرت على الحكم في اليمن بقوة السلاح في سبتمبر 2014.
ومن شأن الاضطرابات الآخذة في التفاقم في إيران أن تكف ايدي طهران عن التدخل في الشؤون اليمنية، وسط توقعات بأن تدفعها الاحتجاجات الشعبية لخفض أو وقف دعمها للحوثيين.
وتتهم الحكومة اليمنية الشرعية والدول الخليجية والمجتمع الدولي إيران بتسليح الحوثيين خاصة بعد استهدافهم للسعودية بصواريخ باليستية تشير كل الدلائل إلى أنها إيرانية الصنع.
وقال المخلافي إن "الانتفاضة الإيرانية تكشف حاجة الشعوب الإيرانية إلى أن تعيش في سلام ورخاء مع شعوب المنطقة".
جاءت تعليقات الوزير اليمني سلسلة من تغريدات على صفحته الرسمية بموقع تويتر، فيما تتصاعد المظاهرات الشعبية في إيران والتي انطلقت في 28 ديسمبر 2017 احتجاجا على غلاء المعيشة.
وأشار إلى أن النظام الإيراني ظل "يحلم في تصدير الثورة والخراب والدمار إلى المنطقة، ما أصاب الإيرانيين أيضا في معيشتهم التي انخفض مستواها بسبب ما تنفقه طهران على هذه الأحلام المجنونة".
وقال المخلافي إن اليمن عانى من تدخل النظام الإيراني في شؤونه الداخلية منذ عقود وتسبب في إشعال عدة حروب ما تزال آخرها قائمة حتى الآن من خلال دعم جماعة الحوثي.
وأضاف "من حقنا، وفقا لذلك أن نتمنى لتطلعات الشعب الإيراني النجاح في تحقيق الحرية وإيقاف المغامرات الخارجية".
وطالب الوزير اليمني العالم بدعم الانتفاضة الشعبية في إيران، مشددا على أن "على العالم أن يستمع جيدا لصوت الشعب الإيراني المستضعف والمغلوب على أمره".
ولم يصدر عن الجهات المعنية في طهران، أية تعليقات فورية على تصريحات الوزير اليمني.
حزب الله والحشد الشعبي والأسد
ويتوقع على نطاق واسع أن يتراجع الدعم الإيراني لحزب الله اللبناني وللنظام السوري ولفصائل الحشد الشعبي العراقية في ظل تقارير تشير إلى أن الاحتجاجات بدأت تؤثر بالفعل على مستوى الاستثمار ومعلومات تتحدث عن سحب مستثمرين لأموالهم خاصة في المناطق التي تشهد اضطرابات عنيفة.
واذا تواصلت الاحتجاجات بوتيرتها الحالية من شأنها أن تفاقم الأزمة الاقتصادية في إيران، ما سيجبرها على خفض الدعم لتلك الجماعات وللنظام السوري الذي ساهم التدخل الإيراني ميدانيا في صموده منذ تفجر الحرب الأهلية السورية في مارس 2011.
لكن ثمة قراءات لم تستبعد أن تستعين طهران بتلك الميليشيات لإخماد المظاهرات وأن تدخل الميليشيات التابعة لإيران يبقى مسألة مرهونة بمدى تطور الوضع واحتمال تحول الاحتجاجات الشعبية إلى ثورة على غرار انتفاضات الربيع العربي.
وتشهد إيران منذ الخميس الماضي مظاهرات بدأت في مدينتي مشهد وكاشمر (شمال شرق) احتجاجا على غلاء المعيشة، لكنها سرعان ما تحولت إلى مظاهرات مناهضة للنظام وامتدت لاحقا لتشمل مناطق مختلفة من بينها العاصمة طهران.
وارتفع سقف المطالب الشعبية من تحسين الأوضاع المعيشية وانتقاد التمدد الإيراني الخارجي على حساب الشواغل المحلية إلى المطالبة برحيل نظام الملالي.
ووفقا لبيانات رسمية إيرانية الثلاثاء لقي 23 شخصا مصرعهم على الأقل واعتقل أكثر من 500 آخرين منذ اندلاع الأحداث.
أوكي..