بيان تمارة حول الأرض والمسألة العقارية الأرض والعقار: من خدمة الريع إلى السيادة الشاملة من أجل سياسة عقارية شعبية جذرية

الأنوال نيوز
في مغرب تتسع فيه الفوارق الاجتماعية والمناطقية، تبرز قضية العقار كأحد المفاتيح الكبرى لفهم منطق التوزيع غير العادل للثروة والسلطة. لقد تحول العقار إلى مجال للاغتناء السريع والريع المنظم والفساد البنيوي، بدل أن يكون أداة للعدالة الاجتماعية والمناطقية وللتنمية.
إن الفعاليات المشاركة في ندوة تمارة حول موضوع " قضايا المسألة العقارية بالمغرب وآثارها الاجتماعية على حقوق المواطنين/ات" المنعقدة يوم السبت 17 ماي 2025، وبعد تشخيصها للأعطاب الهيكلية للسياسة العقارية بالمغرب التي بقيت أسيرة مقاربات تكنوقراطية معزولة عن الواقع المعاش، تعتبر أنه حان الأوان لقوى اليسار أن تطرح مشروعا تحرريا وجذريا يعيد الأرض والسكن إلى موقعهما الطبيعي: كحق شعبي وسيادة جماعية للمغربيات والمغاربة، وبع إدانتها للإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني المحتل في حق الأرض والشعب الفلسطيني من تطهير عرقي وتهجير من أرضه التاريخية، ودعوتها الدولة والحكومة المغربيىة إلى إسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب.
وبناء عليه، تداول الحزب الاشتراكي الموحد فرع تمارة في مخرجات الندوة، وإيمانا منه بأن الأرض ملك مشترك لبنات وأبناء المغرب وأن السكن حق غير قابل للمضاربة الفاسدة، واقتناعا منه بأن العقار يجب أن يسخر أولا وقبل كل شيء لضمان حق السكن والأمن والسيادة الغذائيين والحق في مدينة مواطنة، فإنه يسجل:
_سيادة المقاربة الحكومية الهادفة إلى اختزال الأرض في سلعة تخضع لقانون السوق والمضاربة وافتراس التحالف الطبقي الإداري – السياسي، تحالف الفساد والاستبداد اللذين يسودان ويهيمنان ويحكمان بلدنا العزيز.
_الحاجة إلى قطيعة مع السياسات النيوليبرالية التبعية الجشعة التي جعلت من العقار خزانا للريع وآلية لإعادة إنتاج الامتيازات والسلطة.
_الحاجة إلى مراجعة موجة التحفيض الجائر لأراضي قبائل الأقاليم الصحراوية الجنوبية للمغرب، ويدين الاعتداءات الجسدية والمعنوية التي تعرض لها بعض أعضاء التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاثة واد نون الساقية الحمراء وواد الذهب.
وانطلاقا من ذلك، فإنه يدعو إلى إعمال سياسة عقارية بديلة، مؤسسة على ما يلي:
•تفكيك بنية الريع العقاري بالمغرب، وتفعيل مبدأ " من أين لك هذا" والمبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك بــ:
_محاسبة كل من راكم الثروة عبر تفويتات عقارية مشبوهة.
_استرجاع وتأميم الدولة للأراضي المكتسبة بطرق فاسدة أو بدون مردودية اجتماعية حقيقية أو المجمدة لأغراض مضارباتية.
_فرض ضريبة تضامنية تصاعدية على كبار الملاك العقاريين.
•التأميم الاجتماعي للأراضي الاستراتيجية عن طريق:
_إعمال الشفافية وإزالة الغموض الذي يلف العقار بالمغرب، وذلك بإنشاء مرصد وطني عمومي للعقار تحت الرقابة المؤسساتية الرسمية والشعبية. ويجدد بالمناسبة رفضه للتعديلات التشريعية الهادفة إلى تقنين منع وضع شكاوى من طرف مكونات المجتمع المدني، واستهجانه سحب مشروع قانون الاثراء غير المشروع، ...)
_إعادة النظر في كل التفويتات العقارية للدولة لفائدة المحظوظين والزبناء السياسيين دون نتائج اقتصادية واجتماعية تنموية، واسترجاعها كملكية للدولة والشعب.
_تمكين الجماعات الترابية من صلاحيات فعلية لتدبير العقار المحلي في إطار الجهوية الحقيقية بالمعايير الدولية مع ربط المسؤولية بالمحاسبة دائما.
•إصلاح قانوني جذري يتجه نحو:
_توحيد النظام العقاري المغربي في إطار مدونة قانونية موحدة تحمي المستضعفين وتضمن حقوقهم في الأرض.
_تمليك أراضي الجموع والحبوس والكيش وأراضي القبائل للطبقات الشعبية المستغلة لها فعليا في إطار مقاربة تنموية للاقتصاديات الشعبية والاجتماعية الوطنية سواء بدعم المقاولة الصغرى والمتوسطة أو التعاونيات المواطناتية للمعنيين.
_وضع تدابير لإنهاء التمييز بين العقار "المحفظ" وغير المحفظ في الولوج إلى الحقوق وذلك بتعميم التحفيظ وتسهيل مساطره ووضع تدابير حماية شاملة للملكية العقارية.
_مراجعة القانون 7-81 بوضع تعريف دقيق للمنفعة العامة والتنصيص على الحق في إعادة الإسكان والتعويض عن الإبعاد عن البيئة والمسكن الأصليين وإحداث آلية مؤسساتية للتعويض والمواكبة الإجتماعية والإدماج.
•عدالة ترابية في توزيع الأرض والاستثمار العقاري:
_تخصيص نسب من العقارات العمومية لصالح التعاونيات الفلاحية والسكنية مع مواكبتها ومراقبتها في إطار مقاربة لاقتصاد شعبي وطني.
_إحداث مشاريع عقارية موجهة للعالم القروي لوقف النزوح الجماعي وذلك بتشجيع تصنيع محلي في مجالات الصناعة الغذائية: الأعلاف والتربية الحيوانية والتنجهيزات الفلاحية...
ولأن اللوبي العقاري المفترس ماض، بلا هوادة، وبدون وازع أو حس وطني في تفصيل الأراضي الفلاحية بضواحي المدن بإطلاق مشاريع سكنية بأثمان تستنزف القدرة الشرائية للأسر، ولأن مدننا تخترقها فراغات لعقارات مجهولة مالكوها، ولأجل استكمال العمران داخل المدن أولا وقبل كل شيء، فإن سياسة المدينة تستلزم منع تحويل الأراضي الفلاحية إلى مشاريع عقارية بدون اعتماد مقاربة مركزية - مؤسساتية صارمة على أساس معايير دولية للتمدن والتعمير.
•الحق في السكن اللائق كحق دستوري للمواطنين ( الفصل 31)، يقتضي وضع التدابير الفعلية اللازمة لــ:
_الحد من تعدد التملك العقاري الذي يتجاوز الحاجة المشروعة، أو الذي يتحول إلى مقاولات مقنعة للكراء أو للتجميد والاكتناز العقاري والمضاربة.
_تسقيف قانوني لأسعار العقارات والسكن في المدن الكبرى للحد من المضاربات الجشعة وحماية القدرة الشرائية للمواطنين/ات.
_ضمان ولوج الشباب والشابات إلى العقار عبر دعم مباشر للتعاونيات والمقاولات الصغرى والدقيقة.
وختاما، فالأرض يجب أن تكون في خدمة التنمية والمواطنين/ات لا لمن يراكم الربح الجشع، فقضية الأرض والعقار تتجاوز البعد القانوني، بل هي رهان تحرري تنموي وطني شامل وعادل ومنصف. لقد احتل الريع الأرض وماض في تماديه وطغيانه، من طرف الرأسمال الطفيلي، ومن طرف من لا يؤمنون إلا بالربح. فتحرير العقار يعني تحرير إمكانيات شعبنا لبناء مستقبل مشترك وعادل ومزدهر.
وهكذا وبناء على خلاصات ندوة تمارة، يوجه الحزب الاشتراكي الموحد – فرع تمارة الدعوة إلى القوى الحية، السياسية والنقابية والحقوقية والتنسيقيات المجتمعية والديناميات الاجتماعية وإلى كل ضمير حر لخوض معركة العدالة العقارية كجزء من معركة الكرامة والديمقراطية والسيادة الشاملة. ولتحقيق هذا الهدف، وجب التنسيق:
-من أجل تأسيس جبهة سياسية يسارية ديمقراطية من أجل العدالة العقارية والاجتماعية.
-تأسيس تنسيقية وطنية جامعة لمواجهة الاستنزاف العقاري بالمغرب.
-إحداث مرصد مدني للدراسات والأبحاث والرصد العقاري.
أوكي..