غـزة وغزوة الخندق: ملحمة الثبات والوفاء، ووعد النصر..
_7.jpg)
الأنوال نيوز :محمد حمداوي
في تاريخ الأمة الإسلامية محطات فاصلة كانت ميدانا للصراع بين الحق والباطل، وبين إرادة المستضعفين وجبروت الظالمين. ومن أبرز هذه المحطات، غزوة الخندق في عهد سيدنا رسول الله ﷺ. ومثال على ذلك ما نراه رأي العين اليوم فيما يعيشه قطاع غـزة من إبادة جماعية ومن حصار وتجويع، ولكن أيضا من مقــاومة وصمود قل نظيره في التاريخ الإنساني.
وفي هذا المقال، نقف في نقاط، لنربط بين الواقعتين، مستندين إلى آيات القرآن الكريم وأحداث السيرة النبوية، لبث الأمل في الصامدين، القابضين على الجمر، في القطاع، وحث الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم على تجديد العزم والنهوض لنصرتهم، بعيدا عن التعويل على الحكام المتخاذلين.
1 | تحالف الأعداء لكسر شوكة المسلمين
كما اجتمعت قريش والقبائل العربية مع يهــود بني قريظة في غزوة الخندق لإبادة المسلمين، اجتمعت القوى الصهــيونيـة والعالمية اليوم على غــ..ـــزة، بهدف القضاء على مقــاومتها وتهجير سكانها.
روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان أهل الخندق في ضيق وشدة وجهد جهيد، حتى إن أحدهم ليحفر وهو لا يستطيع أن يرفع رأسه من شدة الجوع."
لكن كما فشلت القبائل المتحالفة في كسر شوكة المسلمين، سيفشل العدو في تركيع غــــزة.
2 | الحصار الخانق وسد المنافذ
عانى المسلمون في المدينة من الحصار والجوع والبرد، كما يُفرض على غــزة اليوم حصار يمنع الغذاء والدواء تحت القصف والقتل والتدمير المستمر، لكن الإرادة تزداد صلابة بإذن الله تعالى، ويعلم الشعب الفلسطيني أن هذه الطريق، طريق المقــاومة، هي الطريق الوحيدة التي أدت إلى التحرير في الأوطان العربية والإسلامية، قبل أن يؤول الأمر في غفلة من أهلها إلى عملاء وخونة قتلوا الشرفاء واستنزفوا الخيرات وباعوا الأوطان للعدو الذي أخرجته سواعد المقــاومة، فارتكست الأمة الى تخلف وذلة وهوان، اضطر معه أحرارها إلى مشوار طويل من أجل تحرير ثان متعدد الأشكال والأوجه والمنهجيات والسبل، له أثمانه وكلفته، نعم، وله أخطاؤه أيضا نعم. لكنه، حتما بإذن الله سيعيد لهذه الأمة عزتها ومجدها.
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "رأيت بالنبي ﷺ جوعا شديدا، فذهبت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله ﷺ شيئًا لا أطيقه. فأتينا بخبز قليل ولحم، فلما رأى النبي ﷺ الطعام دعا أهل الخندق، فأكلوا حتى شبعوا، وكان ذلك من بركة النبي ﷺ".
3 | الخوف والفتن الداخلية
واجه المسلمون في المدينة حملة تهويل إعلامية من المنافقين الذين قالوا: "مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا" (الأحزاب: 12)، كما نرى اليوم بعض الأصوات الانهزامية التي تدعو للاستسلام، ورفع الرايات البيضاء، ونعلم في تاريخنا الحديث عواقب استسلام المقـاومة وترك السلاح بعد 1982 في بيروت، وبعد أوسلو في الضفة الغربية، وكيف أدى ذلك إلى التفريط في حقوق أخرى وإلى تغول للعدو الصهـيوني وحلفائه، وكيف اكتسح الضفة وصادر مزيدا من الأرض وضاعف تنكيله بالشعب الفلسـطيني. ثم عكس ذلك يسجل التاريخ الحديث القريب أن العدو لم يجلسه للتفاوض إلا المقـاومة، ولم يرتدع إلى بها، مع طالبان في أفغانستان ومع المقـاومة في قطاع غــ..ـــزة بعد 15 شهرا من العدوان المدمر على شعب أعزل. فكيف يطلب من فرسان الأمة التفريط في لواء العز والشرف وقهر العدو الذي هو سلاح المقـاومة ؟!!
4 | المقــاومة بالإبداع رغم قلة الإمكانيات
حفر المسلمون الخندق بأسلوب دفاعي غير مسبوق، وفي غــزة تقاتل المقــاومة بأساليب مبتكرة، تصنع السلاح من القليل المتاح، وتحبط خطط الاحتلال.
5 | المدد الإلهي في أحلك الظروف
حينما بلغ الخوف أشده، أرسل الله ريحًا وجنودًا لم يروها، ففرّ الأحزاب يوم الخندق خائبين. وفي غــزة، رغم ضعفها، تفشل خطط الاحتلال مرارا. فيندحر بعد 15 شهرا ثم يعود للعدوان من جديد بأمل جديد، يخيب خيبة كبرى بإذن الله، ولن يسعفه إلا الجلوس للمفاوضات بشروط مشرفة للمقــ..ـــاومة ولأهل غــزة وللأسرى ولفلســطين. الأثمان باهظة نعم، لكن ليس هناك طريق آخر من أجل ردع العدو وكسر جبروته واندحاره عن فلســطين.
قال النبي ﷺ : "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة."
6 | خذلان المنافقين والمتخاذلين
كما تخاذل المنافقون في غزوة الخندق، يتخاذل اليوم بعض الحكام العرب والمسلمين، بل إن بعضهم يطبّع مع العدو بدل مقاطعته، وتتخلف كثير من الشعوب العربية الإسلامية عن الخروج الجماهري للميادين نصرة لغــزة و تنديدا بحرب الإبادة والتهجير التي تستهدف القطاع.
7 | لحظة طــوفان الأقــصى: فرصة تاريخية
مثلت عملية "طــوفان الأقـصى" منعطفًا فارقًا في تاريخ الصراع مع العدو الصهــيوني، حيث اهتزت أركان الاحتلال. لو عرفت الدول العربية والإسلامية كيف تستغل هذه اللحظة، لتغيّر مجرى التاريخ.
كان يمكن وقف التطـبيع، وفرض ضغوط اقتصادية، وإطلاق مقــاومة شعبية، لكن التخاذل الرسمي أضاع الفرصة. ومع ذلك، يبقى الأمل معقودًا على الشعوب الحرة.
8 | البشرى بالنصر رغم المحن
عندما ضرب الرسول الكريم ﷺ الحجر في الخندق، بشر أصحابه بفتح الشام وفارس واليمن، رغم الحصار. واليوم، يرى الصادقون أمل النصر يتولد من المعاناة الكبيرة العظيمة لأهل غــزة، بثباتهم وبأداء المقـاومة.
9 | التضامن والتكافل في زمن الشدة
في غزوة الخندق، تقاسم المسلمون الطعام القليل وصبروا معا، كما يحدث في غـزة حيث يتقاسم الناس الخبز والماء رغم قلة الموارد.
10 | الإعلام المضلل والدعاية الكاذبة
كما نشر المنافقون في المدينة أكاذيب لزعزعة ثقة المسلمين، ينشر الإعلام الصهــيوني وداعموه أكاذيب لتشويه المقـاومة والتغطية على جرائم الاحتلال.
11 | المرأة شريكة في الصمود والمقـاومة
كما كانت النساء في المدينة تساند الرجال بالصبر والتربية والتوجيه، فإن نساء غــزة اليوم يشاركن في الصمود والتحدي، ويقدمن الشهـــداء والمجـاهدين.
12 | دعاء الصالحين وتحقيق النصر
قال الرسول الكريم ﷺ في أحلك لحظات الحصار: "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، وزلزلهم."
وفي غزة، لا ينقطع الدعاء بأن ينصر الله المقــاومة، ويثبت أقدامهم، ويفك الحصار عنهم.
13 | النصر وعدٌ إلهي لا يتخلف
"وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ" (الحج: 40). وكما نصر الله المؤمنين في الخندق، سينصر أهل غــزة، بشرط الثبات والصبر والتوكل على الله.
كما كانت غزوة الخندق اختبارا حقيقيا، فإن غــ..ـــزة اليوم تختبر الأمة. فمن انحاز للحق، فهو على درب النصر، ومن تخاذل، فقد اختار أن يكون من المرجِفين والمنافقين لكن العاقبة للمؤمنين، وثبات غـزة بمقــاوميها ومدنييها يمثل خطوة صحيحة على طريق النصر القادم بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز.
نصر الله غزة وأهلها، ورفع راية الحق عاليا
أوكي..