إنّ التصوف له شأن عظيم في إصلاح المجتمع وإصلاح الأفراد والجماعات، فقد كان للتصوف تاريخ مشرق لا يزال نوره يشع علينا إلى هذه الأيام القفار رغم ما اكتنف هذا المنهج العظيم من تغيير وتبديل واستغلال لكثير من معانيه ومسالكه، إلا أنه سبيل وطريق حسن مضيء ينور الأفهام ويساهم برفعة البنيان، ولم يكن يوما معولا للهدم والخسران والتنفير والتفجير، فالمتصوف الحقيقي بفعله الحسن وخلقه النبيل والتزامه بآداب وتعاليم الشرع الحنيف يتكافل مع إخوته في المجتمع ليكونوا كالجسد الواحد متعاضدين يلبي حاجاتهم بعطف ولين جانب، يخدمهم ابتغاء الثواب من الله تعالى، ليكون مجتمعا نبيلا مزدهرًا يعمر الأرض وينفع البلاد والعباد متسلحا بوسطية الإسلام وسماحته بالعلم والعمل والإخلاص في الظاهر والباطن.
فالمتصوف الحقيقي يهذب نفسه ويصلحها بالتزام الشرع الحنيف، ليكون مثالا يُحتذى به في المجتمع أملا في تغيير نفسه ومن حوله وصولا للمراتب العالية في الآخرة، مع الأخذ بالأسباب في الدنيا من حيث العمل والإخلاص وعمارة البلاد ورفعتها، فمن هذّب نفسه وأدبها كيف يرضى بفساد وتخلف مجتمعه ومحيطه؟! لذلك حرص المتصوفة الحقيقيون على أن يكونوا منارة يُحتذى بها في إصلاح أنفسهم ومجتمعهم ورفعة أمتهم وتقدمها.
والتصوف يبرأ من المتشددين والمغالين الذين حكموا بقتل أنفسهم بدلا من إحيائها، وفعلوا بعض الأفعال التى لا يرضى عنها الله ورسوله، فهؤلاء ليسوا من المتصوفة الذين نتحدث عنهم ولا يتحمل المصلح ذنب المفسد، ولا الصالح ذنب الطالح.
مما سبق يظهر جليا أن التصوف كمنهج حياة عامل مهم في رقي المجتمع وازدهاره والمحافظة على منجزات الوطن إضافة لمهمته الرئيسية وهي إصلاح الفرد والترقي به.
أوكي..