من الثورة إلى الدولة: التحديات والفرص أمام السوريين
الأنوال نيوزبقلم :حسن بناجح
المطلوب من الثوار السوريين في هذه المرحلة التاريخية الحساسة العمل الجاد والمدروس للتأسيس لمرحلة انتقالية تمهد لاستقرار الدولة ومؤسساتها، بما يضمن عدم تكرار إخفاقات تجارب ربيع 2011 والاستفادة من إيجابياتها. تحقيق هذا الهدف يتطلب رؤية شاملة وواقعية، ووعيا عميقا بحساسية المرحلة ودقتها، لتجنب المنزلقات التي قد تعيق بناء سوريا الجديدة، لتكون بالفعل وطنا لكل السوريين.
أولا: التوافق الوطني الشامل:
المرحلة الانتقالية تتطلب أوسع قدر من التوافق بين مكونات المجتمع السوري، بكل تنوعاته. هذا يعني إطلاق حوار وطني جامع يشمل الجميع، بعيدا عن الإقصاء أو التهميش. فلا يمكن تحقيق الاستقرار دون إشراك كل السوريين في صنع مستقبلهم المشترك.
ثانيا: بناء مؤسسات الدولة على أسس قوية:
لا استقرار بدون مؤسسات دولة مهنية وقوية تقوم على الكفاءة والشفافية،لا المحاصصة أو الولاءات الضيقة. يجب العمل على إعادة هيكلة مؤسسات الأمن والقضاء والجيش، لضمان استقلاليتها وتحريرها من إرث الاستبداد، مع التأكيد على حماية حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون.
ثالثا: إدارة المرحلة الانتقالية بحكمة وشفافية:
المرحلة الانتقالية يجب أن تكون تحت إدارة قيادات قادرة على تحقيق التوازن بين الإصلاح الفوري وحفظ الاستقرار. ينبغي وضع جدول زمني واضح لمراحل الانتقال، مع ضمان الشفافية في إدارة الموارد وتوزيع السلطة لضمان ثقة الشعب.
رابعا: تجاوز الانقسامات وتحقيق المصالحة الوطنية:
من أهم دروس الربيع العربي أن الانقسامات الداخلية تشكل خطرا وجوديا على أي مشروع وطني. المصالحة الوطنية ضرورة لتجاوز الماضي المؤلم وفتح صفحة جديدة قائمة على العدل وجبر الضرر وتعويض الضحايا، دون الانتقام أو الإقصاء.
خامسا: وضع دستور جديد يعكس طموحات السوريين:
الدستور هو العقد الأساس الذي يحدد طبيعة العلاقة بين الدولة والمواطن. يجب أن يتم وضع دستورجديد يعكس تطلعات الشعب السوري، ويضمن حقوق الأفراد والجماعات، ويؤسس لدولة مدنية ديمقراطية، تكون سيادة القانون فيها فوق الجميع.
سادسا: التركيز على التنمية وإعادة الإعمار:
لا يمكن للثورة أن تحقق أهدافها في ظل الفقر والتهميش. يجب إعطاء الأولوية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع ضمان عدالة توزيع الموارد.
سابعا: استقلال القرار الوطني وتحصين السيادة:
على الثوار السوريين أن يحذروا من الانزلاق في تبعية لأي طرف خارجي. يجب أن يكون القرار الوطني مستقلًا، يعبر عن مصالح الشعب السوري فقط، مع تحصين السيادة ضد أي محاولات للتدخل أو الهيمنة، سواء كانت إقليمية أو دولية.
ثامنا: بناء الثقة بين الشعب والقيادة الانتقالية:
عانى الشعب السوري طويلا من فقدان الثقة في السلطة. لذلك، يجب أن تعمل القيادة الانتقالية على بناء الثقة من خلال الالتزام بالمبادئ المعلنة، وتحقيق العدالة والمساواة، والاستماع لصوت الشعب والعمل لصالحه.
في خلاصة، إن نجاح المرحلة الانتقالية يتوقف على قدرة الثوار على تجاوز إرث الماضي، واستيعاب الجميع في مشروع وطني جامع، يقوم على أسس العدل والديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان. سوريا الجديدة لن تكون إلا بكل السوريين ولأجل كل السوريين.
أوكي..