بيان بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة
الأنوال نيوز
في إطار احتفال العالم باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يُصادف الثالث من ديسمبر من كل سنة، يُجدّد المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان التزامه الدائم بالدفاع عن حقوق هذه الفئة الاجتماعية التي تُعد جزءً لا يتجزأ من النسيج الوطني.
كما يغتنم هذه المناسبة للتذكير بجسامة التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب، وتسليط الضوء على مختلف أشكال التمييز والإقصاء التي تُعاني منها هذه الفئة على جميع الأصعدة.
وتأتي أهمية تعزيز قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على اتخاذ القرارات والقيادة في أولويات أجندة الإعاقة العالمية.
فعلى مدار العقود الماضية، دافع الأشخاص ذوو الإعاقة ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة بالفعل عن التغييرات في مجتمعاتهم، وقادوا العديد من المبادرات التي تقودها المجتمعات المحلية ليس فقط لتعزيز حقوقهم ورفاهتهم، بل وأيضًا لتعزيز التنمية الشاملة على سبيل المثال تمكين الجميع من الوصول الشامل إلى الخدمات الأساسية؛ وقد فعلوا ذلك من خلال اتباع نهجين مستهدفين وشاملين لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال التشاور وجمع البيانات وتحليلها، والدعم من خلال جهود المناصرة والمساءلة.
ويحتفل العالم باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة 2024، الذي اختارت له الأمم المتحدة شعار:" تعزيز قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة لمستقبل شامل ومستدام" فسياق يتسم بالتطورات العالمية المحورية، من قمة المستقبل إلى القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية القادمة، كما تستكمل هذه القمم العالمية الرئيسية بعضها البعض في توفير خارطة طريق مستمرة نحو السلام والتنمية الشاملة والمستدامة للأشخاص ذوي الإعاقة.
واقع الإعاقة في المغرب: تحديات مستمرة
لا تزال الإحصائيات الرسمية تُظهر واقعًا مؤلمًا للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تقدر نسبة ذوي الإعاقة في المغرب بحوالي 6.8% من إجمالي السكان؛ ورغم الجهود المبذولة من طرف الدولة، لا تزال هذه
الفئة تواجه تحديات كبرى في مجالات متعددة، منها التعليم، الصحة، التشغيل، والمشاركة الاجتماعية والسياسية.
التعليم: حق مغيّب
يُعاني الأطفال ذوي الإعاقة من صعوبات جمة في الولوج إلى التعليم، إذ أنه رغم التشريعات التي تُلزم بدمجهم في المنظومة التعليمية، إلا أن الواقع يكشف عن قصور واضح في تنفيذ هذه الالتزامات، حيث من الواضح أن ضعف البنية التحتية جعل المنظومة التعليمية تفتقر إلى العديد من المدارس والتجهيزات الملائمة التي تستجيب لاحتياجات التلاميذ ذوي الإعاقة؛ هذا بالإضافة إلى نقص الكوادر المؤهلة وغياب مدرّسين متخصصين في التعامل معهم، مما يُعرقل حقهم في تعليم جيد، فيما تظل المناهج الدراسية بعيدة عن التكييف مع احتياجاتهم، مما يزيد من معدلات التسرب المدرسي بينهم.
الصحة: خدمات غير كافية
في المجال الصحي، يعاني الأشخاص ذوي الإعاقة من صعوبة الوصول إلى خدمات صحية ملائمة، سواء من حيث التجهيزات أو الكوادر الطبية المتخصصة، وقلة المراكز المتخصصة، حيث تظل الخدمات الصحية الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة محدودة جدًا ومتركزة في المدن الكبرى فقط؛ كما يشكل عدم استفادت اغلبهم من التغطية الصحية الشاملة وارتفاع تكلفة العلاج حاجزًا كبيرًا أمام استفادة هذه الفئة من الخدمات الصحية الضرورية.
التشغيل والإدماج الاقتصادي: إقصاء ومعاناة
يُعتبر سوق الشغل من أبرز المجالات التي تُعاني فيها هذه الفئة من التمييز والإقصاء، وهو ما تؤكده أرقام نسبة البطالة المرتفعة في صفوفها حيث تتجاوز المعدلات الوطنية بكثير.
فرغم وجود قوانين تُلزم المؤسسات بتشغيل نسبة معينة من الأشخاص في وضعية إعاقة، إلا أن هذه القوانين لا تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي، خاصة أمام افتقار الدولة إلى سياسات واضحة وفعالة لإدماج هذه الفئة في سوق الشغل، سواء من خلال التكوين المهني أو عبر دعم المقاولات.
المشاركة الاجتماعية والسياسية: تغييب مستمر
لا تزال مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة العامة محدودة، نتيجة لعوائق متعددة تتمثل في ضعف التمثيلية السياسية وتغيب هذه الفئة بشكل كبير عن مواقع اتخاذ القرار، بالإضافة إلى الإقصاء الثقافي والاجتماعي الذي تكرسه النظرة الدونية السائدة في المجتمع، مما يُعرقل اندماجهم.
الاختلالات في السياسات العمومية لعام 2024
رغم إصدار عدة قوانين واستراتيجيات وطنية، مثل السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه السياسات على أرض الواقع يعرف بطءا كبيرًا.
فغياب الرقابة والمحاسبة وآليات تفعيل البرامج المذكورة يجعل منها حبرًا على ورق، ويكرس ضعف التنسيق بين القطاعات الحكومية في هذا المجال ويؤدي الى تشتت الجهود، وضياع الفعالية.
مطالبنا العصبة المغربية للدفاع عن حقوقو الإنسان:
انطلاقًا من مسؤوليتنا في الدفاع عن حقوق الإنسان، يُطالب المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بما يلي:
1. تعزيز الترسانة القانونية من خلال مراجعة القوانين الحالية، وإصدار تشريعات تضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل أكثر فعالية؛
2. تطبيق القوانين على أرض الواقع وذلك بتفعيل القوانين المتعلقة بتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، وفرض رقابة صارمة على المؤسسات الخاصة والعمومية؛
3. تعميم التغطية الصحية وتوفير تغطية صحية شاملة، وضمان مجانية العلاج للأشخاص ذوي الإعاقة؛
4. تطوير التعليم الدامج إذ على وزارة التربية الوطنية ان لا تذخر جهدا من اجل تحسين البنية التحتية، وتكوين المدرسين، وتكييف المناهج الدراسية؛
5. تعزيز التوعية المجتمعية عبر تنظيم حملات وطنية لمكافحة الصور النمطية، وتعزيز ثقافة احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛
6. ضرورة العمل على التقائية السياسات العمومية في مجال الإعاقة مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب؛
7. توفير مجانية النقل لذوي الاعاقة خاصة في النقل العمومي بكل أشكاله، وتعميم الولوجيات بكل المؤسسات العمومية والخاصة، وتضمين دفاتر التحملات الخاصة بقطاع العقار بما يلزم المقاولات وىالشركات بضرورة توفر البنايات المخصصة للسكان على الولوجيات.
إن الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يكون مناسبة لتقييم السياسات العمومية، وتصحيح الاختلالات القائمة؛ وهو ما يجعلنا في العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان نؤكد التزامنا بمواصلة النضال إلى جانب هذه الفئة، من أجل تحقيق مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا، يضمن الكرامة والمساواة للجميع، دون تمييز أو إقصاء.
ملتزمون بالدفاع عن حقوق الإنسان
المكتب المركزي
أوكي..