ندوة الاعتقال السياسي في المغرب: "بين مطلب رد الاعتبار ورهان الطي النهائي لصفحة الاعتقال التعسفي"
الأنوال نيوز
نسبة العود المرتفعة بين السجناء المفرج عنهم في المغرب تبرز الفشل الذريع للمؤسسة السجنية في وظيفتها للتأهيل وإعادة الإدماج والرعاية اللاحقة .
أهلا وسهلا ومرحبا بالأصدقاء والصديقات الحاضرين معنا وبعموم الحضور الكريم في فعاليات
ندوة "الاعتقال السياسي في المغرب: بين مطلب رد الاعتبار ورهان الطي النهائي لصفحة الاعتقال التعسفي".
بداية نترحم على شهداء الشعب الفلسطيني واللبناني ونتمنى شفاء جرحى ومعطوبي الحرب العدوانية الصهيونية المدعومة من الدول الغربية بقيادة الطاعون الولايات المتحدة الأمريكية، ونجدد دعوتنا للحاكمين بإلغاء التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يقوم بحرب إبادة جماعية للشعب الفلسطيني واغتيال قيادات المقاومة الوطنية الفلسطينية.
وأدعوكم للوقوف دقيقة صمت ترحما على عموم الشهداء الذين قضوا من أجل التحرير والحرية والكرامة والديمقراطية بكل بقاع العالم.
نستلهم بالمناسبة قولة نيلسون مانديلا " إذا خرجت من السجن في نفس الظروف التي اعتقلت فيها، فإنني سأقوم بنفس الممارسات التي سجنت من أجلها "
سنتطرق من خلال موضوعنا لــ "ضرورات إصلاح ما أفسدته السجون المغربية لإعادة الإدماج والرعاية اللاحقة" إلى معاناة ومطالب المفرج عنهم من سجناء أهل السياسة والرأي خاصة، مرورا بالإشارة السريعة إلى ساكنة السجون عامة والمفرج عنهم، وضرورة التطرق للأسباب الكامنة وراء ذلك والتبعات السلبية الإجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأي معالجة ناجعة لعدم السقوط في التعسف السلطوي وطي هذه الصفحة السوداء المؤلمة، وهو ما سيستشفه المهتمون من كل تلك الإشكالات الجزئية المطروحة على الساحة الوطنية ( الاعتقال السياسي والتعسفي، وأحكام الإعدام ومكانة مقاربة النوع، مسألة العود، مسألة حضور القدوة/ المثال، وتلفيق التهم وعدالة المحاكمات، ومواكبة وإعادة الإدماج والرعاية اللاحقة للمفرج عنهم، والوصم الإجتماعي النفسي، ومعالجة مطالبهم، وحرية التعبير والتظاهر السلمي،.....) وعلاقة ذلك كله بنجاعة وظيفة السياسة السجنية المتبعة ببلادنا، مما يستوجب تعاريف نظرية لمفاهيم الدولة والسلطة والسجن، وبالإشكالية الخاصة بموضوع ندوتنا الحالية حول مدى نجاح إصلاح ما أفسدته السجون المغربية خاصة وما يتعلق بالظلم السياسي والإقتصادي والإجتماعي والمس بكرامة وحرية المواطنات والمواطنين، وذلك اعتمادا على قراءة نقدية سريعة للإحصاءات الرسمية.
لا تكمن مهام السلطة حسب فوكو في تنظيم السلط و "التوزيع العادل للثروات"، وفي "سن القوانين" و تفعيل كل ذلك على أرض الواقع، لأنها غير قادرة على استيعابه. فوكو تجاوز "دور الدولة الذي حدده ماركس في المحافظة على ملكيّة وسائل الإنتاج للطبقة المهيمنة".
لقد ذهب فيلسوف الأيديولوجيا إلى أبعد من ذلك، إذ يعتبر "الدولة جهازا ينتج العنف الخفيّ والعنف الناعم، ذلك بواسطة أجهزة البوليس والجيش ليس لحفظ الأمن ولكن للسيطرة على الأجساد وحشرها والتحكّم فيها وتطويعها في كل الحقول السياسية والاجتماعية والطبية والنفسية والجنسية وغيرها.
إنّ مفهوم السلطة هو من التشتّت والغموض بمكان، بحيث " نَعْرِفُ ماهيّةَ السّلطة، هذا الشّيءُ المُغْرِقُ في الإلغاء، الظّاهِرُ والخفيُّ، فإذا كان العالم في منظور نيتشة يؤوّل جماليّا، فإن العالم لدى ميشال فوكو يؤول سلطويا.
أما السجن بالنسبة لفوكو فهو "مكان مغلق يتّجه إلى تجريد الشخص من حرّيته الخاصّة بفعل قرار العدالة". فهو "مؤسّسة كاملة وصارمة" وقد "تشكّل خارج الجهاز القضائي" ويعدّ لحظة مهمّة في تاريخ العدالة الجزائيّة مجسّدا وصولها إلى "الإنسانيّة".
استند تصوّره على أنه عقوبة مثلى، لـ " تلطيف العقوبة ". فأساس السجن أنه عقوبة " استندت إلى جهاز قضائيّ "مستقل" تمكّن بسهولة من الاستحواذ على بقية العقوبات ليكوّن"السّجن-العقوبة" العقوبة الأوفى خصوصا، إذ تعدّ قيمة الحرّية من القيم المؤسسة لجوهر حداثته، وهي قيمة مشاعة بين الجميع مما يؤدي إلى المساواة في خسران هذه الفائدة/الحرية.
بالفعل، على المستوى التطبيقي، وكما سبق أن ذكرناه في مقالة سابقة، فحسب المندوبية المختصة، عدد الساكنة العامة بالسجون المغربية، إلى غاية 31 دجنبر 2023، 38726 معتقلا على خلفية جرائم القوانين الخاصة، و30916 حالة تتعلّق بجرائم الأموال، و12678 بالجرائم المرتكبة ضد الأشخاص، و11174 بالجرائم ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة، و9396 بالجرائم المرتكبة ضد الأمن العام والنظام العام، ثم 8805 حالات تتعلّق بجرائم أخرى. وعليه، فالعدد الإجمالي يصل إلى 111695 سجين عند نهاية 31 دجنبر 2023 ، ويتوقع أن يرتفع العدد إلى 714 122 ألف سجين عند نهاية 2024، مع نسبة تناهز، حسب مكتب الرصد المغربي، 250 سجين لكل 100 ألف نسمة في نهاية 2022.
كما يمثل المحكومون بالإعدام منهم، حسب مرصد السجون 0.10% ، حيث تشهد هذه الفئة بحسب مرصد السجون ارتفاعاً مقارنة بالعام 2021، في حين أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان صرح، خلال تقديم رئيسته للتقرير السنوي (2020)، "أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب يبلغ 74 سجين بينهم سيدتان"، ضمنهم 11 حالة حكمت سنة 2019، وتفيد مصادر أخرى، أن السجناء المحكومون بالمؤبد أو الإعدام فيمثلون %1 من مجموع السجناء.
أما بالنسبة للعود بين السجناء المفرج عنهم في السجون المغربية خلال عام 2024، حسب المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج في المغرب، أثناء إعلانه عن نتائج دراسة حديثة، فإن نسبة العود بلغت 24.6٪، وقد تم تسجيل عودة 49.4٪ من هؤلاء السجناء خلال السنة الأولى بعد الإفراج بالعفو أو بعد إنهاء مدة السجن. هذا يبرز بوضوح الفشل الذريع للمؤسسة السجنية في وظيفتها، سواء تعلق الأمر بـ "رعاية وإصلاح وتأهيل السجناء" أو في هدف " إعادة إدماج المفرج عنهم وتوفير الرعاية اللاحقة لهم ".
لا يتوقف فالأمرعند توفير مؤسسات السجون الضرورية لتنفيذ أحكام قضائية وعقوبات صدرت، بغض النظرعن صحة التهم أوعدالة المحاكمات من عدمهما، بقدر ما يتعلق بالتكفل بالسجناء في المجالات النفسية والاجتماعية والتربوية والجنسية في ظل التشريعات والنصوص القانونية الدولية والوطنية.
وإذا كان هذا الوضع كذلك كما تسجل الأرقام والنسب والرسمية المتعلقة بالسجناء (توقع قرابة 123 ألف سجين/ة سنة 2024)، إذا كان مجتمع قاطنة السجون حاليا بهذا الجيش الكبير من سكان السجون، فإن المفرج عنهم سيكونون بالأضعاف المضاعفة، بحيث يمكن القول بوجود " مجتمع" كامل للسجناء المفرج عنهم ينتظرون إصلاح ما أفسدته السجون وسببه الظلم السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي وفي ظل غياب "قوة المثال" في العدالة ببلدنا، ينتظرون إعادة الإدماج الحقيقي والرعاية اللاحقة الحقة من الآثار السلبية الناتجة عن فترات السجن وما بعده من مخلفات الوصم الإجتماعي والنفسي.
هذا فيما يتعلق بعموم السجناء، أما المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بالمغرب ومعتقلي الحراكات الشعبية السلمية، الوطنية والمناطقية والفئوية، والصحافيين والمدونين أو من اعتقلوا على خلفية أراء ومعتقدات دينية أو فكرية وغيرها من الإعتقالات التعسفية بسبب المقاربة الأمنية المفرطة، فهذا يحتاج إلى دراسة علمية وافية وإلى الرأي المسؤول والشجاع يتجاوز " الرقابة الذاتية" المرضية. في هذا الإطار، كان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان السبق في الإعلان عن رقم 175 معتقلا سياسيا أو بسسب الرأي سنة 2022، ضمنهم معتقلون على خلفية الحراك الشعبي للريف أو آراء دينية ومعتقلين من الاقاليم الصحراوية في ملف " اكديم ازيك" وغيره.
وفيما يتعلق بالمفرج عنهم من هؤلاء المواطنين والمواطنات بسبب الرأي السياسي و الفكري والصحافي و كل ما يتعلق بحرية التعبيرأوعلى إثراحتجاجات اجتماعية سلمية من أجل مطالب اجتماعية واقتصادية وثقافية عادلة و مشروعة، وفليس هناك رقم مضبوط يعتمد عليه خاص بالمفرج عنهم منذ سنوات الرصاص لغاية اليوم التي عرفت اختطافات وشهداء ( المهدي بنبركة، عبد السلام المودن، سعيدة المنبهي، ...). غير أن أي مهتم موضوعي بالإعتقال السياسي والتعسفي سيتحدث عن عشرات المئات إن لم نقل آلاف، وهذه الفئة بالضبط هي التي ستتناولها ندوة فرع تمارة للحزب الإشتراكي الموحد بالنقاش اليوم السبت 26 أكتوبر 2024، بإثارة معاناتها ومطالبها وحقوقها وقضايا رد الإعتبار لها وجبر الضرر لها ولعائلاتها، تحت عنوان " الإعتقال السياسي بالمغرب بين رد الإعتبار ورهانات طي صفحة الإعتقال التعسفي".
تناول هذا الموضوع المركب والمعقد، ضيوف الحزب الإشتراكي الموحد – فرع تمارة، ممثلين عن المعتقلين المفرج عنهم من مختلف التنسيقيات والإطارات الممثلة لهم وكذلك ممثلين عن الهيآت الحقوقية الوطنية، نذكر من بين المتدخلين الحاضرين مشكورين الأساتذة المصطفى المعتصم وسليمان الريسوني والمعطي منجب وأحمد المرزوقي و نورالدين الرياضي وعبد العالي بريك ويحيى فضل الله والبوزياني أحمد جمال وعبد الله أعكاو. وعن الهيئات الحقوقية نشير إلى الأساتذة عبد الإلاه بنعبد السلام والحسني حسن العلوي والحسين المرابط، ومبارك عثماني، وفعاليات حقوقية وسياسية للمشاركة في النقاش.
في حين اعتذر كل من الرفاق عزيز غالي ومحمد المجاوي وسعيد السكتي لظروف قاهرة
ستناول الموضوع من عدة جوانب وأبعاد وفق محاور النقاش التالية:
المحور 1: الحقوقي والمطلبي حول:
الحقوق القانونية للمفرج عنهم، وما يتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المواطنة،
المطالب المعنوية والمادية للمعتقلين المفرج عنهم؛
المحور 2: التقييم والوقوف على :
دور الجهات الدستورية المختصة في معالجة القضايا العادلة والمشروعة للمعتقلين المفرج عنهم: وزارة العدل والمندوبية السامية للسجون وإعادة الإدماج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومسؤولياتها في قضية إعادة إدماج السجناء والرعاية اللاحقة للمفرج عنهم، وجبر الضرر من الناحية المادية والجسدية والنفسية، ورد الاعتبار لهم سياسيا ومدنيا.
وكذلك على شروط استقلالية المنظومة القضائية كضمانة لعدم تكرار ما جرى.
المحور 3: المهام النضالية للإطارات المناضلة لضمان عدم تكرار ما جرى
أي دور للهيآت الديمقراطية واليسارية، السياسية الحقوقية والجمعوية، لإيلاء قضايا المعتقلين المفرج عنهم العناية الخاصة؟
وما الشكل التنسيقي المدني الملائم لإنصاف المتضررين وتعزيز النضال السياسي والحقوقي لضمان عدم تكرار ما جرى؟
كيف ينظرالفاعل السياسي والحقوقي إلى هذه القضايا كمدخل للإصلاح السياسي والدستوري، وكمقدمة لعقد اجتماعي ديمقراطي و متوازن بين الحاكم والمحكومين.
تلكم بعض الأسئلة والقضايا المطروحة في جدول أعمال اللقاء الناجح بكل المقاييس، سنقوم بإعداد كراس يجمع كل المداخلات الثمينة والنقاشات الغنية التي تلتها وإخراج التوصيات الأساسية العملية بشأنها.
كلمة: العلمي الحروني القيادي بالحزب الاشتراكي الموحد
أوكي..