تأجيل دمج "كنوبس" و"الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" يُجنب الموظفين الاحتقان: هل سيكون القضاء هو الخيار الأخير؟
الأنوال نيوز
أدى قرار تأجيل مناقشة دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي كنوبس ( CNOPS) مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) إلى تهدئة الأوضاع المشتعلة بين الموظفين العموميين، حيث كان هذا القرار يشكل مصدرًا كبيرًا للغضب والاستياء. ويرى الموظفون أن تأجيل القرار جاء في الوقت المناسب، إذ كانت هناك احتمالات كبيرة لحدوث احتقان واسع النطاق قد يصل إلى رفع دعاوى قضائية ضد الدولة، متهمين إياها بإجهاض مكتسباتهم بما يتعارض مع القوانين والدستور.
موجة الغضب التي اجتاحت صفوف الموظفين نابعة من اختلاف النظامين، حيث إن دمج "كنوبس" مع "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي " لن يحسن من أوضاعهم الصحية والاجتماعية، بل قد يؤدي إلى فقدان العديد من الامتيازات التي تم تحقيقها على مدار سنوات. فالموظفون يشددون على أن " الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي " يوفر تغطية صحية ضعيفة بالمقارنة مع "كنوبس" في نظام "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي "، يتم اقتطاع 2.6% من أجور الموظفين مع تغطية 70% فقط من تكاليف العلاج، مما يُحمل الموظف تكاليف تصل إلى 30%. فمثلاً، في حال خضعت امرأة لعملية قيصرية تكلف 8000 درهم، فإن الموظف في نظام "كنوبس" سيدفع فقط 800 درهم، بينما سيتعين عليه دفع 2400 درهم في نظام "CNSS"، وهو فرق كبير سيزيد من الضغوط المالية على الموظفين.
تشير توقعات الخبراء إلى أن "CNSS" قد يعاني من أزمة مالية مشابهة لتلك التي يواجهها "كنوبس"، ولكن قد تتأخر هذه الأزمة حتى عام 2033 على أبعد تقدير. هذا الأمر يثير تساؤلات حول مدى جدوى الدمج. فبدلاً من أن يُنظر إليه كحل جذري لأزمة التأمين الصحي، يبدو أنه حل مؤقت، يهدف إلى تهدئة الوضع على المدى القصير دون معالجة المشاكل الهيكلية العميقة.
وهنا، إذا كان لابد من إجراء أي إصلاح للنظام الصحي، فيجب أن يكون التركيز على تطوير وتحسين الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس) بشكل مستقل، بدلاً من دمجه في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS). فالدمج ليس بالضرورة الحل الأنسب، خاصة أن "CNSS" يواجه تحديات مشابهة وقد يصل هو الآخر إلى أزمة مالية في المستقبل. لذا، فإن الإصلاح الحقيقي يجب أن يستهدف تحديث هياكل "كنوبس"، تحسين إدارته، وتوسيع نطاق خدماته لضمان استدامة التغطية الصحية وجودتها، دون الحاجة إلى اللجوء إلى حلول ترقيعية قد تزيد من تعقيد المشكلة بدلاً من حلها.
يرى الموظفون أن هذا الدمج سيؤدي إلى تراجع في مكتسباتهم الصحية، مما يمثل انتهاكًا للحقوق التي يكفلها لهم الدستور. إذ لا يمكن التراجع عن الحقوق المكتسبة قانونيًا، وهو ما يُقلق الموظفين الذين ينتظرون تحسين أوضاعهم بدلًا من العودة إلى الوراء. فالدستور ينص على حماية هذه الحقوق، ويعتبرها خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.
مع تزايد الإحباط والغضب، يبدو أن اللجوء إلى القضاء بات احتمالاً واردًا إذا لم تُستجب مطالب الموظفين. فالدعاوى القضائية قد تكون السبيل الأخير للدفاع عن المكتسبات والحقوق التي ضمنها لهم الدستور والقوانين الحالية، خاصة إذا لم يتم إشراك الموظفين في النقاشات حول الإصلاحات المرتقبة.
بينما يظهر تأجيل مناقشة قرار الدمج كخطوة إيجابية نحو تعميق النقاش وإشراك الأطراف المعنية، خصوصا التعاضديات التي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الحماية الاجتماعية وضمان الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية لفئات واسعة من المواطنين، يبقى التحدي الأكبر في تنفيذ إصلاحات حقيقية وشاملة لنظام التأمين الصحي. الموظفون يترقبون بحذر، في انتظار ما ستسفر عنه هذه النقاشات، أملاً في الحفاظ على مكتسباتهم وحماية حقوقهم.
أوكي..