عريضة من أجل المساواة في الميراث
الأنوال نيوز
وقع آلاف المغاربة عريضة موجة للسياسيين والمثقفين والهيئات المدنية وعموم المواطنين، ويقول مطلقوها إنها كجاءت كرد على عريضة مماثلة تطالب بإلغاء التعصيب في الإرث، في ظل الترقب لفتوى المجلس العلمي الأعلى بشأن مقترحات تعديلات مدونة الأسرة التي رفعتها إلى الملك، الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة، بعد انتهاء من مهامها داخل الأجل المحدد لها.
وانتقد الموقعون على العريضة ، “قانون الميراث المغربي”، لكونه، حسبهم، يجعل “الرجال هم ورثة يمكنهم التصرف في كل ميراث والديهم، بينما ترث المرأة حصصا ثابتة (الفرض)، ولا يمكنها تحصيل كامل هذا الميراث عندما تكون الورثة الوحيدين”، مشيرين إلى أن ” الأيتام الذين ليس لديهم أخ، يجب عليهم أن يتقاسموا الميراث مع أقرب أقرباء المتوفى الذكور (مثل: الأعمام، وأبناء العمومة، وما إلى ذلك) أو، في حالة عدم حدوث ذلك، مع الأقارب الذكور البعيدين”.
وبرر أصحاب العريضة مطالبهم بإلغاء التعصيب، كونه “كان من الممكن تبرير الميراث من خلال التعصيب تاريخيًا، في نظام عشائري حيث تعتني العصبة بجميع النساء في الأسرة وتدافع عن العشيرة، بينما لم يعد هذا هو الحال اليوم، حيث غالبًا ما تقتصر الأسرة المغربية على الوالدين وأطفالهم، وتشارك النساء في كثير من الأحيان في رعاية احتياجات أسرهن التي يقدمن الدعم الوحيد لها في بعض الأحيان، ويقدم العديد منهن المساعدة المالية لأزواجهن”، مشيرين إلى أن “عدد النساء اللاتي تركن لحالهن، عازبات أو مطلقات أو أرامل، مع أو بدون أطفال، قد زاد بشكل ملحوظ ،وشدد الموقعون على العريضة، في السياق الاجتماعي الحالي، يصبح حكم التعصيب غير عادل، بسحبهم، مشيرين إلى أن “الأعمام لا يعتنون ببنات إخوتهم، ولا أبناء عمومتهم، ولا الرجال عمومًا يعتنون بأقارب أسرهم البعيدين، حتى لو إنهم وحيدون ومعوزون”، متسائلين “كيف يمكن أن نبرر أن أقارب الشخص الذي مات دون أن يترك ولدا، من الأقرباء أو البعيدين، يأتون لتقاسم الميراث مع الأيتام دون أن يتحملوا بأي حال من الأحوال مسؤولية مادية أو معنوية تجاههم؟”.
ولفتوا الانتباه إلى “كم العنف الذي يتم التعرض له خلال فترات الحداد والألم – أحيانًا حتى قبل الدفن – عندما يطالب ورثة العصبة بحصتهم من البضائع والأثاث والهدايا التذكارية، أو يجبرون النساء الثكالى على بيع منزل أسرتهن، لذلك حتى يتمكنوا من استرداد مستحقاتهم، وهو سبب يضطر عددا متزايدا من الآباء الذين ليس لديهم أبناء، لحماية بناتهم، إلى اللجوء إلى وسائل التحايل المختلفة على شكل تبرعات أو مبيعات وهمية”
كما تساءلوا عن “سبب الحافظ على قاعدة لم يعد لها أي مبرر اجتماعي فحسب، بل ليس لها أي أساس قرآني، على العكس من ذلك، في سياق اليوم، فإن التعصيب يتعارض مع مبادئ عدالة القرآن (العدل) وليس بمعنى مقاصده”، مطالبين “بإلغاء حكم التعصيب في الميراث، كما فعلت دول إسلامية أخرى”، حسب قولهم.
وتأتي هذه الدعوات مخالفة، ما ذهب إليه التيار المحافظ، منهم الإسلاميون بمختلف أطيافهم، والذي تشبث بالمحافظة على الثوابت الدينية والشرعية في مدونة الأسرة، وعلى رأسها مسألة الإرث، محذرين من أن “المساس بهذه الثوابت ستكون له دواعي اجتماعية وأسرية مختلفة”.
وكان الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، قد أصدر، يوم الجمعة 28يونيو 2024 ، توجيهاته للمجلس المذكور، قصد “دراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، ورفع فتوى بشأنها إليه”.
وتأتي هذه الإحالة، بعد انتهاء الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة من مهامها داخل الأجل المحدد لها، ورفع مقترحاتها إلى الملك، الذي اقتضى، بالنظر لتعلق بعض المقترحات بنصوص دينية، إحالة الأمر إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي جعل منه الفصل 41 من الدستور، الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تُعتمد رسميا.كما دعا الملك المجلس العلمي الأعلى، وهو يُفتي فيما هو معروض عليه من مقترحات، استحضار مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، الداعية إلى “اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء، في ظل الضابط الذي طالما عبر عنه، من عدم السماح بتحليل حرام ولا بتحريم حلال”
أوكي..