زلزال سياسي .. اليمين المتطرف هز عرش الأحزاب الحاكمة في فرنسا عن حصوله على 33.15% من الأصوات
الأنوال نيوز
زلزال سياسي كبير، أحدثه اليمين المتطرف في القارة العجوز، بعدما هز عرش الأحزاب الحاكمة خلال انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، التي جرت في الفترة من 6 إلى 9 يونيو الماضي، وهي الانتخابات العاشرة منذ أول انتخابات مباشرة في عام 1979، كما أنها أول انتخابات للبرلمان الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
وحققت الأحزاب اليمينية المتطرفة مكاسب كبيرة في البرلمان الأوروبي، على حساب الأحزاب الحاكمة، وقد بدا ذلك جليا في كل من فرنسا وألمانيا، فجاءت النتائج لتحدث زلزالا كبيرا في صفوف القوى التقليدية، في كلتا الدولتين.
تبعات هذه النتائج في الداخل الفرنسي جاءت فورية، فلم يتأخرالرئيس إيمانويل ماكرون في التفاعل معها، وعلى إثرها راهن على حل الجمعية الوطنية، فأصدر قراراه بحل البرلمان الفرنسي في التاسع من يونيو الماضي، ودعا إلى إجراء انتخابات تشريعية جديدة في الثلاثين من يونيو.
رهان ماكرون كان محفوفا بالكثير من المخاطر التي تهدد مستقبله السياسي، وكان بمثابة مجازفة قد تمهد الطريق أمام اليمين المتطرف للصعود إلى السلطة، وهو ما قد يقلص من سلطات ماكرون قبل 3 سنوات من انتهاء ولايته الرئاسية.
وبالنظر إلى النتائج الأولية، التي أظهرت تقدم اليمين المتطرف في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، التي دعا إليها ماكرون، بدا واضحًا أن الرئيس الفرنسي ربما خسر الرهان، بعد النتائج الضعيفة التي حققها حزبه، الذي حل ثالثا.
وفقا لوكالة فرانس برس، أظهرت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية الفرنسية، التي أعلنت عنها وزارة الداخلية، حصول حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف على 33.15% من الأصوات، وحصول الجبهة الشعبية اليساري على 27.99% من الأصوات، فيما حصد المعسكر الرئاسي 20.04% من الأصوات.
وفي أول تعليق لها، قالت اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني، إن "معسكر ماكرون تم محوه عمليا".
بينما دعا الرئيس الفرنسي إلى "تحالف ديمقراطي وجمهوري واسع" في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في مواجهة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي تصدر نتائج الدورة الأولى.
وجاءت التوقعات غير مبشرة بالمرة، بالنسبة لمعسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، المقرر لها يوم الاحد المقبل، الذي يوافق السابع من يوليو، والتي ستحسم الفائز في غالبية المقاعد الـ577.
وبالرغم من أن النتائج مفتوحة على احتمالات عدة، إلا أن المشهد الأولي الذي حصد فيه اليمين 12 مليون صوت، أي ما يزيد عن 8 ملايين صوت أكثر مما حصل عليه قبل عامين، يعكس واقعا جديدا لم يكن يتوقعه ماكرون نفسه، وعلى ما يبدو أن باريس ستكون أمام مرحلة جديدة، ليس فقط بما يتعلق بوضعها الداخلي، ولكن بالسياسة الخارجية أيضا.
ففي الوقت الذي تأهل فيه الائتلاف الرئاسي للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة، وذلك في 290 إلى 330 دائرة انتخابية، إلا أن التوقعات واستطلاعات الرأي لا تمنح معسكر ماكرون سوى 70 إلى 100 مقعدا تحت قبة الجمعية الوطنية (البرلمان) في الجولة الثانية من الاقتراع.
ومع صعود اليمين المتطرف، الذي بات قاب قوسين أو أدنى من السلطة في فرنسا، يبرز سؤال مهم للغاية: ما الذي يعنيه وصول هذا التيار اليميني إلى السلطة؟ وكيف سيؤثر على الخريطة السياسية الرنسية؟
قد يستطيع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في الاستحواذ على أكبر كتلة في البرلمان، مما يعطيه القدرة على منع أو تعديل مقترحات الحكومة.
ويعني حصول اليمين المتطرف على الأغلبية في البرلمان الفرنسي، منحه الأفضلية أيضا في رئاسة الحكومة، وفي المجيء برئيس الوزراء من التيار اليميني، فكيف يتم ذلك.
بموجب صلاحياته الدستورية، يقوم الرئيس الفرنسي بتسمية رئيس الوزراء، ومن ثم يبدأ تشكيل الحكومة، لكن في واقع الأمر يكون الحزب المهيمن على البرلمان قادرا على الضغط وإجبار أي حكومة لا يتفق معها على الاستقالة، ومن ثم فإن الرئيس ماكرون سيكون أمام معضلة كبيرة.
في المجمل، يمكن القول إنه في حال فوز اليمين المتطرف بالأغلبية، فمن المرجح أن يصبح رئيس حزب التجمع الوطني، غوردان بارديلا، البالغ من العمر 28 عاما، رئيسا للوزراء، في تعايش تاريخي مع ماكرون، الذي سيظل رئيسا.
وفي حال لم تحصل التيارات الثلاثة، سواء اليمين أو اليسار أو الوسط، على ما يكفي من الأصوات للحكم بمفردها، أو التوصل إلى اتفاق ائتلافي مشترك، فإن ذلك سيشكل حجر عثرة، وسيغرق فرنسا في المجهول، إذ قد تصاب باريس بالشلل السياسي، وعندئذ، لن يكون هناك إمكانية للمضي لا بعدد قليل من التشريعات، وربما ستكون هناك حكومة انتقالية يمكنها أن تدير الشؤون اليومية الأساسية.
أوكي..