بيان اليوم العالمي لحرية الصحافة
الأنوال نيوز
يخلد رجال ونساء الإعلام والصحافة عبر العالم يوم 3 ماي 2024، اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يعتبر فرصة سنوية لتذكير الأنظمة والحكومات بضرورة تنفيذ التزاماتها في مجال احترام حرية الصحافة.
كما يعد مناسبة لتجديد التذكير بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وإجراء تقييم لمدى احترامها في كافة أنحاء المعمور، و جرد الاعتداءات والانتهاكات التي استهدفت استقلالية وسائل الإعلام والصحفيين. ويُخصص اليوم العالمي لحرية الصحافة في هذا العام لموضوع أهمية الصحافة وحرية التعبير في سياق الأزمة البيئية العالمية الحالية.
ويأتي الاحتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة هذه السنة في سياق جد خاص، إذ يواجه الصحفيون ووسائل الإعلام تحديات كبرى ليس أقلها: القتل والتنكيل بهم والتحريض عليهم في مناطق النزاع أو الأحداث العنيفة؛ الاغتيال المعنوي والتحرش بهم على شبكات التواصل الاجتماعي؛ الحجب والرقابة التي تمارسها السلطات؛ الرقابة الذاتية؛ توظيف القضاء ضدهم.
ووصلت حالات استهداف الصحفيين في العالم سواء عبر تعريضهم لمحاكمات قضائية أو سجنهم أو استهدافهم معنويا أو إيذائهم جسديا أو تصفيتهم إلى مستويات غير مسبوقة.
وتعرض الصحفيون الفلســــطــــينيون أو الذين يشتغلون في فلســــطيــــن للنصيب الأوفر من هذه الانتهاكات الصارخة منذ بداية حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصــــهيــــوني ضد الشعب الفلســــطينــــي في قطاع غــــزة منذ أكتوبر من سنة 2023، حيث يواجه صحفيوها بشكل يومي وممنهج خطر القتل والاختطاف والاحتجاز. وقد استشهد منهم 142 صحفيا وصحفية على الأقل في غــــزة منذ بداية العدوان، أي ما يعادل 5 صحفيين على الأقل أسبوعيا.
وفي هذا المناخ العالمي الموسوم بهجمة كبيرة على حرية واستقلالية الصحافة وتقهقر احترام حرية التعبير وحقوق الإنسان إلى مراتب متدنية على أجندات الأنظمة والحكومات، يجد الصحفيون المغاربة أنفسهم في مواجهة وضعية تنذر بمزيد من التدهور، عناوينها البارزة: الهجوم على حرياتهم ومصادرة حقهم في التعبير الحر وكذا عرقلة عملهم وتقييد وصولهم إلى المعلومات، والهشاشة الاقتصادية.
ووقفت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب، على امتداد أكثر من عام من رصدها وتتبعها لحالة حرية الصحافة في المغرب، على استمرار انتهاك حرية الصحافة والصحفيين بوتيرة "مقلقة"، في ظل النقص الحاد في الضمانات الدستورية والقانونية التي تكفل حماية حقهم في ممارسة عملهم الحيوي.
وإذ تحيي الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب عاليا التضحيات الجسام التي يستمر في تقديمها الصحفيون والصحفيات المدافعون عن الحق في الرأي والتعبير، المؤمنون/المؤمنات بنبل وقداسة رسالتهم و استقلاليتهم رغم البيئة الصعبة التي يشتغلون فيها، فإنها تسجل الملاحظات التالية:
استمرار الاعتقال التعسفي والتحكمي للصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني - أكدت محكمة النقض الأحكام الصادرة في حقهما الصيف الماضي- و توفيق بوعشرين الذي سبق تأييد الحكم النهائي في حقه أيضا سنة 2021، مع الإمعان في التنكيل المعنوي بهم عبر تعريضهم لتدابير عقابية و المساس بعدد من حقوقهم الأساسية داخل السجن، بحسب شهادات و إفادات متواترة من عائلاتهم، ونذكر بهذا الخصوص:
الحرمان من الحق في الكتابة و المطالعة بحرية والوصول إلى الصحف.
فرض قيود على التواصل مع العالم الخارجي .
منع الاختلاط وتشديد الحراسة بشكل تمييزي عن باقي السجناء.
الحرمان من العلاج و الرعاية الطبية في ظروف ملائمة تحترم الكرامة الإنسانية.
استهداف أقارب وعائلات الصحفيين المعتقلين عبر التشهير بهم من طرف منصات إعلامية أو جهات مدنية ترعاها وتدعمها السلطات المغربية.
تواصل المتابعات القضائية للصحفيين في إطار القانون الجنائي عوض قانون النشر والصحافة، وتهم هذه الوقائع بالأساس منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي.
حيث قضت محكمة في سلا، في فبراير 2024، ابتدائيا بشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم للصحفية حنان بكور، التي توبعت بتهمة “توزيع وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص باستعمال الأنظمة المعلوماتية"، إثر شكاية تقدم بها ضدها حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة الحالية، بسبب تدوينة لها على "الفيسبوك".
كما تستمر أطوار محاكمة الصحفي عبد المجيد أمياي، مدير نشر موقع "شمس بوست" الجهوي في وجدة، والمتابع في حالة سراح بتهم "بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة عن طريق الأنظمة المعلوماتية بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم" و "إهانة موظف عمومي بسبب قيامه بمهامه"، وذلك على خلفية شكاية تقدم بها والي الجهة الشرقية ضده تهم آراء عبر عنها على صفحته الشخصية على "الفيسبوك".
مضي الدولة المغربية في مخطط التحكم في وسائل الإعلام بشكل كامل وتقويض استقلالية المهنة، حيث تسمح الهوامش الواسعة لتدخل الجهاز التنفيذي بالحد من حرية الصحفيين وتحييد المنسوب النقدي والرقابي المستقل لديهم، والرفع من منسوب الرقابة الذاتية داخل وسائل الإعلام الخاصة و تعزيز تبعيتها للسلطة.
وتستمر الحكومة منذ سنة 2021، في أداء رواتب الصحفيين العاملين في عدد لا يستهان به من المؤسسات الإعلامية الخاصة من المالية العامة، وهي الممارسة التي بدأت كدعم مؤقت خلال أزمة جائحة كوفيد 19، لتجاوز آثار تراجع المبيعات ونقص الإعلانات، لتتحول إلى وضع مستدام قائم الذات.
وفي سياق مستمر، أحكمت السلطات قبضتها على القطاع، من خلال إحداث لجنة مؤقتة بصلاحيات واسعة لتسيير شؤون المجلس الوطني للصحافة، في تراجع واضح عن فكرة التنظيم الذاتي للمهنة بشكل مستقل التي أقرها دستور 2011.
تواصل القيود المباشرة وغير المباشرة التي تعترض طريق الصحفيين في محاولتهم الوصول إلى المعلومات بشكل مستقل، في ظل هيمنة الدعاية الرسمية.
غياب التعددية، فعلاوة على الإعلام الرسمي الذي يرزح تحت هيمنة السلطة، تتركز وسائل الإعلام الخاصة في أيدي فئة محدودة تتوزع بين أصحاب الثروات وذوي النفوذ أو مقربين من الأجهزة الأمنية، في مقابل التراجع المهول للمنابر المستقلة التي تواجه ضغوطا سياسية واقتصادية، إذ بالكاد يستطيع العدد المحدود على رؤوس الأصابع الذي تبقى منها الاستمرار على قيد الحياة.
واستنادا إلى ما سبق، فإن الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب، وهي تنخرط في إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، التي تعتبر من أولويات مجالات اشتغالها، تود التعبير عما يلي:
تجديد دعوتها إلى الإفراج الفوري ودون شرط عن الصحفيين الثلاثة: توفيق بوعشرين، عمر الراضي، سليمان الريسوني، والذين يقضون عقوبات سالبة للحرية منذ سنوات، بتهم واهية أثبتت أطوار القضايا فيها عدم مصداقيتها، وإثر محاكمات جائرة شابتها عيوب كبيرة وقف عليها أيضا فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي التابع لمجلس حقوق الإنسان الذي يترأسه المغرب الآن حيث تدارس ملف توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وأكد الطابع التعسفي لاعتقالهما وطالب السلطات المغربية بإطلاق سراحهما وتعويضهما تعويضا عادلا..
مطالبتها بوقف الإجراءات التقييدية وانتهاكات الحقوق الأساسية للصحفيين المسجونين، والتي تمارسها إدارات السجون في حقهم.
تضامنها مع الصحفيين عبد المجيد أمياي وحنان بكور، المتابعان بتهم جنائية، لممارسة حقهم في التعبير الحر، وذلك بناء على شكايات تقدم بها نافذون أو مسؤولون كبار، وأملها في أن تشهد مراحل التقاضي المقبلة في القضيتين تصحيحا للاختلالات التي عرفها مسار هذه المتابعات.
إدانتها لاستمرار الدولة المغربية في توفير الحماية لمنصات إعلامية مقربة من الأجهزة الأمنية تحترف ممارسة التشهير.
رفضها لتأبيد سياسة الدعم المالي العمومي لوسائل الإعلام الخاصة، بشكل يؤدي إلى تدجينها ومصادرة استقلاليتها وخنق حريات الصحفيين، مع تسجيل علامات استفهام كبيرة حول انعدام الشفافية في توزيع هذا الدعم.
تأكيدها على ضرورة واستعجالية المراجعة الشاملة لقوانين الصحافة والنشر والاتصال السمعي البصري وتنقية القانون الجنائي من كل ما يمس حرية التعبير.
أوكي..