الشمعة المضيئة: أمسيات تأبين الرفيق بنسعيد آيت ايدر...

الأنوال نيوز : ذ. ربيع الكرعي عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد
إن رحيل الرفيق المجاهد بنسعيد آيت إيدر يشكل خسارة جسيمة ليس فقط للحزب الاشتراكي الموحد وإنما لكل المناضلين من أجل الحق والعدالة ومستقبل المغرب.
لقد كانت الأمسيات التأبينية التي انعقدت في مختلف فروع الحزب يوم 23 مارس 2024 مناسبة لإحياء ذكرى رمز من رموز النضال الحقيقي ولتذكير الأجيال الجديدة بالتضحيات الجسام التي قدمها الراحل من أجل وطنه.
لقد اجتمع الرفاق والأصدقاء الذين استلهموا النضال من هذا القائد العظيم ليس فقط لينعوه، بل ليستحضروا الدروس والقيم التي عاش ومات من أجلها، امتلأت القاعات بالحديث عن السيرة النضالية للرفيق بنسعيد آيت إيدر، حيث جالت شهادات الرفاق عن حنكته السياسية، وتواضعه، ومعرفته الغنية التي لا تنضب، والتي لم يلم بها إلا من خاض غمار النضال الطويل بجانبه.
تطرق المتحدثون إلى بصماته الواضحة في الكفاح ضد التوسع الاستعماري الفرنسي والإسباني، ونضاله المرير لتحرير أرض المغرب، وما أعقب ذلك من محن ومعاناة في المنفى بالجزائر عقب حكم الإعدام الظالم. رغم ذلك، بقي آيت إيدر مصممًا على مواصلة الكفاح لتحقيق الديمقراطية في دولة تسودها الحريات ويحكمها شعبها.
إن الأثر الذي تركه بنسعيد آيت إيدر وثيق الصلة بما جاء في كتاب "المعسول" للعلامة المختار السوسي، حيث يشكل ذكر اسمه في هذا المرجع التاريخي تكريمًا واعترافًا بجهوده وعلامة على مكانته الرفيعة في العلم و تم ذكره في الجزء الخامس من الكتاب كأحد تلاميذ العلامة المختار السوسي .
سأحاول تسليط الضوء على هذه الجوانب بالتفصيل، ساعيا إلى جمع ما استخلصته من هنا وهناك من خلال هذه الأمسيات التأبينية التي كانت تترجم لحياة الرجل. وكما قلت هي نترات فقط متفرقة، وإلا فغزارة المواقف لا يمكن عدها، ولا الإلمام بها كلها للأهمية التي يكتسبها نضال الراحل في سياق الحركة التقدمية وتأثيره الملموس على السياسة، والمجتمع في المغرب.
دعونا نتطرق إلى كل جانب بشكل أعمق لتسليط الضوء عليه بالتفصيل:
1. تواضع الراحل ومعرفته الغنية: كان الرفيق بنسعيد آيت إيدر يُعرف بتواضعه الجمّ، فرغم كل التحديات التي واجهها والنجاحات التي حققها، ظل متواضعًا وقريبًا من قاعدته الشعبية، كذلك، كان يُعتبر فقيهًا في السياسة ومعلماً للأجيال الصاعدة نظرًا لمعرفته الواسعة وفهمه العميق لأوجه القضية المغربية.
2. نضاله ضد الاستعمار: لا يمكن نسيان الدور المحوري الذي قام به سعيد آيت إيدر في مقاومة الاستعمار الفرنسي والإسباني، كان بمثابة قائد روحي وعسكري ناضل بشجاعة وعزم، ولم يهادن أو يساوم على مبادئ الحرية والاستقلال.
3. معاناته في المنفى والحكم عليه بالإعدام: يُعتبر فصل المنفى والحكم الظالم بالإعدام على الراحل من أقسى الفترات التي مر بها، لكن ذلك لم يثنه عن مواصلة النضال، بل زاد من إصراره وتألق فكره حتى في أقسى الظروف.
4. نضاله من أجل الديمقراطية: كان آيت إيدر يؤمن أشد إيمانا قويا بأن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لبناء مغرب حر وعادل. كانت رؤيته تحمل بُعدين متلازمين: دمقرطة الدولة ودمقرطة الشعب، وهو ما عمل من أجله بلا كلل.
لقد كانت الأمسيات التأبينية المخصصة لتكريم الرفيق بنسعيد آيت إيدر امتزاجًا بين مشاعر الحزن والثناء، وكانت، في حقيقة الأمر، تظاهرة حية للعزم والأمل الذي اختص به آيت إيدر.
مشاهد الأمسيات كانت تنضح بروحية الاعتزاز بما قدمه الرفيق من تاريخٍ نضالي كرس فيه حياته من أجل الديمقراطية وحرية الوطن. لقد عُقِدت هذه الأمسيات ليس فقط للذكرى، بل أيضًا لتجديد العهد على المضي قدمًا في الدرب التي اختطها الرفيق الراحل، مُحوّلة حزن الرحيل إلى فعل من فعل التحدي والإصرار.
تحوّلت تلك القاعات المليئة بأصوات الذكريات والتحايا، إلى منابر للتعبير عن الوفاء والمضي قُدمًا في نشر الأفكار التي عاش من أجلها آيت إيدر، مُؤكّدين على القيم التي آمن بها كالعدالة الاجتماعية وسيادة الشعب. كانت الأمسيات فرصة للجيل الجديد ليستمع إلى قصص الجد والصمود وليستلهم من روح النضال التي لا تهدأ.
ورأى الحاضرون في هذه الفعاليات إعادة تأكيد على دور المنظمة كقلعة نضال وكمعقل لصون ذاكرة تاريخ البلاد الحديث، بالإضافة إلى كونها تصويرًا لما يعنيه "التضامن" و"النضال والصمود " في أروقة الحزب الاشتراكي الموحد برمز الشمعة المضيئة التي تضيء درب المناضلين .
تمّ في هذه الأمسيات الجمع بين القصائد والخُطب والشهادات الغنية الصادقة من رفاق دربه التي تحكي سيرة الرفيق أيت إيدر، حيث تدفقت الكلمات والعواطف مُعبّرةً عن حياة قضاها في الخدمة والتفاني والنضال والصمود من أجل الشعب و حريته يخلاص ونكران للذات . وكأن كل قصيدة مُنشدة (بفتح الشين) وكل كلمة مُرسلة وكل شهادة في حقه كانت بمثابة وسام شرف على صدر الرفيق المناضل سعيد آيت ادر شاهدة على تاريخ النضال الوطني الصادق .
إن هذه الأمسيات التأبينية شكّلت جسرًا ما بين الماضي المجيد والمستقبل الذي يَعِد بتجدد النضال وإثبات أن القيم التي آمن بها آيت إيدر لا تزال حية، تلهم الرفاق بأن يواصلوا الكفاح من أجل مغرب أفضل.
وفي ختام هذه الفعاليات، توطدت العزائم وجُددت الوعود على أن تستمر الأهداف والمثل العليا التي دافع عنها الرفيق الراحل بنِفَس طويل، وهو الدرس الأعظم الذي يمكن للمناضل أن يتركه لأجيال المستقبل.
الروح المناضلة تستمر بنا، وذكرى الراحل تُلهمنا للسير على الدرب بقوة وعزم.
روح الرفيق سعيد آيت إيدر ستبقى خالدة في ذاكرة كل مناضل.
أوكي..