مذكرة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بشأن مراجعة مدونة الأسرة من أجل ضمان تماسك الأسرة المغربية واستقرارها

الانوال نيوز
تقديم :
إن السياق العام الذي تأتي فيه مراجعة مدونة الأسرة يتسم بجملة من التحولات والأحداث الدوليةالتي تحفها مخاطر أمنية وتهديدات اقتصادية واجتماعية وسياسية وحقوقية، تتجلى في حالة اللاستقرار في العلاقات الدولية، والتي بدأت منذ الجائحة العالمية بعد انتشار وباء كورونا وتواصلت مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، واستمرت مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أما على المستوى الوطني، فمنذ الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش في 30 يوليوز 2022، ثم الرسالة الملكية التي بعث بها جلالة الملك حفظه الله إلى رئيس الحكومة بتاريخ 26 شتنبر 2023، انطلقت دينامية النقاش حول تعديل المدونة، وانطلقت معها ردود فعل
متباينة داخل المجتمع المغربي، تجلت في العديد من المبادرات واللقاءات والندوات، التي حاولت تأطير عملية مراجعة مدونة الأسرة والوقوف عند الاختلالات والثغرات التي كشف عنها التطبيق القضائي لبنودها منذ اعتمادها سنة 2004.
ويتزامن هذا النقاش المجتمعي حول تعديل مدونة الأسرة أيضا، مع استمرار تراجع القدرة الشرائية للأسر، وارتفاع الأسعار، واستمرار انخفاض مؤشر الثقة لدى الأسر، فقد كشفت المذكرة الإخبارية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط (نتائج بحث الظرفية لدى الأسر الفصل الثاني من سنة 2023) عن تراجع مؤشر الثقة لدى الأسر إلى 45.5 نقطة خلال الفصل الثاني من سنة 2023، عوض 46.3 نقطة مسجلة خلال الفصل السابق، و50.1 نقطة مسجلة خلال الفصل الثاني من سنة 2022، بحيث أكدت 87% من الأسر عن تدهور معيشتها خلال السنة الماضية، وتوقعت 53% من الأسر المزيد من تدهور قدرتها الشرائية خلال السنة المقبلة.
في هذا السياق، وانخراطا في هذه الدينامية انطلاقا من الواجب الوطني والأدوار الدستورية، يقدم الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب مذكرته الاقتراحية قصد مراجعة مدونة الأسرة بما يضمن تماسك الأسرة المغربية ويحافظ على استقرارها؛
لقد عمل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب منذ تأسيسه قبل خمسين عاما على النضال من أجل حماية الطبقة العاملة المغربية، وعلى تحسين وضعها الاجتماعي والاقتصادي، ولا يخفى على أحد أن حماية الطبقة العمالية من الفقر والهشاشة، وأن الرفع من مستوى معيشتها له أثر مباشر على استقرار الأسرة المغربية التي تعد النواة الأولى للمجتمع، وبالتالي فإن استقرارها يعني استقرار المجتمع المغربي بأكمله؛
وإذا كانت أدوارنا النقابية تقتضي أن ندافع عن حقوق العاملات والعمال وعموم الشغيلة المغربية إلا أننا نرى في استقرار الأسرة المغربية وتماسكها عاملا اجتماعيا مساهما بشكل كبير في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ونؤكد على أن تعديل مدونة الأسرة يجب أن ينطلق من مرجعية المغاربة وهي المرجعية الإسلامية التي أقرها الدستور المغربي، كما يجب ربط نطاق مراجعة مدونة الأسرة بالإشكالات والاختلالات الحقيقة التي برزت في تنزيل المدونة، والمتمثلة بشكل واضح في الارتفاع المخيف لحالات الطلاق وما ينتج عنه من تفكك أسري ومشاكل اجتماعية، مقابل تراجع كبير في معدلات الزواج وما يترتب عنه من خلل في الأسس التي يقوم
عليها المجتمع باعتبار الأسرة نواته وخليته الأساسية؛
من هذا المنطلق، يعتبر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن تعديل مدونة الأسرة ينبغي أن يكون وفق رؤية تكاملية تراعي بالأساس هوية المغاربة وتحترم المقتضيات الدستورية وتستلهم منهجها من التوجيهات الملكية السامية، كما يجب أن تستحضر مراجعة المدونة، الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه أغلب الأسر المغربية لأن التشريع- وفق تصور فلاسفة القانون - يعد جزءا لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية، إذ يتشكل القانون عن طريق المجتمع وبمراعاة خصوصياته وأوضاعه.
أولا_ منطلقات أساسية :
1. سمو المرجعية الإسلامية :
تحظى الأسرة في الإسلام بمكانة خاصة لأنها أساس المجتمع ونواته التي تضمن بقاءه واستمراره، لذلك فالتشريع الأسري يستمد أسسه من الشريعة الإسلامية التي خصت الأسرة بمجموعة من الأحكام العامة والتفصيلية التي تفوق باقي المجالات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، وقد أكدت الآية الأولى من سورة النساء على هذه المكانة العظيمة التي تحتلها الأسرة في الإسلام يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاكثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، كما أكد القرآن الكريم على
قيمة الأسرة وأثرها على الأمن الروحي لأفراد المجتمع في الآية 20 من سورة الروم ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون.
ولهذا فإن التشريع الأسري له خصوصيته التي تميزه عن باقي القوانين الأخرى، انطلاقا من كون ميثاق الزوجية في الإسلام ميثاق مقدس، وقد وصفه القرآن الكريم بالميثاق الغليظ، مصداقا لقول الله عز وجل وأخذن منكم ميثاقا غليظا سورة النساء الآية 21.
وقد نظم الإسلام العلاقة بين الزوجين داخل الأسرة على أساس العدل والتعاون، مصداقا لقول الله تعالى ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف سورة البقرة الآية 228 ، كما أن العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة أكدت مكانة الأسرة وقدسيتها في الإسلام، ولذلك لم يتوقف تنظيم الإسلام للعلاقات الأسرية فقط خلال استمرار الحياة الزوجية، بل حتى بعد الطلاق الذي يعد أبغض الحلال، وذلك عبر تقسيم الأدوار وترتيب المسؤوليات اللازمة من أجل حفظ مصلحة الأبناء، وتحقيق التوازن والاستقرار في الحياة الاجتماعية بشكل عام. ومما يميز المرجعية
الإسلامية بالمغرب ويجعلها موحدة ومنسجمة في معالجة قضايا الأسرة، أن المملكة المغربية الشريفة اختارت المذهب المالكي منذ قرون مذهبا رسميا للدولة المغربية، وهو الأمر الذي ساهم في تحقيق الوحدة المذهبية للمغاربة وساهم كذلك في تحقيق الأصالة المغربية.
ومن هذا المنطلق، فإننا في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، نرفض المساس بالثوابت الدينية للمملكة، ولذلك نرفض دعاوى المساواة في الإرث، لأنها تتعارض مع الأحكام الشرعية للإسلام كما أنها لا تستجيب لحل الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المغربي، بل قد تضاعف من هذه الإشكالات. كما نؤكد على قدسية العلاقات الزوجية، ونرفض إلغاء الفصل 491 والدعوة
إلى رفع تجريم الخيانة الزوجية ...
2. الالتزام بالمقتضيات الدستورية :
ينبغي أن تستند تعديلات مدونة الأسرة إلى المقتضيات الدستورية التي تؤكد وفق ما جاء في تصدير الدستور المغربي على أن المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات الهوية الوطنية، وفي هذا السياق يؤكد الفصل 32 من الدستور على أن الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع، تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها ، وفي هذا تأكيد دستوري على أن الزواج الشرعي هو ما يحدد مفهوم الأسرة المغربية، إضافة إلى التأكيد على أن أي قانون للأسرة ينبغي أن يعمل على ضمان حمايتها واستقرارها.
وبرغم التزام المغرب بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المتصلة بقضايا المرأة والأسرة، إلا أن النص الدستوري أكد على أن الالتزام بتلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية يتم في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة المغربية، بحيث نص الفصل 19 على أن يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
3. احترام التوجيهات الملكية السامية :
لقد حرص جلالة الملك حفظه الله على العناية بالأسرة المغربية منذ اعتلاء عرش أسلافه الميامين، وهذا ما يؤكده الخطاب الملكي السامي بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية الخاصة بتعديل مدونة الأحوال الشخصية بتاريخ 17 أبريل 2001 ; لقد آلينا على أنفسنا منذ اعتلينا عرش أسلافنا المنعمين أن نواصل النهوض بأوضاع المرأة المغربية في كل مجالات الحياة الوطنية، وأن نرفع كل أشكال الحيف الذي تعانيه من منطلق صفتنا أميرا للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين، وملتزمين بشريعة الإسلام في ما أحلت وحرمت أو أباحت، وعملا بترسيخ قيم العدل والمساواة بين الرجل والمرأة، مصداقا لقول جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام (إنما النساء شقائق الرجال في الأحكام)، فمنذ التعديلات التي طالت مدونة الأحوال الشخصية
التي انبثقت منها مدونة الأسرة سنة 2004، أكد جلالة الملك على أن تعديل المدونة يلزم أن يكون موافقا لأحكام الشريعة الإسلامية في ما أحلت وما حرمت أو أباحت، وعلى ترسيخ قيم العدل والمساواة بين المرأة والرجل وفقا لما جاء في الحديث الشريف ; إنما النساء شقائق الرجال في الأحكام ؛ومما يبرز مكانة الأسرة وأهميتها في الترسانة القانونية المغربية، تأكيد جلالة الملك نصره الله في خطاب العرش بتاريخ 30 يوليوز 2022 على أن إصدار مدونة الأسرة إلى جانب اعتماد دستور
2011 يعتبران من أهم الإصلاحات التي تم القيام بها ومن أهم الإصلاحات التي قمنا بها إصدار مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات ، كما أكد جلالة الملك نصره الله على ضرورة التزام الجميع، بالتطبيق الصحيح والكامل لمقتضياتها القانونية، كما يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك ؛وفي هذا الإطار، وجه جلالة الملك حفظه الله، رسالة ملكية سامية إلى رئيس الحكومة بتاريخ 26شتنبر 2023 حدد فيهات مجال مراجعة مدونة الأسرة بقوله إن التأهيل المنشود، يجب أن
يقتصر على إصلاح الاختلالات التي أظهرها تطبيقها على مدى حوالي عشرين سنة، وعلى تعديل المقتضيات التي أصبحت متجاوزة بفعل تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية؛ يتضح أن التوجيهات الملكية السامية في مسألة تعديل مدونة الأسرة تؤكد على :
الالتزام بالشريعة الإسلامية وأحكامها، وترسيخ قيم العدل والمساواة بين المرأة والرجل على ضوء تلك الأحكام؛
الالتزام بالتطبيق الصحيح والكامل لمدونة الأسرة ولمقتضياتها القانونية؛
أي تعديل للمدونة ينبغي أن يركز على تجاوز الاختلالات والسلبيات التي ظهرت خلال تنزيلها في التجربة السابقة؛
مراجعة بعض بنود المدونة في حال تم الانحراف بها عن أهدافها فقط، عند الاقتضاء.
4. ضرورة مراعاة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للأسرة المغربية :
يخضع القانون بشكل عام بوصفه ظاهرة اجتماعية، لعمليات التعديل والمراجعة نتيجة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فصياغة القوانين الجديدة لا بد أن تتلاءم مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، بالكيفية التي تحافظ على استقرار المجتمع وتوازنه، وتحظى مدونة الأسرة بأهمية خاصة في هذا الإطار، لأنها تتضمن قواعد قانونية تنظم العلاقات المختلفة بين أفرادها، وينعكس تأثيرها على المجتمع بأسره.
ومن هذا المنطلق، وجب أن تراعي تعديلات مدونة الأسرة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها المجتمع المغربي، والتي تكشف عنها بيانات وإحصائيات رسمية صدرت في تقرير المندوبية السامية للتخطيط (حول وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثالث من سنة 2023)، والتي أكدت أن عدد العاطلين بالمغرب هو مليون و625 ألف خلال الربع الثالث من العام الحالي، كما أكدت أن معدل البطالة ارتفع في الربع الثالث من هذا العام إلى 13,5% مقابل 11,4% خلال الفترة نفسها من عام 2022، ونتيجة لذلك، وحسب بيانات تقرير المندوبية
السامية للتخطيط، فقد الاقتصاد المحلي 297 ألف فرصة عمل ما بين الربع الثالث من سنة 2022 والربع ذاته من هذه السنة، هذا التراجع في توفير فرص العمل والتزايد في معدلات البطالة، يتزامن مع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات وأسعار المواد الأساسية والتراجع في القدرة الشرائية وتطور الفوارق الاجتماعية، حيث أكدت المندوبية السامية للتخطيط في تقرير لها سنة 2022 أن حوالي 3,2 مليون شخص إضافي تدهورت أوضاعهم المعيشية، وتشير التقديرات إلى فقدان المغرب ما يقرب من سبع سنوات من التقدم المحقق في القضاء على الهشاشة والفقر سنة 2022، بحيث عادت وضعية الفقر والهشاشة بالمغرب إلى مستويات 2014.
ثانيا_ الإطار المنهجي لمراجعة المدونة :
بعد مضي ما يناهز 20 سنة على التطبيق القضائي للمدونة، فإن تعديلها يتطلب من الناحية المنهجية الانطلاق من نتائج تجربة تنزيلها عبر الوقوف عند المكتسبات وتعزيزها، والكشف عن الاختلالات والسلبيات ومعالجتها، ولعل الاسترشاد بالأرقام والإحصائيات التي تضمنها تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر في يناير 2023 يكشف بشكل واضح عن تلك الاختلالات التي يجب أن تحظى بالدراسة والتعديل.
1. المقاربة الشاملة لمؤسسة الأسرة :
تتصدر قضايا الأسرة قائمة القضايا المعروضة على محاكم المملكة، إذ تشكل ما يناهز 40% من مجموع هذه القضايا، ويستنتج من ذلك أن المقاربة القانونية لوحدها غير كافية لحل مشاكل الأسرة، لذلك ينبغي أن تعتمد التعديلات المرتقبة للمدونة المقاربة المؤسساتية الجماعية للأسرة بعدم النظر إليها كأفراد معزولين عن بعضهم البعض، وإنما كلحمة واحدة تقوم على التراحم والتعاون والتضامن، فالمدونة هي مدونة للأسرة كلها، وليست مدونة للمرأة وحدها أو الرجل وحده، وهذا ما أكده جلالة الملك في خطاب العرش بتاريخ 30 يوليوز 2022 ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة، وإنما هي مدونة للأسرة كلها، فالمدونة تقوم على
التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال ؛لذلك ينبغي اعتماد مقاربة متعددة المداخل غير تجزيئية، وغير مقتصرة على البعد القانوني وحده، بل من الضروري استحضار المداخل التربوية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية... من أجل معالجة الاختلالات التي كشف عنها التطبيق القضائي لمدونة الأسرة.
2. التركيز على الاختلالات والسلبيات :
إن عملية التشريع في أي مجتمع من المجتمعات، تروم بالأساس معالجة الاختلالات وتحقيق الاستقرار والتوازن الاجتماعي، وهذا هو المنهج الذي ينبغي اتباعه في تعديل المدونة، فقد كشفت التجربة عن مكامن الخلل التي تحتاج للتعديل، لذلك فمن غير المنطقي أن تهدر الجهود في طرح إشكالات خاطئة لم يترتب عنها واقعيا أي مشكل اجتماعي، في حين يتم التغافل عن الاختلالات الفعلية التي تنطق بها الأرقام والإحصائيات بوضوح؛ وحسب إحصائيات وردت في تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول القضاء الأسري في يناير 2023، فإن التهديد الحقيقي للأسرة المغربية يتمثل في ظاهرتين متلازمتين عكسيا وهما ارتفاع مرعب لمعدلات الطلاق، مقابل تراجع واضح في معدلات الزواج، وهذا يعني أن المجتمع المغربي يتجه نحو التفكك الاجتماعي وما يترتب عنه من تداعيات سلبية على المستويات النفسية والاجتماعية والثقافية والحضارية، في حين لم تسجل قضايا التعدد والزواج دون سن الأهلية إلا إحصائيات ضعيفة جدا، فحسب تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية بلغت نسبة طلبات الإذن بالزواج دون سن الأهلية 5% فقط من مجموع طلبات الإذن بالزواج، ولم يقبل منها سوى 46%، بمعنى أن النسبة الفعلية لزواج القاصر هي حوالي 2.4%، مع العلم أن سن الفتيات التي يؤذن لهن بالزواج يكون فوق 17 سنة، وهذا معناه أن طلب الزواج دون سن الأهلية لم يعد يطرح كمشكلة اجتماعية، لأنه لم يعد ظاهرة اجتماعية متفشية، الأمر نفسه ينطبق على طلبات
الإذن بالتعدد التي تشكل نسبتها 1,7% من مجموع طلبات الزواج، ولا تتم الاستجابة سوى ل 38,87% من هذه الطلبات، مما يجعل النسبة الحقيقية للتعدد فعليا هي 0,66% من المجموع العام للزواج بالمغرب، ومن المؤكد أن هذه النسب تبين بوضوح أن الاختلالات التي نتجت عن تطبيق المدونة لا علاقة لها بالزواج دون سن الأهلية أو بطلبات الإذن بالتعدد، بل ظهرت الاختلالات والسلبيات بوضوح في نسب الطلاق ونسب تراجع الزواج؛ إذا كان تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية قد سجل انخفاضا في نسبة الطلاق من جانب الزوج بإرادته المنفردة إلى 5,22%، وسجل أيضا أنه حتى مع إقرار المدونة للطلاق المملك الذي يكون بيد الزوجة، تدنيا في نسبة الطلاق المملك 0,007%، فإن نسبة الطلاق للشقاق سُجِل
فيها ارتفاع كبير خلال الفترة بين 2017 و 2021، فمن بين 10 قضايـا طـلاق كان هناك 7قضايـا للشقـاق، وعمومـا سـجـلـت هـذه الـفـتـرة (2017-2021) 588.769 حـالة طلاق شكل فيها الطلاق للشقاق نسبة 71,51% والطلاق الاتفاقي نسبة 20,93%، وازدادت وتيرة ارتفاع نسب الطلاق في عام 2022 حسب آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط (المرأة المغربية في أرقام)، حيث سجلت أكثر من 60 ألف حالة طلاق للشقاق؛ بالمقابل تراجعت نسبة الزواج، إذ بلغ مجموع طلبات الإذن بتوثيق الزواج سنة 2021 256.547 طلبا، بينما بلغ عدد طلبات الزواج سنة 2010 - 313.000، ومن مؤشرات التراجع في طلبات الزواج أن التوسع الديمغرافي عرف تزايدا ما بين سنتي 2010 و 2021
لكن مع ذلك تراجعت طلبات الزواج؛ وبرغم المعطيات الإحصائية السابقة، يلاحظ أن بعض الأصوات تنحو بالنقاش حول المدونة في اتجاه القضايا التي لا تطرح مشكلا اجتماعيا مثل التعدد وزواج القاصر والإرث، علما أنها غيرمطروحة في أجندة النقاش المجتمعي المنبثق من الإشكالات الحقيقية التي يعيشها المجتمع، ورغم
أن زواج القاصرات لم تكن نسبه مرتفعة، إلا أن تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادرفي يناير 2023 تضمن دراسة ميدانية تناولت بالتحليل عينة من الفتيات اللواتي تزوجن بشكل مبكر في إطار زواج القاصر (مع العلم أن أغلبهن فوق 17 سنة )، وتبين في هذه الدراسة الميدانية أن دوافع هذا الزواج مرتبطة بأسباب اقتصادية واجتماعية راجعة للأوضاع الصعبة التي تعيشها أسرهن (الفقر- الهشاشة - الهدر المدرسي - محدودية الدخل...) إضافة إلى أسباب ثقافية وأسرية...
بينما لم يتضمن التقرير، دراسات تفسر أسباب التراجع في طلبات الزواج، أو الارتفاع الكبير لحالات الطلاق، مع العلم أن هذه الظواهر تشكل الاختلالات والسلبيات الحقيقية التي وجب أن يتم الاشتغال عليها، وأن يتم تعديل المدونة لمعالجتها، صيانة للأسرة وحفاظا على تماسكها بما يخدم التوازن المجتمعي؛
ولذلك، فإن الإطار المنهجي الذي ينبغي أن يحكم مراجعة مدونة الأسرة، يجب أن ينطلق من الاختلالات التي ظهرت في التطبيق القضائي لها، ومن الواضح أنها ترتبط بتراجع الزواج وارتفاع الطلاق، وليس بالتعدد أو زواج القاصر أو الإرث.
3. مقاربة سوسيو اقتصادية :
من الناحية المنهجية، لا يمكن مقاربة مدونة الأسرة إلا من خلال مداخل متكاملة ومتعددة، وذلك لأنها مؤسسة اجتماعية متفردة تتطلب تركيبتها وأدوارها الاجتماعية هذه المقاربة الشمولية، ومن ضمن المقاربات المطلوب اعتمادها في مراجعة المدونة، المقاربة السوسيو اقتصادية، التي تفرضها أيضا طبيعة العلاقة بين المجتمع والقانون، فلا وجود لقانون خارج ثقافة المجتمع تتفاعل معه تأثيرا وتأثرا، وهذا ما خلصت إليه سوسيولوجيا القانون التي كشفت عن العلاقة القائمة بين القانون والمجتمع، بل إن القانون بحد ذاته يعتبر ظاهرة اجتماعية بامتياز؛ لهذا نرى أن مراجعة مدونة الأسرة تقتضي استحضار العوامل الاجتماعية والاقتصادية، باجتناب المقتضيات التي لا تتلاءم مع الإمكانات الاقتصادية والقدرات المعيشية للمواطنين، وبالتنصيص
على مقتضيات تخفف من التكلفة الاقتصادية لعدد من الاختلالات التي نتجت عن التطبيق القضائي للمدونة، ومن أبرزها تكلفة الطلاق، فالطلاق يعد ظاهرة سلبية على المستوى الاجتماعي، كما أن تكلفته الاقتصادية الكبيرة لها تأثير على الاقتصاد الوطني، ورغم غياب الدراسات حول التكلفة الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للطلاق، إلا أن الإحصائيات التي ذكرناها سابقا تبين أن كل قضية طلاق تتطلب تكلفة اقتصادية قد تبدأ قبل وضع الملف لدى القضاء ( تكاليف الإيواء في حال تعرض الزوجة للعنف، تدخل جهاز الأمن ...) وتستمر طيلة جلسات المحكمة التي قد تدوم لأكثر من سنتين، وما يتطلبه ذلك من توفير للموارد المادية والبشرية؛
وفي هذا الإطار يمكن أن نستدل بتقرير للمندوبية السامية للتخطيط بعنوان التكلفة الاقتصادية للعنف ضد النساء : النفقات وفقدان الدخل الأسري ، تم إنجازه بدعم من منظمة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب خلال الفترة الممتدة بين فبراير ويوليوز 2019، وقد تم تقدير التكلفة الاقتصادية للعنف ضد النساء باستخدام مقاربة تقدير تكلفة غياب الفعل أو المشكلة عبر التقدير النقدي للتكلفة المباشرة وغير المباشرة التي يتحملها الضحايا والأسر، وتوصلت هذه الدراسة إلى أن العنف الجسدي والجنسي ضد النساء يكلف الأسر 2,85 مليار درهم، خلال 12 شهرا التي
سبقت البحث؛ولعل التكلفة الاقتصادية للطلاق تتجاوز تكلفة العنف الجسدي والجنسي، إذا ما استخدمنا في احتسابها مقاربة تقدير تكلفة غياب المشكلة أو الفعل ، وإذا ما قمنا باعتماد الطريقة المحاسباتية التي ترتكز على جمع التكاليف المترتبة عن الولوج إلى مختلف المؤسسات الإدارية والصحية والمحاكم وما تتطلبه من موارد مادية وبشرية، وما يترتب عن كل ذلك من إمكانية فقدان للشغل بالنسبة للأطراف المعنية بدعاوى الطلاق؛ من هنا نعتبر أن منهجية تعديل المدونة لن تكون ناجعة وفعالة في حل الإشكالات ومعالجة الاختلالات التي أبانت عنها تجربة التطبيق القضائي للمدونة، إلا إذا اعتمدت مقاربة سوسيو- اقتصادية، بالإضافة إلى المقاربات الأخرى.
ثالثا_ مقترحات الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب :
بناء على المنطلقات الأساسية لهذه المذكرة وعلى تصورها المنهجي، يتقدم الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمقترحاته التي يقسمها إلى مقترحات مباشرة لمواد المدونة قصد تجويدها وتجاوز قصورها واختلالاتها، وإلى مقترحات موازية وتكاملية لحماية الأسرة وضمان تماسكها واستقرارها.
مقترحات تعديل بعض مواد المدونة قصد تجاوز السلبيات والاختلالات:
1- في باب مسطرة الطلاق والتطليق :
نظرا لما أبانت عنه التجربة من فشل لمسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 94 لكونها تبقى مجرد مسطرة شكلية، إذ تبين التجربة أن مآل جميع الملفات التي تمر بهذه المسطرة تنتهي بالطلاق، ومن أجل الحد من معدلات الطلاق نقترح :
- الفصل بين مسطرة الصلح والمسطرة القضائية ؛
- إحالة جميع ملفات الطلاق لزوما على مؤسسة الوساطة الأسرية، وعدم البث فيها قضائيا إلا بعد استكمال مراحل الصلح وإثبات ذلك بوثيقة مسلمة من لدن مؤسسة الوساطة الأسرية؛ - تفعيل دور المساعدة الاجتماعية بالمحاكم.
2- في باب التعدد :
حفاظا على التماسك الأسري، وانطلاقا من الإحصائيات التي تؤكد أن طلب الإذن بالتعدد لا يتجاوز 1,7% فمن غير المنطقي الاستمرار في التطبيق التلقائي لمسطرة الشقاق عند عدم موافقة الزوجة المراد التزوج عليها، وعدم طلبها للتطليق، وقد أثبتت
التجربة أن بعض الزوجات فوجئن بتطبيق مسطرة الشقاق تلقائيا، ونقدر أن فتح المجال لمهلة زمنية تفصل بين قرار الإذن بالتعدد وتطبيق مسطرة الشقاق، كفيل بأن يحدث تغيرا في موقف الزوجة أو في الوضعية بأكملها بما يحافظ على استقرار الأسرة ويمنع
حدوث الطلاق، لذلك نقترح :
- إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 94 ، بعدم التطبيق التلقائي لمسطرة الشقاق؛
- إعطاء مهلة للزوجة المراد التزوج عليها يحددها القاضي مع الإذن للزوج بالتعدد، وفي
حال استمرارها في الامتناع عن الموافقة على التعدد، وعدم طلبها التطليق خلال تلك
المهلة، تلجأ المحكمة آنداك إلى تطبيق مسطرة الشقاق، مع تمكينها من جميع مستحقاتها.
3- الزواج دون سن الأهلية :
رغم أن زواج القاصرات لم يعد يشكل ظاهرة اجتماعية متفشية، بحيث لا يشكل من مجموع طلبات الزواج المسجلة سوى 5% ولا تتم الموافقة إلا على 2,4%، غير أن عددا من الحالات ما تزال تتطلب معالجة قانونية، خاصة أن عدم الإذن بتوثيق بعض هذه الزيجات يفتح الباب للزواج دون توثيق، وقد كشفت إحدى الدراسات أن 75% من طالبات الإذن بتوثيق الزواج دون سن الأهلية، وجدن صعوبات في الحصول على الإذن، وأن 55% منهن لجأن إلى زواج الفاتحة.
ولمعالجة هذا الوضع نقترح :
- تحديد الحد الأدنى لزواج القاصر في 16 سنة، خاصة أن معظم الطلبات تنحصر بين 15 و17 سنة، مع العلم أن الحد الأدنى المنصوص عليه في مدونة الشغل للتشغيل هو 16 سنة، إضافة إلى أن القانون الإطار 51.17 يعتبر أن الطفل يعد بالغا سن التمدرس إذا بلغ من العمر 4 سنوات إلى تمام 16 سنة، كما أن مؤشر التنمية البشرية عالميا فيما يتعلق بالمقاربة التعليمية والثقافية يحدد 15 سنة كحد فاصل بين تعليم الكبار، ويحدد تمدرس الصغار في من هم دون 15 سنة.
- اعتماد الخبرة الطبية، أو إجراء بحث اجتماعي، أو هما معا، وفق تقدير القاضي.
4- في باب الحضانة :
تنص الفقرة الرابعة من المادة 173 من المدونة المتعلقة بشروط الحاضن،
على شرط عدم زواج طالبة الحضانة إلا في حالات تم التنصيص عليها في
المادتين 174 و175، وتثبت التجربة الواقعية لتطبيق هذه المادة أن إسقاط
الحضانة عن الأم التي تختار الزواج يكون فقط من أجل إسقاط النفقة، كما
أن الإبقاء على هذا الشرط فيه نوع من التضييق على الزواج الذي يحقق مصلحة للأم الحاضنة، كما يساهم في التماسك الاجتماعي العام، لذلك نقترح :
- حذف شرط عدم زواج طالبة الحضانة من المادة 173؛
- فتح إمكانية رفع دعوى إسقاط الحضانة عن الأم المتزوجة في حال وجود ضرر على الأبناء؛
- اشتراط تقرير المساعدة الاجتماعية في إثبات وجود الضرر على الأبناء جراء زواج الأم الحاضنة.
5- باب دعاوى ثبوت الزوجية :
رغم انصرام الآجال القانونية التي نصت عليها المادة 16 من المدونة، غير أن الواقع ما يزال يشهد زيجات غير موثقة مع وجود أبناء تضيع مصالحهم بسبب عدم توثيق الزواج، لذلك، ومن أجل تحصين تلك الزيجات وحمايتها من التفكك، وصيانة مصلحة الأبناء، نقترح :
- إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 16؛
- منح القضاء سلطة تقديرية في سماع دعاوى ثبوت الزوجية، خصوصا في حال وجود أبناء تقتضي مصلحتهم توثيق الزواج.
6- في باب النيابة الشرعية :
تؤكد المادة 231 أن النيابة الشرعية تكون للأب الراشد، أو الأم الراشدة في حال عدم وجود الأب أو فقدانه للأهلية، غير أنه في بعض الحالات وخصوصا بعد الطلاق، قد تضيع مصلحة الأبناء إذا تعسف الأب في ممارسة الولاية الشرعية، لذلك نقترح :
- إضافة الأم الحاضنة للولاية على أبنائها في حال إهمال الأب لأداء مسؤوليته؛
- منح الاختصاص لرئيس محكمة الأسرة للبث على وجه الاستعجال في الطلبات المقدمة من لدن الأم الحاضنة في حال وجود نزاع، حفاظا على مصلحة الأبناء.
7- في باب البنوة و النسب :
من أجل الحد من انتشار ظاهرة إنجاب أطفال خارج مؤسسة الأسرة التي تقوم دستوريا على مفهوم الزواج الشرعي، نقترح الإبقاء على المادة 148 التي تنص على عدم إلحاق الأبناء خارج إطار الزواج بالأب، لكن من أجل تحميل المسؤولية التقصيرية للمتسبب في وضعية الولادة خارج مؤسسة الزواج، نقترح :
- تحميل الأب المسؤولية المدنية في الإنفاق على المولود.
8- في باب تدبير النظام المالي بين الزوجين :
نظرا لخصوصية العلاقة الزوجية واختلاف عقد الزواج عن بقية العقود الأخرى، ونظرا لعمومية الصياغة في المادة 49 التي تتعلق بتدبير النظام المالي بين الزوجين، والتي تنص على أنه إن لم يكن هناك اتفاق بين الزوجين في النظام المالي يتم اللجوء إلى القواعد العامة للإثبات، دون تحديد المقصود بهذه القواعد العامة، فإننا نقترح :
- تحديد وسائل إثبات دقيقة وملائمة لخصوصية العلاقة الزوجية، يمكن اعتمادها في حالة المنازعة حول الأموال المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية.
9- في أسباب طلب التطليق:
تنص المادة 98 على أن من أسباب طلب التطليق بالنسبة للزوجة، سبب الغيبة، وهذا الأمر غير متاح للزوج، غير أن التحولات الاجتماعية والعلائقية التي يعرفها المجتمع المغربي، تستدعي تمكين الزوج من طلب التطليق للغيبة، لأن عددا من الأزواج يجدون أنفسهم في وضع معلق مع غياب الزوجة خارج البلد (خاصة في الزواج المختلط) مع غياب النص القانوني الكفيل بحل هذا الوضع، لذلك نقترح :
- للزوجة وللزوج أيضا الحق في طلب التطليق بسبب الغيبة.
10- في إعمال الفصل 400 :
تنص المادة 400 على أن كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي ولكن التطبيق القضائي لهذه المادة متفاوت بين محاكم المملكة، خاصة عندما تعرض عليها قضايا تحتاج إلى حلول قضائية مثل الوكالة في الطلاق التي لم ترد في مواد المدونة، ومع أن المادة 400 تتيح هذه الإمكانية التي تعد حلا استثنائيا لبعض الحالات المعروضة على المحكمة، إلا أنها لا تفعل في جميع المحاكم؛ لذلك نثير الانتباه لهذا المشكل، ونؤكد على ضرورة تفعيل المادة 400 لكونها تتضمن إمكانات حلول لعدد من الحالات التي لا تجيب عنها بنود المدونة.
مقترحات موازية لضمان استقرار الأسرة وتماسكها :
1- على المستوى التشريعي :
- ضرورة الملاءمة بين مدونة الشغل ومدونة الأسرة وقانون الوظيفة العمومية وقانون المعاشات، بغاية توفير الوعاء القانوني الذي يحمي أسرة المرأة العاملة والمستخدمة والموظفة ويحمي الأمومة ويحافظ على تماسك الأسرة، من قبيل :
توفير الحضانات في أماكن العمل؛
تمديد رخصة الولادة مدفوعة الأجر لمدة 6 أشهر؛
تنزيل برامج محو الأمية؛
التنصيص على حق ذوي الموظفة في المعاش؛
احتفاظ الأرملة بمعاش الزوج المتوفى رغم زواجها مرة أخرى.
2- في معالجة العجز عن النفقة :
تقوية صندوق التكافل العائلي وتوسيع مجال الاستفادة منه ليشمل دعم استقرار
الأسر التي أوشكت على التفكك لأسباب مادية متعلقة بالنفقة؛
تبسيط مسطرة صرف النفقة من صندوق التكافل العائلي، وفق شروط موضوعية
ومحددة؛
التمييز بين حالة الإهمال وحالة العجز عن أداء النفقة، وفتح إمكانية تدخل صندوق التكافل العائلي في حالة العجز، على أن يبقى الزوج مدينا للصندوق وأن يسدد الديون التي ترتبت في ذمته بعد استقرار وضعه الاقتصادي؛
تحديد معايير واضحة في تحديد مبلغ النفقة تراعي دخل الزوج ودخل الزوجة
والدائرة القضائية ومستوى معيشة الأطفال قبل الطلاق...؛
التنصيص على ستفاد الأبناء الذين ولدوا خارج مؤسسة الزواج من صندوق
التكافل العائلي، عند الحاجة.
3- على المستوى المؤسساتي :
إحداث مؤسسة الوساطة الاجتماعية تحت إشراف قطاع وزارة الأسرة، وتحديد
تشكيلتها وكيفيات عملها بنص تنظيمي؛
إحداث مرصد وطني للأسرة، يقوم بعملية التتبع والرصد لأوضاع الأسر المغربية وإنجاز تقارير وبحوث تساهم في تحديد مكامن الخلل قصد معالجتها؛
التسريع بتفعيل المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، لكي يقوم بمهامه الدستورية؛
رقمنة عقود الزواج.
4- في تيسير الزواج :
تخصيص منحة وحوافز مادية قصد تيسير الزواج، ومعالجة مشكلة التراجع في
نسبة الزواج، وذلك عبر إحداث صندوق خاص بالأزواج الجدد، يوفر لهم منحة
الزواج ودعم السكن الرئيسي الأول، مع وضع الضمانات التي تثبت استعمال
المنحة والسكن للزواج؛
تأهيل المقبلين على الزواج عبر برامج تكوين متخصصة تشرف عليها وزارة
التضامن، مع تيسير تنزيلها باعتماد : أقسام افتراضية وتكوين عن بعد مكيف حسب
الوقت المتاح للمعنيين.
5- في الحد من حالات الطلاق :
مأسسة الوساطة الأسرية، وجعلها منفصلة إداريا ومسطريا عن القضاء، مع
إلزامية مرور طلبات الطلاق من جميع مراحل الوساطة قبل فتح مسطر الطلاق
بالمحكمة؛
إدراج موضوع الأسرة وأهميتها في المجزوءات والبرامج والمناهج الدراسية في
جميع المستويات التعليمية من التعليم المدرسي إلى التعليم الجامعي.
6- في معاش الأرملة الراغبة في الزواج :
تيسيرا لزواج الأرملة، وحفاظا على حقها في معاش الزوج المتوفى عنها، لأنها تستحقه مهما كانت وضعيتها، نقترح :
- التنصيص على احتفاظ الأرملة بمعاش الزوج المتوفى عنها، حتى في حالة زواجها بعد انقضاء مدة عدتها.
خاتمة :
إن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وهو يتقدم بهذه المذكرة الاقتراحية، يستند إلى المنطلقات المرجعية التي أرتكز عليها وهي المرجعية الإسلامية والمقتضيات الدستورية والتوجيهات الملكية السامية، ومراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسر المغربية، كما يستند إلى الإطار المنهجي الذي يتحدد في تصوره الشمولي للأسرة وفق مقاربة تكاملية غير تجزيئية، وفي انطلاقه من التوجيه الملكي السامي بالتركيز على الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها تجربة التطبيق القضائي للمدونة، كما يتحدد إطاره المنهجي في المقاربة السوسيو-اقتصادية التي تعني الارتكاز على الإنسان بما هو عنصر منتج وغاية ومحور للتنمية؛
ولذلك تم التنصيص في هذه المذكرة الاقتراحية على تعديل بعض مواد مدونة الأسرة دون غيرها، إلا أن هذا لا يعني إغفال بقية المواد أو اعتبارها غير معنية بالمعالجة، ولكن إيمانا منا بأن العديد من الإشكالات التطبيقية للمدونة لا يوجد حلها داخل مواد المدونة بل يوجد خارجها فالأوضاع الاقتصادية والمعيشية لها تأثير مباشر على وضعية الأسر المغربية، ولذلك فإننا نعتقد أن معالجة اختلالات المدونة يمكن أن تتم عبر تفعيل المقترحات الموازية التي تقدمنا بها، سواء على المستوى التشريعي أو المؤسساتي، أو على مستوى تيسير الزواج والحد من نسب الطلاق وغيرها من المقترحات التي تتطلب توفير موارد وإمكانات اقتصادية، واعتماد تكوين ومواكبة
اجتماعية ونفسية للأسر قصد تحصينها وحمايتها من التفكك.
.....فإذا تمسك الزوج بطلب الإذن
بالتعدد، ولم توافق الزوجة المراد
التزوج عليها، ولم تطلب التطليق
طبقت المحكمة تلقائيا مسطرة
الشقاق المنصوص عليها في المواد
94 إلى 97 بعده.
- إلغاء التطبيق التلقائي لمسطرة
الشقاق
.. فإذا تمسك الزوج بطلب الإذن
بالتعدد، ولم توافق الزوجة المراد
التزوج عليها، ولم تطلب التطليق
منح القاضي للزوج الإذن بالتعدد،
وأمهل الزوجة مدة يحددها
القاضي، وإذا استمرت في عدم
الموافقة، ولم تطلب التطليق يتم
اللجوء آنذاك لتطبيق مسطرة
التطليق، مع تمكينها من جميع
مستحقاتها.
إن فتح المجال لمهلة زمنية تفصل
بين قرار الإذن بالتعدد وتطبيق
مسطرة الشقاق، كفيل بأن يحدث
تغيرا في موقف الزوجة أو في
الوضعية بأكملها بما يحافظ على
استقرار الأسرة ويمنع حدوث
الطلاق
المادة 49:
في تدبير النظام
المالي للزوجين
جاء في الفقرة الأخيرة من المادة:
..........
إذا لم يكن هناك اتفاق فيرجع
للقواعد العامة للإثبات، مع مراعاة
عمل كل واحد من الزوجين وما
قدمه من مجهودات وما تحمله من
أعباء لتنمية أموال الأسرة.
-ضرورة تحديد دقيق لوسائل
الإثبات التي يمكن اعتمادها في
حالة المنازعة حول الأموال
المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية.
ضمانا لحقوق الزوجين،
وحيث لا يفهم من نص المادة عن
أي قواعد عامة للإثبات تعتمد
أهي المعتمدة في قانون
الالتزامات والعقود أم الفقه المالكي
التعديل المادة الأصلية المقترحات الأسباب
المادة 16
دعاوى ثبوت
الزوجية
تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة
المقبولة لإثبات الزواج
.................
يعمل بسماع دعوى الزوجية في
فترة انتقالية لا تتعدى خمسة عشر
سنة ابتداء من تاريخ دخول هذا
القانون حيز التنفيذ.
- إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة
- تقدير القضاء لإمكانية السماع
لدعوى الزوجية حسب الحالة
المعروضة.
نظرا لتواجد حالات تستدعي
توثيق العلاقة الزوجية، خصوصا
مع تواجد الأبناء ضمانا لحقوقهم.
أوكي..