بيان بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام 2022
الأنوال نيوز
في إطار تخليد اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام ( 10 أكتوبر)، وفي إطار الدفاع عن الحق في الحياة في المنطقة المغاربية وبالعالم،تحيي التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الانسان، هذا اليوم العالمي، مسجلة بقلق كبير استمرار خرق دول المنطقة لهذا الحق الأساسي، ويتجلى ذلك في الإبقاء على عقوبة الإعدام في تشريعاتها الوطنية رغم إيقاف تنفيذها في الواقع في جميع الدول (المغرب
والجزائر منذ 1993، وتونس منذ 1992 وموريتانيا منذ 1987(، إضافة الى أن كل الدول المغاربية لم تصادق بعد على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يهم الغاء عقوبة الإعدام .
إن إلغاء عقوبة الإعدام في المنطقة المغاربية يحتاج إلى قرار سياسي يتماشى مع الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان لجميع دول المنطقة. كما أن إلغاء هذه العقوبة هو بداية إعمال ملموس للملائمة بين القانون الجنائي والدساتير والمواثيق الدولية، في كل المقتضيات ذات الصلة بالحقوق الأساسية في الحياة، والسلامة، والكرامة، والحماية من التعذيب، والمعاملات الحاطة بالكرامة.
وبالرغم من التطورات التي عرفها العالم في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام، سواء على مستوى الدول التي ألغت هذه العقوبة من قوانينها الجنائية أو على مستوى المنظمات الدولية التي نصت بعضها على تجميد تنفيذ هذه العقوبة السالبة للحياة إلى حين العمل على إلغائها، فإن الدول المغاربية لم تطور موقفها من هذه العقوبة بالرغم من النداءات الوطنية والدولية الصادرة في هذا الشأن، في ظل اعتمادها لدساتير جديدة تنص على حماية الحق في الحياة. فبالنسبة للمغرب المادة 20 من دستور 2011، كما تونس في دستور 2014 في المادة 22، هناك إقرار مكتوب وواضح بالحق في الحياة كحق مقدس لا يمكن انتهاكه الا في حالات استثنائية يحددها القانون. اما الجزائرفالدستور الذي ثم اعتماده سنة 2020، فقد اقر لأول مرة في المادة 38 والمادة 39 و40 مقتضى الاعتراف بالحق في الحياة وضمان حمايته من طرف الدولة.
إن المنحى العام على الصعيد الدولي يتجه نحو إلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الوطنية، فنصف دول العالم ألغت العقوبة السالبة للحياة نهائيا. لكن في المنطقة المغاربية مع الأسف، القوانين المعمول بها مازالت تنص على عقوبة الإعدام، فقد أصدرت المحاكم المغاربية في عام 2021، أحكام بالإعدام حسب تقارير منظمة العفو الدولية، فحكمت الجزائر على تسعة أشخاص بالإعدام في 2021،
وأصدرت تونس ثلاثة أحكام بالإعدام، بينما أصدر المغرب حكما واحدا بالإعدام في السنة نفسها. وظلت موريتانيا الأكثر إصدارا لأحكام الإعدام بين بلدان المنطقة المغاربية بـ 60 حكما سجلتها المنظمة في العام المنصرم. كما تعتبر ليبيا ضمن البلدان التي تطبق عقوبة الإعدام، حسب منظمة العفو الدولية التي تؤكد تنفيذ أكثر من حالة إعدام واحدة، لكنها لم تتمكن من تحديد عددها. كما أن هناك قاسم
مشترك بين الدول الثلاث (المغرب وتونس والجزائر)، يتمثل في ان القانونين الجنائي والعسكري لكل من هذه الدول يتضمنان مقتضيات وفصول عديدة تقضي بإصدار احكام الإعدام.
وبحلول نهاية عام 2021، تكون أكثر من ثلثي دول العالم، قد ألغت عقوبة الإعدام في القانون أو الممارسة؛ فألغت 108 دولة (غالبية دول العالم) عقوبة الإعدام من تشريعاتها بالنسبة لجميع الجرائم، وألغت 144 دولة عقوبة الإعدام في القانون أو الممارسة. وفي نهاية عام 2021 ظلت عقوبة الإعدام سارية في 55 دولة.
وخلافا لهذا التحول الدولي الإيجابي نحو إلغاء هذه العقوبة الحاطة من الكرامة الإنسانية، فإن الدول المغاربية تبقى من البلدان القليلة التي تتردد في إلغاء العقوبة من القوانين الوطنية بالرغم من أنها أوقفت بشكل غير رسمي تنفيذه (باستثناء ليبيا). علما أن العديد من الأبحاث العلمية حول عقوبة الإعدام، تؤكد جزما على أنها لا تردع الجريمة، وأنه، لا يوجد نظام قانوني، ولا قضائي محصن ضد
الأخطاء، مهما كانت درجة تعقيد الأنظمة القانونية، وهناك احتمال قائم بحدوث الأخطاء، ولا يمكن تصحيح الخطأ لو تم إعدام شخص بريء.
كما يقضي المحكوم عليهم بالإعدام سنوات في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، ولا يعرفون متى سيتم إعدامهم، فاحتجاز السجين مع عدم التأكد من مصيره يشكل نوعاً من التعذيب النفسي الوحشي .إضافة إلى المعاناة اليومية بسبب التعذيب الجسدي والنفسي ، من طرف السجانين اللذين لا يتعامل معظمهم مع العذاب الذي يلاقيه المحكوم عليه بالإعدام في معظم البلدان ومنها بلداننا المغاربية، بكثير من الاهتمام، مما يؤدي ببعضهم إلى الموت والجنون قبل تنفيذ الحكم، بسبب الاضطرابات النفسية التي يمكن أن يمر بها السجناء المحكوم عليهم بهذه العقوبة المشينة، ناهيك عن الظروف المعيشية السيئة داخل زنازن صغيرة، تفرض فيها العزلة لأكثر من 20 ساعة في اليوم ، ومنع الاتصال بالعالم الخارجي أو أي اتصال مع أي شخص، بما فيهم أسرهم، باستثناء ممثليهم القانونيين في بعض الأحيان، إضافة إلى تطبيق عمليات الإعدام الوهمية وغيرها من المعاملات المشينة التي تدخل في خانة التعذيب الممنهج والذي تناهضه جميع المواثيق الدولية ( خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب المعتمدة سنة 1984 )...إلخ .
واستنادا للمعطيات الآنفة، تدعو التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان- بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام - الدول المغاربية، مرة أخرى، إلى العمل على مراجعة قوانينها الجنائية بما يجعلها خالية من عقوبة الإعدام تماشيا مع المقتضيات الدستورية، وبضرورة ملاءمة قوانينها مع المستجدات الواردة في هذا الصدد والمتعلقة بالحق في الحياة، تماشيا مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ومن بينها معاهدة روما للمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
كما تدعو إلى صون كرامة المحكومين بهذه العقوبة وعدم جواز تعرض أحدهم للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في انتظار مراجعة أحكامهم.واتخاد اجراءات تشريعية و ادارية أو قضائية فعالة أو أية اجراءات أخرى
لمنع أعمال التعذيب الجسدي والنفسي في حق هؤلاء المحكومين بهذه العقوبة القاسية الحاطة بإنسانية الإنسان وكرامته .
أوكي..