نص التصريح الصحفي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب حول " الوضع الاقتصادي والاجتماعي "بالمقر المركزي للاتحاد بالرباط

الأنوال نيوز
نص التصريح الصحفي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب حول " الوضع الاقتصادي والاجتماعي " بالمقر المركزي للاتحاد بالرباط
السادة والسيدات ممثلي مختلف وسائل الإعلام
المرئية، والمسموعة، والمكتوبة والإلكترونية المحترمون
نرحب بكم في هذه الندوة الصحفية التي قرر المكتب الوطني للاتحاد تنظيمها لإطلاع وسائل الإعلام ومن خلالها الرأي العام الوطني على الخلفيات والحيثيات المرتبطة بقرارنا النضالي وبرنامجه، وعلى مواقف ورؤى الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بكل وضوح ومصداقية، فيما يتعلق بمختلف تطورات الأزمة الاجتماعية المتفاقمة ببلدنا، بعد أن منحنا الحكومة بقرار إرادي ومسؤول كل الوقت لتدارك أخطائها والوفاء بتعهداتها الاجتماعية ووعودها الانتخابية.
وتأتي ندوتنا الصحفية اليوم في سياق تطورات الوضع الاجتماعي، جراء استفحال وثيرة ارتفاع أسعار جل السلع والخدمات الأساسية، نتج عنها ارتفاع مهول في مستوى التضخم يصل إلى حوالي 8 % حسب الأرقام الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط، والراجع بالأساس لارتفاع أثمان المواد الغذائية ب 12 % والمواد غير الغذائية ب 5 % في يوليوز الماضي، على أساس سنوي.
كما أشارت المندوبية إلى أرقام ونسب أخرى جد مهولة نذكر منها نسبة تدهور مستوى المعيشة خلال الفصل الثاني من سنة 2022 والذي وصل إلى 79,2 % مما جعل مؤشر المعيشة يتراجع إلى ناقص 73 نقطة، مما جعل مؤشر ثقة الأسر في هذه "الحكومة الاجتماعية" يصل إلى المستوى الأدنى له على الإطلاق.
وفي غياب أي مبادرة حكومية جادة لتطويق ومنع هذا الاستنزاف المتواصل للقدرة الشرائية للمغاربة، وفي ظل مشهد تنخره الانتظارية ومنجر إلى صمت مريب، في مرحلة تقتضي صحوة مجتمعية لتأمين مكتسبات الشغيلة المغربية من الانجراف، وصيانة القدرة الشرائية لها ولعموم فئات الشعب المغربي، فإن الاتحاد الوطني للشغل من موقع أدواره التاريخية لا يمكن أن يقف صامتا ومكتوف الأيدي، وسيستمر في دفاعه على المطالب العادلة والمشروعة لعموم الشغيلة المغربية.
ولا بد من التأكيد أيضا بأن المحطة الإنذارية المزمع تنظيمها يوم الأحد 23 أكتوبر 2022 أمام البرلمان، والتي ستعقبها دينامية نضالية مجالية وقطاعية سنقدم تصورها الكامل خلال هذه الندوة الصحفية، لم تأت كرد فعل لحظي على تفاعلات أزمة الواقع الاجتماعي، بل هي قرار واع مبني بمسؤولية على التحليل الجماعي الذي قامت به قيادة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لتطورات الواقع الاجتماعي المغربي، في استحضار للمهام النقابية الموكولة لنا بنص الدستور، وتكسيرا لحالة التواطؤ الجماعي على معاناة الفئات الهشة من الشعب المغربي، وفي مقدمتها الشغيلة المغربية، وهي أيضا تجسيد لقناعة قيادة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الوطنية والمجالية، بضرورة الارتقاء بالنضال المسؤول والعمل النقابي الجاد، بعيدا عن تبني ثقافة المزايدة أو الحسابات الضيقة التي تساهم في تعميق معاناة المغاربة، وإيمانا كذلك براهنية اللحظة التاريخية التي تجتازها البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
السادة والسيدات ممثلي وسائل الإعلام المحترمين
إن الاتحاد الوطني للشغل المغرب، باعتباره مكون أساسي من مكونات الحركة النقابية، ملتزم بالدفاع عن القضايا العادلة والمطالب المشروعة للشغيلة المغربية، ومنخرط بفعالية في دعم مسار التحول الديمقراطي والإصلاحات الهيكلية التي تقتضيها تحديات المرحلة، خصوصا في ظل التحولات والتقلبات التي يشهدها العالم في أبعاده الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمعرفية، بالإضافة إلى استمرار تداعيات الجائحة، ولما لها من ارتدادات على الاقتصاد الوطني وانعكاساتها التي مست منظومة الحقوق الأساسية للشغيلة المغربية، في ظل واقع اجتماعي تزداد وثيرة احتقانه نتيجة اختيارات "الحكومة الاجتماعية".
إن برنامجنا النضالي هو ثمرة تفكير جماعي ورصد رصين لمختلف التطورات الدولية والوطنية، وفي مقدمتها السياسة الاجتماعية للحكومة الحالية ومحدودية إجراءاتها لمواجهة استمرار الأزمة المزدوجة للجفاف الذي عرفته بلادنا خلال السنة الحالية وللحرب الروسية/الأوكرانية، بالإضافة إلى المخلفات المستمرة للأزمة الصحية السابقة لجائحة كوفيد وتداعياتها المختلفة، التي مست بالأساس مكتسبات وحقوق الشغيلة المغربية.
وفي الوقت الذي كانت الشغيلة المغربية تنتظر من الحكومة مباشرة حوار اجتماعي حقيقي يستحضر تحديات المرحلة ويحصن مكتسبات الشغيلة ويصون حقوقها ويحقق مطالبها، من قبيل دعم منظومة أجورها في القطاع العام والقطاع الخاص، وتحسين دخلها في سياق وضع اجتماعي يتميز بالاضطراب، نسجل للأسف عدم اتخاذ الحكومة لإجراءات استباقية خلال جولات الحوار الاجتماعي لمواجهة موجة غلاء الأسعار المتنامية، والترويج " بدلا من ذلك " لمبررات واهية، تبرز ضعفها وعدم مواكبتها للتحولات الجارية في بنية الاقتصاد العالمي، في مقابل تنامي النزوع الاحتكاري للسوق المحلية، خصوصا فيما يتعلق بالمحروقات ومنتجاتها، وبعض المواد الأساسية التي تشكل المعيش اليومي للمغاربة، وهو ما أضر بشكل مباشر بالقدرة الشرائية للمواطنين عموما وعمق معاناة الطبقة العاملة المغربية خصوصا.
وبالتالي فإن مخرجات الحوار الاجتماعي لأبريل الماضي جاءت شاردة وخارج سياق الانتظارات الاجتماعية للشغيلة والأسر المغربية، مما خلف امتعاضا واسعا لدى فئات واسعة من الطبقة العاملة،
في ظل هذا الوضع، وأداء لمهامنا وواجباتنا الدستورية والنقابية، ومن منطلق وطنيتنا وغيرتنا الصادقة على مصالح الشغيلة المغربية الصامدة المضحية دوما في سبيل استقرار الوطن وأمنه، ومن منطلق مسؤوليتنا الراسخة والثابتة، قررنا إطلاق دينامية نضالية جديدة ومتجددة لدق ناقوس الخطر وتبليغ تذمر الشغيلة وقرب نفاذ صبرها في مواجهة موجة الغلاء الفاحش الذي استبد بالمواطن البسيط في مقابل تحقيق أرباح مبالغ فيها، وجني المكاسب على حساب معاناة الشغيلة المغربية، وهو ما أكدته تقارير مؤسساتية ذات مصداقية من قبيل بنك المغرب ومجلس المنافسة، مما يفرض علينا في إطار مسؤوليتنا النقابية والنضالية مواجهة هذا الواقع، ليس بمنطق المزايدة ، لأن استقرار الوطن أكبر من ثقافة المزايدة أو المداهنة أو التواطؤ.
وفي هذا الإطار، وبناء على مقترحات ومداولات المكتب الوطني ومجلس التنسيق الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، تم الإجماع على ضرورة وضع برنامج نضالي لمواجهة الواقع الاجتماعي المتأزم، خصوصا فيما يتعلق باستمرار ارتفاع الأسعار وانهيار القدرة الشرائية ومحدودية مخرجات الحوار الاجتماعي؛
ويتعلق الأمر بـ :
●تنظيم ندوة صحفية مركزية للوقوف على الأزمة الاجتماعية وأبعادها وتقديم البرنامج النضالي.
●تنظيم وقفة مركزية بالرباط
● التدرج في تنزيل البرنامج النضالي على مستوى الجهات والأقاليم والقطاعات (رفع الشارة، وقفات بالأقاليم او بالجهات، تنظيم فعاليات وأنشطة نضالية أخرى ).
●تنظيم ندوات وتجمعات قطاعية لشرح خطورة الوضع الاجتماعي والتعبئة الداخلية والجماعية للمحطات النضالية.
●في أفق النظر عند الاقتضاء في أشكال نضالية أخرى (مسيرات- إضرابات- اعتصامات...).
السادة والسيدات ممثلي وسائل الإعلام المحترمين
إننا نعلن عن هذا البرنامج النضالي، انطلاقا من كون مقاربة الحكومة الحالية بعيدة كل البعد عن معالجة الأضرار الاجتماعية التي تعاني منها الأسر المغربية ومن خلالها الطبقة العاملة، حيث أن 78,9 % منها لم تعد تستطيع اقتناء السلع المستديمة، وبنسبة 45,4 % استنزفت مدخراتها ولجأت إلى الاقتراض، كما أعلنت ذلك المندوبية السامية للتخطيط .
وعليه فإن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وإذ يجدد التزامه وصموده لإنصاف الشغيلة المغربية وفئاتها الهشة والمتضررة، فإنه يدعو الحكومة إلى :
1.التعجيل بتحسين القدرة الشرائية لعموم الأجراء والمتقاعدين، بما يصون كرامتهم ويؤمن متطلبات عيشهم الكريم، والعمل على إيقاف هذا الارتفاع غير المسبوق للأسعار.
2.المراجعة الجذرية لسياستها واختياراتها الاجتماعية، والعمل على تصحيح مسار الحوار الاجتماعي، والمبادرة إلى سن إجراءات ملموسة وذات مصداقية لدعم الفئات الهشة المتضررة، مع العمل على الزيادة الفورية في الأجور والمعاشات.
3.التعجيل بإخراج أنظمة أساسية عادلة ومنصفة ودامجة لمختلف الفئات التي لا تزال خارجها، سواء بالمؤسسات والوكالات العمومية أو القطاع العام، مع التجويد الآني لمنظومة الأجور ومنظومة الترقي، وتعزيز حزمة السلة الاجتماعية (التعويض عن حوادث الشغل، والأمراض المهنية، والصحة والسلامة المهنية وطب الشغل والحماية الوقائية من الأخطار المهنية...الخ ).
4.إنصاف الفئات المتضررة وحل ملفات المتصرفين والدكاترة والتقنيين بالإدارات والمؤسسات العمومية، والذي يعرف حالة من الاحتقان نتج عنها احتجاجات ميدانية لم يعد من المقبول عدم أخذها بعين الاعتبار، وفي ظل ترديد مبررات مشروخة حول الإصلاح الشمولي للوظيفة العمومية طال انتظاره لعقود.
5.يرفض أي إجراء احادي لما يسمى بإصلاح صناديق التقاعد، ويحذر من أي مساس آخر بحقوق ومكتسبات الموظفين بالصندوق المغربي للتقاعد، أو أي إجراء يمس بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على حساب المستخدمين، ويعتبر تغيير المرسوم الخاص بتطبيق قانون النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد غير دستوري، حيث تم تهريبه من طرف وزير المالية السابق دون استشارة الفرقاء الاجتماعيين وممثلي المتقاعدين، ومن شأنه الإجهاز على حقوق ومكتسبات المنخرطين والمتقاعدين.
6.يطالب بفتح حوار وطني للتسريع باستيعاب القطاعات الموازية الوطنية "القطاع غير المهيكل"، في إطار قانوني واضح، من شأنه تنظيم أنشطتها وإدماجها في المنظومة الاقتصادية الرسمية، ويجدد مقترحه بإحداث وكالة وطنية مختصة في إدماج الاقتصاد غير المهيكل ضمن النسيج الاقتصادي القانوني، تعمل على تقديم مقترحات لإصلاحات تنظيمية ومؤسساتية ومتابعة مسار الإدماج الاقتصادي.
7.يجدد مطالبته بتعزيز عمل هيئة مفتشي الشغل وآليات الرقابة والمراقبة للدولة، من أجل فرض سيادة القانون وحماية حقوق العمال والعاملات.
8.يطالب بوضع قانون منظم لقطاع سيارة الأجرة، ومنح رخص النقل للمهنيين عبر دفتر تحملات واضح وشفاف، لمحاربة النظام الريعي بالقطاع.
9.يدعو إلى تحيين وتجديد ترسانة التشريعات الوطنية وتكييفها مع مقتضيات المعاهدات والاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية، وتحصين الحريات النقابية والحق في الاحتجاج، من خلال المصادقة على الاتفاقية 87 وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي وباقي التشريعات ذات الصلة.
10.يستنكر ما تشهده بعض المحطات النضالية من اعتقالات ومحاكمات على خلفية الاحتجاج والنضال المسؤول والسلمي، ويدعو الى تغليب منطق الحوار والإنصات والتجاوب مع المطالب العادلة لمختلف الفئات.
وختاما فإن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يؤكد على مواصلته للنضال الواعي والمسؤول من أجل إقرار عدالة اجتماعية تصون حقوق الشغيلة المغربية وتحصن مكتسباتها، وتضمن حقها في العيش الكريم.
عن المكتب الوطني
أوكي..