المغرب والمسألة اللغوية..التاريخ بيننا!!

الأنوال نيوز- الكاتب منير الحردول
لا يمكن أن نتجاهل الجدل الخفي -المكشوف من قبل البعض بخصوص احداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، فالكثير من الوجوه تندس وتدعي أنها حريصة على الدفاع عن الهوية، بل ومنحت لنفسها وبدعم من قبل بعض الأحزاب والجمعيات حقا مفاده أننا فقط ولوحدنا نعد حماة للغات الدستورية والثقافة المغربية. هذه الثقافة هي أصلا أصيلة، بتنوعها المتجدر في وجدان الشعب و آثار تاريخ تراب هذا الوطن. فالأفكار المشجعة على التفرقة بين المغاربة ، بدوافع مؤسسة على اللغة أو العرق أو الدين أوالانتماء الاجتماعي أو الميول السياسي الثقافي، ماهي إلا أفكار مسمومة لاغير. فإحياء النعرات الاثنية أو العرقية أو الدينية بين شعب متنوع، أمر لا يستقيم،د مع خاصية المصير الواحد المشترك، والذي يجمع بين مختلف الروافد الثقافية، محليا، واقيميا وجهويا، تلك الروافد تنصهر بأبعادها المفعمة بتاريخ عريق، يزخر بمفاهيم و مجموعة من الأسس المهيكلة للخطاب الثقافي المغربي الوطني الأصيل. فالإدعاء بسمو عرق على عرق آخر، هو اجحاف في حق التعايش. ومن تم، نقول ونؤكد، أنه من باب الحكمة أن لا تخضع التعيينات في مجلس اللغات، للمحاصصة الحزبية أو الجمعوية أو النقابية. لأن هوية الشعب بكل بساطة وتعدد الألسنة تدبيره مرتبط بشكل وثيق بالتبصر، وذلك حتى لا تنفلت الأمور، في بيئة بعيدة عن المنطق ،وميالة لتصديق الخرافات ،واللعب بوتر التهميش والاقصاء وغير ذلك. فإذا كان الانصهار يطبع الثقافة المغربية، فمن المؤسف أن نرى ونسمع من يعطي لنفسه حق الدفاع، وإن صح القول حق الاحتكار في الدفاع عن اللغات الدستورية(العربية والأمازيغية) وهذا إن نم، ينم عن جهل عميق، يمكن تلخيصه في كون الشعب المغربي بملايينه العددية يفكر بأفكار متنوعة وقد تكون متضاربة. لذا، فمن يراوغ بهدف الحصول على العضوية في هذا المجلس المرتقب يفضح نفسه، بتصريحاته المتناقضة وخرجاته الاعلامية الموسمية. فعمل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، عليه أن يشتغل وفق الإجماع، وليس الصراع والنفور من ثقافة ما أو لغة ما، والتي تدخل ضمن التعبيرات الكتابية والشفهية للشعب المغرب المتنوع. مع التأكيد على إعطاء توجيه لمختلف الثقافات على الولاء والإجماع لراية وطنية واحدة، معبرة عن وطن واحد، وذلك خلال المناسبات المختلفة أو الاحتجاجات المشروعة! مع نهج سياسة تقوم على المطالبة بقوانين تجرم الانجرار وراء الادعاء بسمو مكون ثقافي عن مكونات ثقافية أخرى، للثقافات المغربية المتنوعة، والعمل على صد ومواجهة المواقف السياسية ،أو العرقية أو الدينية أو المذهبية المتطرفة، وذلك من خلال إشاعة ثقافة التسامع والتعايش بين مختلف اللغات والثقافات الأصيلة والمتجدرة في وطن اسمه المغرب وكفى! إذ، كيف يعقل لمن اتهم اللغة العربية بالقصور العلمي، ويصبح بقدرة قادر بعد ذلك، ويناقض ما قاله و يدعي إقصاء اللغتين الرسميتين للبلاد لصالح اللغة الفرنسية ،وذلك بعدما أدرك أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغة سيتحول إلى خبر كان! فاللغات الدستورية ليست حكرا على الأشحاص ولا الهيئات. اللغات الوطنية ملك لجميع المغاربة دون استثناء. ومن تم فأفكار الإسلام السياسي، والأبعاد العرقية المقيتة. وتغير المواقف حسب الأمواج السياسية، والجنوح نحو المصلحية، هو ما يهدد التماسك الأخوي بين السكان. فمثلا هناك من يتكلم مرة، ويعود للصمت المطبق ثارة أخرى، بحسب الأهواء والمصالح بداعي الدفاع عن الهوية. لذا، لا أريد الآن كشف المستور حتى لا تتحول الفضيحة إلى فضيحتين. فعمل مجلس اللغات يقتضي الارتباط الوثيق بالوطن وثوابته وولاءه للوطن أولا وأخير، لا الولاء للأجانب والأهواء، والمصالح الضيقة الآنية، أو الجماعات التي تحمل اديدلوجية الفكر المدمر لمبدأ التعاش بين الشعوب والقبائل، والمحتقرة للمفاهيم القيمية للأخوة الإنسانية، والمساواة بين الجميع، على أساس عدم الاستهزاء بالثقافات الأخرى. فالعمل على الدفع بالجميع إلى استعمال اللغات الدستورية في الحياة العامة، مع رد المكانة للغة الضاد باعتبارها قائمة الذات، علاوة على النهوض بالأمازيغية كملك وتراث مشترك لجميع المغاربة، وليست حكرا على أحد. مع اجبار كافة المسؤولين بالتصريح لوسائل الإعلام المختلفة المشارب داخل أرض الوطن وخارجه بإحدى اللغات الدستورية لا غير، مع الضغط في اتجاه خلق مسارات تكوينية في التعليمين العالي والتقني مهتمة بالتديس باللغات الدستورية خصوصا القائمة الذات . هذا مع التأكيد على مخاطبة المواطنين في جميع الإدارات و المرافق العامة والخاصة شفهيا وكتابيا باللغات الدستورية العربية والأمازيغية.، مع العمل على تشجيع التنوع والانفتاح بين الروافد الثقافية المغربية الأخرى، ونبذ العنصرية والإقصاء، وتشجيع القيم الإنسانية، القائمة على الأخوة والمساواة في الحقوق والواجبات، مع احترام الحريات وفق قوانين يخضع لها الجميع. والولاء للدين الإسلامي المتعايش مع الخلاف والاختلاف، مع الإيمان بوحدة المصير المشترك ورموز الدولة المغربية. هذا، معالقطع نهائيا مع سياسة حلال اليوم وحرام في الغد. وأخيرا الولاء يقتصر على رموز الدولة المغربية الذي حدده دستور2011، لا الولاء للقبيلة أو الحزب أو العرق. فالتنوع كنز، والمجلس المرتقب احداثه عليه أن ينوع من طبيعة المقترحات والأفكار، عوض الهرولة نحو الحصول على الغنائم من خلال تفريق الشعب على أسس لا أساس لها في تنمية البلاد. وفي الأخير كل السلام المفعم بالإنسانية، على أهل الأمان أينما حلوا وارتحلوا !
أوكي..