الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة : اليوم العالمي للصحة
الأنوال نيوز
على صناع القرار السياسي الحكومي جعل حماية البيئة والرعاية الصحية ، أولوية في كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية ،
نجاح مشروع تعميم التامين الاحباري الاساسي عن المرض رهين باصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية و تاسيس مجلس اعلى للصحة والحماية الاجتماعية. لوضع اسس ميثاق وطني والتقييم والمتابعة .
"ملخص التقرير"
في خضم تخغيف أثار و مخلفات جائحة كوفيد- 19 ، تطفو على السطح من جديد اشكالية صحية كبرى تتعلق باثار التغييرات المناخية وتلوّث البيئة على ثحة الانسان ومصدر تزايد عدد من الامراض والاوبئة والكوارث القاتلة كأمراض السرطانات والسكري وامراض القلب ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد والربو والتهاب الكبد .... فبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية يتوفى حالياً أكثر من 13 ملايين شخص سنوياً نتيجة لتعرضهم لتلوث الهواء و لأسباب بيئية اخرى يمكن تجنبها، ويوجد أكثر من 90 في المائة من الناس يتنفسون هواء غير صحّي بسبب حرق الوقود الأحفوري بأنواعه. كما يشهد العالم تدهور البيئة والتلوث، ولاسيما انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى أضرار للنظام الإيكولوجي الذي تستند إليه صحة الإنسان وسبل عيشه. ومنها ندرة المياه وتدهور الأراضي الفلاحية واستمرار البعوض في نقل الأمراض المعدية .كما أن المواد المُلوّثة والبلاستيكية والمواد الكيماوية تؤثر سلبا على السلسلة الغذائية بإنتاج أغدية ملوثة وأطعمة ومشروبات غير صحّية تتسبب في زيادة انتشار ظاهرة السمنة وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والشرايين والسكري والتهاب الكبد والفشل الكلوي ...لذلك اصبحت أزمة المناخ تشكل التهديد الصحّي الأكبر والوحيد الذي تواجهه البشرية،
ومن هذه المنطلقات اختارت منظمة الصحة العالمية لتخليد يوم الصحّة العالميّ لعام2022 ، موضوع حماية البيئة بمفهومه الواسع من الهواء النقي والماء والغذاء للجميع والاستثمار في اقتصاد يحمي البيئة ويوفر الصحّة والرفاه، و المدن صالحة للعيش،تضمن الأمن الصحي و السلامة الصحية للناس ولبيوتهم وبيئتهم . والنظافة والوصول إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، ومكافحة تلوث الهواء والمواد الكيميائية السامة، فا ختارت للذكرى شعار " كوكبنا صحتنا"
وفي هذا الاطار اذا كان المغرب قد حققت نجاحات جيدة على مستوى مواجهة جائحة كورونا وتجنب ازهاق ارواح كثيرة ، بفضل قرارات ملكية استباقية بدءا بتمويل استثنائي لتغطية الحاجيات والمتطلبات و معالجة العجز الصحي الكبير الدي كشفت عنه الجائحة كوفيد 19 وصولا على عملية التلقيح والتمنيع المجاني لجميع المواطنينوالمقيمين فضلا عن الشروع في تنزيل المشروع المجتمعي في تعميم الحماية الاجتماعية التي دخلت مراحل متقدمة في تعميم الاستفاذة من مظلة للتامين الصحي من خلال النظام التامين الاجباري الاساسي عن المرض، فضلا عن انجاز مشاريع ضخمة في الصناعة الدوائية واللقاحات في افق تحقيق السيادة الصحية و السيادة الدوائية.
فلمواجهة المخاطر المحدقة بصحة وحياة المواطنين، بدل القطاع الصحي العمومي على الخصوص مجهودات كبيرة استتنائية ناجحة طيلة فترة جائحة كوفيد -19 معززا اجرءات حاجزية لحالة الطوارئ الصحية العامة ، لعب فيها مهنيو الصحة ادوارا طلائعية في المواجهة كجنود ببدلة بيضاء في الصفوف الامامية لأنقاذ عدد لا يُحصى من الأرواح اثناء أزمة كوفيد-19 ، بفضل مهارتهم وتفانيهم وشجاعتهم. وق أثبت مهنيو الصحة بالمغرب ابان هده التجربة الوبائية العالمية أنهم أجدر بالثقة والاحترام والعرفان ومن واجب الدولة والحكومة العناية بهم والاهتمام باوضاعهم ومتطلباتهم المهنية والمعيشية . ومهما يكن من امر ، فادا كانت الوضعية الصحية بالمغرب على مستوى تقديم الرعاية الصحية الاولية والعلاجات الاستشفائية الثالثية قد شهد تحسنًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة بادخال تقنيات جديدة واستعمال تكنولوجيا طبية حذيثة، و على الرغم من استمرار التفاوتات والفوارق الطبقية والمجالية في ولوج هذه الخدمات الصحية ، فان ظاهرة انتشار وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة الناتجة عن تلوت البيئة والهواء و تلوت البيئة والمياه وضعف شبكة اصحاح المياه والنظام الغذائي باتت مقلقة جدا ،وهي مسؤولية مشتركة بين جميع القطاعات والمؤسسات والمحتمع المدني والافراد والاسر ، حيث إن تلوث الهواء يُسبب أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة في المغرب ، أي بمعدل 15 وفاة في اليوم، ويُكبّد الدولة ما يناهز 11 مليار درهم سنوياً وفق تقرير لمنظمة السلام الأخضر "غرينبيس" حول المغرب الذي يعتبر من بين الدول الأعلى من حيث عدد الوفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بسبب اعتماده على الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء مما يضع صحة المواطنين في خطر، لكون الفحم الحجري من بين مصادر الطاقات الأحفورية الأكثر تلوثاً، تصدر عنه ملوثات سامة تتسبب في أمراض صحية مزمنة، مثل الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة ويعرض النساء الحوامل لمخاطر الولادة المبكرة ومثل امراض القلب والأوعية الدموية والسكري..وتشكّل أمراض القلب والشرايين أهم أسباب الوفيات بالمغرب، بنسبة 39،02 في المائة ، و نسبة 12،23 في المائة بالنسبة للوفياة بسبب السرطان وأنواعه كما يتسبب تلوت الهواء في 43 في المائة من الانسداد الرئوي المزمن ووفياة المرضى به في غياب العلاج ومسؤول عن 29 في المائة من حالات سرطان الرئة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية ويتسبب في حوالي 21% من الوفيات بالسكتة الدماغية و24% من وفيات مرضى قصور الشريان التاجي. وفي هذا الاطار فإن سكان جهة الدار البيضاء سطات التي تمتل 50 في المائة من النشاط الصناعي بالمغرب، معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالأمراض التنفسية، نتيجة لتلوث الهواء، إذ تضم هذه المدينة نحو20% من المصابين بتلك الأمراض و 52،7% من المرضى بحساسية الأنف و 16% من المصابين بالربو و ضيق التنفس و سرطان الرئة و أمراض الأنف و الحساسية. .ويعود ذلك أساسا لارتفاع التلوث في مدينة الدار البيضاء التي لم تجد بعد حل نهائيا لمطارح النفايات رغم خطورتها على صحة الانسان والحيوان .
اما على مستوى تلوث المياه فإن 28 % من مصادر المياه بالمغرب مهددة بالتلوث وتشكل النفايات الصلبة والمبيدات و الاسمدة الكيماوية والمواد الكيماوية التي تصب في الأدوية اكبر تهديدا مباشر لمصادر المياه الجوفية المغربية ولصحة السكان .
وكشف التقرير للبنك الدولي أن المغرب من بين اكبر الدول التي يرتفع فيها معدل تلوث المياه، لأسباب متعددة متعلقة أساسا باستعمال الأسمدة الزراعية و مشكل الصرف الصحي، وعوامل البكتيريا والكيماويات والمواد البلاستيكية وتحول المياه إلى مادة سامة للبشر وللمنظومة البيئية
وفي نفس السياق كشف تقرير للمركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية أن أكثر من 90 في المائة من التسممات الغذائية المسجلة في المغرب بعد الأدوية تكون ناتجة عن تلوث الأطعمة بالميكروبات، وما يقرب من 10 في المائة تكون ناتجة عن مواد كيميائية.
كما كشف تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، عن ارتفاع عدد المغاربة الذين يعانون من نقص التغذية، الى مليون ونصف وان 10.2 ملايين. يعانون من انعدام الامن الغذائي سنة 2020 كما أن انتشار الوزن الزائد يشكل مشكلة صحية عامة بالمغرب لدى 11.3 في المائة، من السكان فيما اتقلت السمنة لدى البالغين إلى 26 بالمائة عام 2016، ولدى الأطفال أقل من 5 سنوات الى 13 بالمائة. ورصدت الوثيقة أيضا انتشار فقر الدم بين النساء ما بين 15 و49 سنة، الذي انتقل من حوالي 30 بالمائة عام 2020.
وقد سبق للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة ان دقت ناقوس الخطر بخصوص عدد من العوامل المؤترة في صحة المواطن المغربي، وتتمتل في المحددات الاجتماعية للصحية ومنها تلوت البيئة والنظام الغذائي والماء الصالح للشرب ووقفت على مواطن ضعف المؤشرات الاجتماعية والبيئية المؤدية لتفشي الأمراض في المجتمع بسبب عوامل الفقر والهشاشة والعطالة والأمية ، وغياب العدالة الاجتماعية و توزيع غير منصف للدخل والثروة . فأعداداً كبيرة جداً من الناس يعيشون في كنف الفقر والمرض وانعدام الاستقرار والسكن غير اللائق وسوء التغدية وفقدان الماء الصالح للشرب وضعف الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة ، حيث يظل تمويل القطاع الصحي بالمغرب متواضع جدا لايرقى الى الانتظارات ومتطلبات المتغيرات و العوامل الديمغرافية والوبائية والاجتماعية حيث ظلت ميزانية تقشفية لاتتجاوز 6 في المائة من الميزانية العامة للدولة و لا زالت ترتكز أساسا مساهمات الأسر والتي جزءا كبيرا من النفقات الاجمالية للصحة بنسبة 54 % مصدرها جيوب اﻷفراد واﻷسر ، فضلا على ارتفاع اسعار الأدوية واسعار المصحات والمختبرات الخاصة ، و انتشار ظاهرة الادوية المغشوشة والمزورة وانتشار بيع مواد غدائية ومكملات غدائية منتهية الصلاحية واطعمة ملوثة غير مراقبة وتفشي المخدرات التي تودي الى امراض نفسية وعقلية وتسبب في الانتحار
وتاسيسا على ما سبق اكد وزير الصحة على صدق تحليلاتنا ومواقفنا من فشل الاختيارات السياسية العامة بخصوص ضرورة اصلاح المنظومة الصحية ، بعد على وصول النظام الصحي الحالي إلى مداه و بعد تعاقب مجموعة من الإصلاحات التي لم تفض إلى إحداث تغييرات حقيقة . واهمها الخصاص المهول في الموارد البشرية والكفاءات المهنية بحكم ان حاجيات القطاع الصحي المغربي من المهنيين تصل إلى نحو 97566 مهنياً، من بينها 32522 طبيب وطبيبة و65044 ممرضا وممرضة ً
وتاسيسا على ما سبق يمكن القول ان تحقيق الأمن الصحي والسيادة الصحية ببلادنا لا يمكن ان تعتمد فقط على خدمات قطاع الصحة ومسؤولياته التي حددها القانون بل هي مسؤولية جماعية تتطلب اختيارات شاملة مندمجة وانتقائية تستهدف التاتير على المحددات الاجتماعية للصحة وايضا حماية اممنا الايكولوجي وجعل بيئتنا اكثر امنا وسلامة عبر مقاومة منظمة لمسببات الأمراض والتهديد الذي تشكّله التغيّرات المناخية وإهمال حماية البيئية ، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي وضعف تدبير المخاطر والاستجابة للتغيّرات الاقتصادية والتكنولوجية والديموغرافية والوبائية السريعة .
*تعزيز النُظم الغذائية الصحية والمغدية والمستدامة ومراقبة جودة وسلامة الأغذية المصنعة المستوردة والمنتجة محليا والمكملات الغذائية ومخاطر اثارها الجانبية ،
*تعبئة الموارد المالية من أجل الإنفاق على القطاع الصحي الوقائي والاستشفائي وتوفير التمويل الكافي لبرامج الوقاية ودرء الاخطار وتدبيرها و تمويل المستشفيات العمومية وخلق وظائف كافية للمهنيي الصحة بما تستدعيه خطة تعميم التغطية الصحية واستخدام التكنولوجيا الطبية والبيوطبية الحديثة و الرقمنة مما سيؤدي إلى إنقاذ ملايين الأرواح، والحد من مخاطر المرض،وهي الرسالة الانسانية لقطاع الصحة
*خاتمة *
ان صناع القرار السياسي الحكومي ملزمون اليوم قبل اي وقت مضى جعل حماية البيئة كأولوية مندمجة وانتقائية ضمن كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية ، و بناء نظام صحي عادل ومنصف وبيئة سليمة وتحسين المؤشرات و التاتير على المحددات الاجتماعية للصحة باعتبار ان نجاح مشروع تعميم التامين الاحباري الاساسي عن المرض رهين باصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية وتحقيق التغطية الصحية الشاملة يحصل من خلالها جميع الأفراد والاسر والمجتمع على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها دون التعرض لضائقة مالية جراء ذلك. وهي تشمل المجموعة الكاملة من الخدمات الصحية الضرورية والجيدة، ابتداء من تعزيز الصحة إلى الوقاية والعلاج والتأهيل والرعاية الملطفة
ومراعات اولويات التغطية الصحية الشاملة مـن بينهـا الـرصـد الـوبـائـي والتصـدي لـلأوبئـة العـابـرة للحـدود ؛ وتعـزيـز المنظـومـات الصحيـة ؛ والمسـاهمـة فـي التنميـة الاجتمـاعيـة والاقتصـاديـة ؛ وتلبيـة احتيـاجـات وتـوقعـات السكـان، فيمـا يخـص صحتهـم وتكـاليفهـا وفق ما جاء في الرسالة الملكية في اليوم العالمي لصحة 2019 وبالتالي ضرورة اعتماد خيارات ســياســية جريئة على نطاق القطاعات كافة من أجل الصــحة، وبناء الرعاية الصــحية الأولية المســتدامة، و الحاجة الى تاسيس مجلس اعلى للصحة والحماية الاجتماعية.
علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة
أوكي..