كلمة المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال الجلسة الافتتاحية للجمع العام للائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام
_15.jpg)
الأنوال نيوز
كلمة السيدة آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان .
الجلسة الافتتاحية للجمع العام للائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام يوم الجمعة 18 مارس 2022 .
السيد منسق الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام، الصديق العزيز السيد وزير العدل MR le D.G de l’ ECPM
السيدات والسادة منسقي مختلف شبكات مناهضة عقوبة الإعدام
السيدات والسادة
الأصدقاء والصديقات
أود في البداية تقديم شكري لدعوة المجلس الوطني لحقوق الانسان للمشاركة في الجلسة الافتتاحية للجمع العام للإتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام، تحت شعار هذه السنة "تعبئة عامة من أجل منظومة جنائية حديثة دون عقوبة الإعدام"..
ولا بد من تثمين اختيار هدا الشعار، والذي لا يتوافق فقط مع الشرط الذي أكدناه في مناسبات عديدة، وهو أن المنظومة الجنائية، تعبر عن تدبير الحقوق والحريات وتمثل تحديًا كبيرًا لتوسيع وتعزيز سيادة القانون في بلدنا وأن إلغاء عقوبة الإعدام من التشريع الحالي، لن تؤكد، فقط الخيار الذي يسير نحو الإلغاء الذي تبنته المملكة، ولكنها ستشكل الموقف الواضح والضروري الذي نحن بحاجة إليه في تفعيلنا لمنظومة حقوق الانسان.
إن الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام، بكل شبكاته، يشكل الحليف الاستراتيجي والفعلي للمجلس لتحقيق إلغاء الإعدام ونثمن، بذلك، التفاعل المستمر والعمل الطويل الأمد الذي نخوضه، معا، مناهضين للإعدام سواء مؤسساتيين أو غير مؤسساتيين. إنه إلتزام جماعي للانتصار للحياة والذي لا يرتبط، لا بأيديولوجية أو ثقافة معينة، ولا بدوغمائية محددة.
إنني، اليوم، أجدد مرة أخرى، التأكيد على قناعتنا بالغاء عقوبة الإعدام والإصرار على ان عقوبة الإعدام، انتهاك خطير للحق في الحياة، هذا الحق المتأصل والأسمى والمطلق، الذي من دونه لا حق، ولا حرية ولا عدالة، ونرفض، في الان ذاته، التفسيرات، التي كثيرا ما يستخدمها بعض الفاعلين السياسيين، مبررين مناهضة إلغاء عقوبة الإعدام، برفض الرأي العام للإلغاء.
إن موقف المجلس الثابت من مسألة إلغاء عقوبة الإعدام يندرج في إطار مهامه وثوابته القائمة على حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. ونترافع لالغاء عقوبة الإعدام، لأنها ترتكز على مفهوم الانتقام من المحكوم عليه، عوض مفهوم الإصلاح وإعادة الإدماج في المجتمع، وتبقى غير رادعة للجريمة وغير فعالة وهو ما أثبتته عدد من الدراسات الدولية في عدد من الدول التي تنفذ هذه العقوبة.
الحضور الكريم
لقد أكد المجلس على إلغاء عقوبة الإعدام في محطات وطنية ودولية متعددة، وشدد في مذكرته لمراجعة القانون الجنائي في أكتوبر 2019 على الإلغاء الرسمي لهذه العقوبة، ودعا السلطات العمومية لتخطو نحو الإلغاء بالتصويت لصالح الوقف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام خلال شهر دجنبر 2020 وقناعتنا الراسخة إن عقوبة الإعدام المنصوص عليها في التشريع المغربي هي عقوبة تتعارض والمقتضى الدستوري الواضح للفصل 20 من دستور المملكة.
كما دعا المجلس الحكومة المغربية في أكثر من مناسبة إلى الانضمام للبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
وإذ نؤكد على ضرورة الغاء عقوبة الاعدام، ندرك أن ذلك يندرج في مجال اصلاح المنظومة الجنائية بأفق مقاربة عقلانية جريئة تسير في اتجاه، أولا الانسجام مع مسارنا الحقوقي، وثانيا مع الدستور المغربي وثالثا مع توصية هيئة الانصاف والمصالحة ورابعا مع التزاماتنا الدولية، إذ أن إلغاء عقوبة الإعدام ھو بدایة إعمال ملموس للملائمة بین القانون الجنائي والدستور والمواثیق الدولية.
أن التجارب الدولية، السيدات والسادة، في مجال الالغاء متعددة من حيت المسارات والمحطات والبنيات الثقافية وحتى الدينية لكنها تلتقي في بعض الركائز الاساسية، ذلك أن إحداث هاته الطفرة الحقوقية والانسانية يرتبط بمحطات تحول وتوسيع لدولة الحق والقانون ولاحترام وصيانة كرامة وحقوق الانسان.
ولنقول بصراحة إن التعليل بحجة، عوامل اجتماعيه أو ثقافية خاصة بالمجتمع المغربي، والتي من شأنها، تبرير مراعاة أي خصوصية تتعلق بمسألة عقوبة الإعدام، يندرج في نظرنا، في خانة الخطأ في التقدير، ولا يرقى الى ما تتطلبه هاته المرحلة التاريخية من مسؤولية سياسية جريئة،
ويمكننا أن نتساءل جميعا هل بلادنا، بما أثبتته من تقدم في ارساء وتوسيع للحريات وتلاحم وتضامن اجتماعي خلال ظروف الجائحة، وتاريخ التداول السلمي في كل قضايا المجتمع، غير مؤهلة لإحداث هاته الطفرة النوعية؟
بالتأكيد الجواب سيكون ...بلادنا ومجتمعنا مؤهلان
السيدات والسادة
إن طريق الإلغاء الذي انطلقنا فيه منذ حوالي 30 سنة، عرف تطورات هامة من حيث التداول العمومي وتوسيع قاعدة المساندين للإلغاء، والتنصيص على حماية الحق في الحياة بالدستور وعدم تنفيذ الاعدام وشبه اجماع بانها عقوبة غير رادعة للجريمة، إننا اليوم بحاجة لتلك الطفرة السياسية والتشريعية، نطمح ألا ننتظر طويلا وان لا نضيع فرصة إعادة هيكلة منظومتنا الجنائية لترتكز على تأصيل الحق في الحياة، منظومة جنائية بدون إعدام.
أوكي..