واحسرتاه عليك يالغة الضاد ..فاطمة ولاد سعيد

الأنوال نيوز - فاطمة ولاد سعيد
واحسرتاه عليك يالغة الضاد
كم كانت دهشتي جميلة ...حين تلقيت من صديقي أحمد ..رسالة بقصيدة لحافظ إبراهيم ..حذثني صديقي وهو حزين ..على ما آلت إليه اللغة العربية الشريفة ...
كنت أحفظها عن ظهر قلب ...أيام الدراسة الثانوية ...
قصيدة ما أن قرأتها ...حتى استعادت ذاكرتي كل أبياتها ...
قصيدة يرثي فيها حافظ إبراهيم ..( اللغة العربية ) ...تلك الأنثى الجميلة التي وقفت حائرة ...تخاطب أبناءها ..بنظم فائق الرقي ...وبقلم شاعر النيل ..كما لقبه شوقي ..
وجدتها ..تشتكي من نكران أبنائها لها ..وتعجب لهجرانهم
تعاتبهم ..بقلب الأم المسامح ...قائلة ..
( أيهجرني قومي.عفا الله عنهم = إلى لغة ..لم تتصل برواة )
استحضرت كل ما لدي من كتابات ..وكل ما قرأته ..لأواسيها ..وأطمأنها ..لأحاورها.عن دررها ..الثمينة
خاطبتها ...والخجل يغمرني ..
# لا تيأسي ..يا أرقى لغة في الكون ...فأبناؤك أوفياء .. يقدرونك ..ويقدسونك ..ولن يخذلوك ....
قاطعتني بأسمى بيتين لها ...
وسعت كتاب الله لفظا وغاية = وما ضقت به عن آي وعظات
ما زادني تذكيرها .. إلا تحسرا ...
حرت في ردها ...وعدت لقراءة القصيدة ...علني أعثر على ما يبرر شكواها ....
أرهفت السمع ...لأجدها ..تهمس ..
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني
عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وقع هذا الهمس ..وقع السهم على صدري ...فاستفقت من غفلتي ...وأنا في موقع الدفاع عن أبنائها ...
وانتقلت إلى فضاء ..كثرت فيه الكتابات ...تدوينات ومنشورات ..تعليقات وانتقادات..وكثر فيه الحوار ..والمحاذثات ...
فلم أعثر سوى على شبه جمل ..أحرف متلاصقة لا توحي لك بأي معنى أو قصد ..اللهم بعض الكتابات المفيدة والراقية ..تطرب العين والفكر ...وهي نادرة ...
إنه ذاك الفضاء ..الذي يدعونه بالفضاء الأزرق ..أزرق بنقيق ضفادعه ...ينشرون ..يعلقون ..بعبارات لا تفهم ...وينتقدون ..بكلمات مفرنسة ...أو عربية كتبت حروفها بالفرنسية ..فتتبخر المعاني ..وتنتحر القيمة اللغوية لكل ذلك ..
كتابات خلت من كل قواعد وركائز اللغة الأصيلة ..( تراكيب .أساليب .قواعد نحوية ..إملاء ..إلخ..إلخ ) ..ناهيك عن البلاغة في القول ..والتشبيه والجناس .....
نقيق الضفادع هذا ..على صفحات التواصل الإجتماعي ..تتنوع ..لا من حيث التركيب والأسلوب ...ولا من حيث المدارك والطباع.. بل وايضا من حيث اتساع المعرفة وضيقها ...
ضفادع تسكن كل البيوت ...وتقلق بنقيقها كل القراء على السواء ...
والغريب أنني لاحظت ...استعمالات لألفاظ ...ما خبرتها طيلة مسيرتي التعلمية ولا حتى التعليمية ..فيستعملون ( أنتي مثلا ..أحسنتي ...خرجتي إلخ ) وأسأل ...
# تلك الياء من أين أتت ..وما محلها من الإعراب ..؟؟..)
حيرني أمرهم ...فهل هناك قواعد لغوية لهذا التعبير ..وأنا أجهله ..؟؟.مثل ذلك كثير ...لا داعي لسردها ..لكم فقط ..تصفح تلك النوافذ العجيبة ...التي تجعلنا كل مرة نطل على هذه التفاهات ...
فكيف للغتنا ...ألا تقلق ولا تحزن ..؟؟...وقد أصبحت دررها ...علكة يجترها كل من هب ودب ..وكل من تعلم احرفا ...راح يبعثرها على هذه الصفحات ..مخترعا ألفاظا غريبة ...واللغة العربية بريئة منها ..براءة الذئب من دم يوسف...
وثارت أميرتنا الجميلة على هذا العبث والاستهتار ..قائلة ..
سرت لوثة الإفرنج فيها كماسرى
لعاب الأفاعي في ميسل فرات
وانتشر هذا النقيق منذان استوطنت وسائل التواصل الإجتماعي الكرة الأرضية ..اتخذوه مستعملو هذا الفضاء ...أداة للإفصاح عن أفكارهم ..ميولاتهم وعواطفهم ..تكشف شخصيتهم التافهة ...
وجاءت كتاباتهم ..كثوب مرقع ..تشكلت ألوانه ورقعه ..
وانا أحاورها ...وأستنكر ما يفعله الضفادع بدررها ..اجدها تتابع همسها ..وتهمس لي ..وكأنها قرأت أفكاري .
فجاءت كثوب يضم سبعين
رقعةمشكلة الألوان ...مختلفات
أجل ...فمن طبع هذه الضفادع ..أنها تدعي المعرفة والفصاحة ..تحرص كل الحرص..على المواقع التي تتجول بها
حتى إذا رأتك تقتلع منها قصبة تصحيحا لخطأ ..أو تضيف إليها قطرة ماء زلال تنظيفا للأسلوب والتركيب ....تنتفخ حناجرها ..ويملا نقيقها الفضاء
فيخيل إليك أن السماء هاوية ..وأن الأرض تهتز زلازلا ..كواكب آخذ بعضها بخناق بعض ...والله سبحانه وتعالى ..يعدو من جانب لآخر ...ضاربا كفا بكف ..صائحا بلهجة اليائس ..( واحر قلباه ...لقد تهدم ما بنته يداي ...واستحسنته عيناي ...وهزلت لغة كتابي المرسل إليهم )...
وتحزن لغة الكتاب المحفوظ ..وتردد ..
وسعت كتاب الله لفظا وغاية = وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف= آلة وتنسيق أسماء مخترعات
على الواتساب ...الفايسبوك ..انستغرام ..التويتر ..اليوتوب..إلخ ..إلخ ..عليهم جميعا ..لا تقرأ ..ولا تسمع ..إلا نقيقا ..وترتفع الواقواقات على صفحاتهم ..
واحسرتاه على لغة القرآن ..لغة الضاد ..تمزقت..تبددت وأصبحت لغات ..أو لهجات ...ليست بالعامية المعروفة ..ولا بالدارجة المتداولة بالأوساط ...حتى هاذين تميعا ..وأدخلت عليهما مصطلحات سوقية ..
وانقلبت الحروف الأصلية والأصيلة ...إلى حروف غريبة .. sabah lkhir....3id mobarak .... بونجور ..بون نوي ...a7lam sa3ida ....إلخ ..إلخ ...
استنكروا حروفها ..واستهجنوا كلماتها العذبة ...وادعوا ذلك حضارة ....!!!!!!
لغة الضاد فقدت هويتها.. وأصبحت عند هؤلاء نقيقا ..ووقواقات ..يتفاهم بها أصحابها ..ويتعارفون ..
لا أنكر همة وشهامة الأدباء والمثقفين ..وارفع قبعتي احتراما لهم ولكتاباتهم الأنيقة والفصيحة ..المنضبطة لقواعد لغتنا الشريفة ....
أقف معهم ..على أجنحة هذا الفضاء ..منادية ..
# أيها الضفادع ..إن لغتنا الشريفة لفي خطر كبير ...تلك اللغة التى تسلمناها نقية من الآباء والإجداد ..وقطعنا على أنفسنا ميثاقا ..أن نسلمها طاهرة لأبنائنا وأحفادنا ...
فكيف لكم أن تدنسوا طهارتها ..تمتهنوا كرامتها...وتشوهوا بلاغتها وفصاحتها ...
ها هي تناديكم يا معشر المثقفين والغيورين .
إلى معشر الكتاب والجمع حافل
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فلا تكلوني للزمان فإنني
أخاف عليكم أن تحين مماتي
عاش أجدادنا من قبلنا ...ولم يرو عن أحدهم يوما أنه أجاب ب ( ويي.. أو نوو ) بل ب (نعم أو لا ) ...ولم يحيي ب ( سالو ..أو بونجور ..)
كانت رسائلهم تبتدئ بالسلام وتنتهي بالسلام ...وليس ب ( هاي ..وباي ..)
فيا للركاكة ...ويا للشناعة ...ويا لنكران الأصل ...
أرانا ..إذا غضضنا الطرف عن هذا النقيق..وهذه الوقواقات
الدخيلة ...لفي خطر كبير ..على انتشار الفوضى في لغتنا ...
فنصبح لا قواعد لهذا اللغو ..ولا لغة أصيلة نتفاهم بها ...
فاليوم ...لا البشرية هي نفس البشرية ...ولا اللغة هي عين اللغة ...وليس من ينكر ذلك ..إلا أعمى البصر والبصيرة ..
إن السر في تقلب وتغير في التعبير ..ليس في اللغة في حد ذاتها ..بل التقلب والتغير في البشر أنفسهم ..
فالإنسان هو من أوجد اللغة ..وليس اللغة من أوجدت الإنسان ...هي تحيا به .. وتتغير بتغير أطواره ....
هي آلة في يده ..وليس هو آلة في يدها ...
وعليه ...أصبح هؤلاء الضفادع ...يشكلون الآلة حسب هواهم ...ويتفننون في تغيير ملامحها ...وأصلها ...بنقيق يندى له الجبين ...
لكن ما رسخه هذا الأصل ..تحتفظ به اللغة ...رضي بذلك هؤلاء ..الضفادع أم لم يرضوا ...والغريب أن يجهل هؤلاء ذلك ..
وأقف صفا مع المثقفين والأدباء ..وأنادي ..
# لو تبصرتم يا ضفادع الفضاء الأزرق ..تاريخ لغتكم
لوجدتم فيه ألف شاهد وشاهد ...
ألا ترون ..أن لغة الجرائد والمجلات.. على المنابر .وعلى صفحات الفضاء الأزرق ..ليست هي لغة ( مضر ..تميم ..حيمر ..قريش .......)
عودوا للمتنبي ...عودوا للمعلقات ...عودوا للعقاد ..المنفلوطي ..الجاحظ ..وغيرهم كثير ...
# أذكركم أن اللغة العربية ...قطعت كل هذه المراحل وما زالت صامدة ..
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
وها هي اليوم تشوه بلسان ضفادع يتنكرون لها ...ويحسبون نقيقهم حضارة ..وثقافة ...ويتباهون بذلك
فكلما اتسعت صفحات هذا الفضاء ...غلت مراجل ضفادعه ....فقاموا ..يقلقون الأموات والأحياء ..بضوضائهم
(واق.. واق ...واق...)
فرجاءا ...إن كنتم عميانا عن كل ذلك ...فدواؤكم في الطب ..لا في الكتابة المشوهة ..لأن الغشاء الذي غطى أبصاركم ..وبصيرتكم ..لا يزيله إلا مبرض الجراح....
أما لغة القرآن....لن يهزمها أمثالكم ...فهي صامدة سرمدية
أوكي..