ولكم أعجب لهم !!!! فاطمة ولاد سعيد

الأنوال نيوز بقلم : فاطمة ولاد سعيد
ولكم أعجب لهم ...لهم في انتقاء الموضوعات ..موهبة ...
لم يدعو في حوزة العقول دائرة ..إلا ولجوها ..سودوا جبالا من الورق ..برامجا ..
حذثونا عن الأخلاق والتخليق ..أثقنوا الكذب والرياء ..بسطوا سنة الإرتقاء ..سنوا قواعد التربية والصحة ..قوانين العدل والإنصاف...ووعدوا بالرخاء ...
لكنهم لم يكشفوا لنا عن السرقة وسيئاتها ..الكذب وعواقبه ..إلخ ..إلخ ..
نسوا أن يعطوا للجشع والطمع نصيبا وافرا ...متغافلين أنهم أطمع الطامعين ..
برامجهم جابت أطراف السماء ..رادت الأرض من أقصاها إلى أدناها ...وسبرت غور البحار ...
أكلوا اللب ..ولم يوصلوا لنا سوى القشور ..
فهل نلومهم ..وهم يشرفوننا كل يوم ..بخطب مرقعة ..ومقالات ممضوغة بأفواه من سبقوهم ..اجترار ..بعد اجترار ...
سابقوهم .. دخلوا البيوت ..نهبوا ولم يتركوا لأهله عشاء ليلة ..فهل يمكن تسليمهم للعدالة ...
لكن بماذا سيعاقبون ..؟؟ وقد خرجوا مالئي البطون ...
دخلوا إلى قدس أقداس القلوب ..حطموا كل ما فيها من الآمال ..والإيمان.. والرجاء ...ولم يكتفوا بذلك ...بل تركوا تحت أنقاض تلك الآمال ...جمرة تلتهب من آونة لأخرى ...
على كل حال ...أنا في الحقيقة ..ما عدت لأشكو المصاب.
عدت لأدخل مستودع القلوب ... وألقي بها جمرة ..كالتي أحملها في أعماق قلبي ..
عدت لأنفث في حياتكم شعاع أمل مع اللاحقين ..
لم آتيكم كشيطان آدم وحواء ..التي أكلت التفاحة المحرمة ..
لأبين لكم _ إذا أمكن _ أن الحياة ..ليست التنعم بثمار الجنة ..التسلي بمناظر الطبيعة الخلابة ...أو التمشي بمسالك عدن والفردوس ...
بل الحياة ...في اكتشاف الجديد ...اختبار ما زال مجهولا
والإقدام على كل ما تشم من ورائه رائحة الحقيقة ..والعدل.
الحياة في الإنتقاد والتجدد ..في الابداع والتغيير ...
الحياة شجرة معرفة ...تثمر الخير لمن يرويها ..والشر لمن يحرقها ...
حواء لم تكن إلا رمزا لكل من حمل طببعة بشرية ...ممثلا أبديا ..لحياة ذريتها ستكون انتقالا متتابعا للطمع والجشع والنهب ...
عدت ...أطلب جوابا . ..
هل من ضمير ..هل من قيم ...هل من أخلاق ..هل من عدل ...؟؟؟..
قد يرى البعض ...أن سؤالا كهذا لا يستحق الجواب على الإطلاق ...فانغامسهم في دوامة الحياة ..والركض من أجل تحصيل أدنى ما يمكن من لقمة العيش ..ألهتهم حتى عن التفكير ..في مثل هذه الأسئلة ...
وقد تبدو على وجوه البعض ..الحيرة ..ويتشكل الجواب ..يجولون بعقولهم ...مثلي ...يفتشون بين طيات الماضي ..وصفحات الحاضر ...فلا تستوقفهم بقع خضراء ..أو شمس دافئة ...حياة قاحلة ..يابسة ..جرداء ..لا تعطرها أخلاق ..ولا يحكمها عدل .. ولا ترويها قيم ...
بالله عليكم ...أهذه هي حقيقة بعض البشر ..؟؟
أتدرون ..؟؟ .. بماذا شعرت حين طرح علي السؤال ..؟؟
ابتسمت مستهزئة ..لعلمي أن أصحاب هذه الخصال نادرون .
وخالجني الشك في تقديري ..ثم أتيت لأقطع الشك باليقين ..أتيت لأنتخب أحدهم ..أو اثنين ..وربما أكثر ...فوجدتني كالقابض على الريح ...
شعرت آنذاك ...وكأنني لقيطة ..سألها أحد المارين ..عن أبيها وأمها ...
لقيطة ..تحسب كل رجل في العالم أباها ..وكل امرأة أمها لكن لما أعاد عليها السؤال ....وأدركت معنى كلمتي الأب والأم ...انقبض فؤادها ..واغرورقت عيناها ..وأجابت بصوت خافت ...يقطعه الإنتحاب ..《 لا أب لي ولا أم 》.
كنت كذلك ...كمن دخلت محل صائغ ..لتشتري حجرا من الألماس الحقيقي ..ولكثرة ما رأت من الحجارة التي تتفوق في اللمعان ...استحال عليها الإنتخاب والإنتقاء ...لكنه حين وقع نظرها على فص من الألماس الحقيقي في خاتم أحد الزائرات ...تبين لها الفرق بينه وبين تلك الحجارة المزيفة اللماعة ...وأدركت حينها أن ما يبرق بالمحل سوى زجاج في زجاج ...
فإلى متى نهرب من وجه حقيقتنا ..؟؟
أين سنختبئ من الوباء الذي يداخلنا ..؟؟
ليس البلاء ..بأن عندنا الكثير من الحجارة الزجاجية اللماعة ....بل لأننا ندعوها ألماسا ...ونعتبرها اعتبار الألماس ..
ليست المصيبة ..بأن حقولنا لا تنبث إلا الزؤان والشوك ...بل المصيبة أننا لا نزال نحسب الزؤان قمحا ..والشوك عشبا ..فلا نرى من موجب لتنقية الحقل ..
أوكي..