الأبحاث العلمية تجيب عن أهم الأسئلة الشائعة عن الكورونا
الأنوال نيوز بقلم : أيمن أبو المجد
أهم الأسئلة الشائعة عن الكورونا:
أولا: هل هناك علاج دوائى للكورونا؟
الإجابة لا يوجد أى دواء يعالج الكورونا رغم كل ما يذاع أحيانا عن بعض الأدوية بدون أى دليل علمى حقيقى وتجربة الهيروكسى كلوروكين أوضح مثال على ذلك بعد أن أثبتت جميع الأبحاث العلمية عدم جدواه بوضوح تام.
وهنا يصبح السؤال: إذا كيف يتم علاج المرضى فى المستشفيات؟
الإجابة أن أهم علاج للفيروس هو مناعة الجسم، وبالتالى المريض الذى يدخل المستشفى يأخذ رعاية مكثفة من تغذية وعلاج أنيميا، إن وجدت ومضادات حيوية إذا تعرض لالتهاب بكتيرى فوق الفيروس، وقد يأخذ كورتيزون إذا كان يعانى من نقص فى الأكسجين مع الحرص على الحفاظ على مستوى الأكسجين فى الدم فوق ٩٣٪ لضمان تغذية جميع أعضاء الجسم.
ويسأل البعض عن الدواء الذى تم علاج الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب به، وهو علاج ما زال تحت التجربة، ولم تحدث منه مضاعفات خطيرة، وتشير الأبحاث الأولية إلى أنه مفيد فقط فى المراحل الأولى من المرض، وإن كانت الدراسات عليه ما زالت تحتاج الكثير من البحث العلمى الدقيق.
ثانيا: ما هى حقيقة دور الفاكسين «اللقاح» وهل ينصح به أم لا؟
الإجابة أنه نظرا لعدم وجود أى علاج دوائى ضد الفيروس، وأن أهم سلاح ضدها هو مناعة الجسم، والتى تتمثل فى جعل الجسم ينتج مضادات للفيروس تقوم بمحاربة الفيروس وتستطيع القضاء عليه، إذا الحل الأمثل لمواجهة جميع أنواع الفيروسات هو الفاكسين، ويجب ألا ننسى أن التطعيم الإجبارى ضد فيروس الجُديرى المميت والذى قتل الملايين من قبل هو الذى قضى عليه نهائيا حتى أن لا أحد يتذكره الآن، وجدير بالذكر أنه كان هناك وباء للجُديرى فى أمريكا عام ١٩٤٧، حتى إن مدينة نيويورك وحدها قامت بتطعيم نصف مليون مواطن فى يوم واحد، حتى استطاعت القضاء عليه نهائيا. كذلك فيروس شلل الأطفال كان يقتل الآلاف ويصيب الملايين بالشلل، ولكنه اختفى من العالم ليس بسبب دواء بل بعد اكتشاف فاكسين ضده. ولكن طالما التاريخ واضح والأدلة واضحة فى أن الوسيلة الأفضل للتعامل مع الفيروسات هى الفاكسين إذا لماذا هذا الجدل الحالى من البعض الذى يتوجس منه بل وجعل البعض يرفضه؟
الحقيقة أن هناك عدة أسباب لذلك مثل انتشار المعلومات المغلوطة على مواقع الإنترنت والسوشيال ميديا، وأيضا لعدم استيعاب الكثيرين لنتائج الأبحاث العلمية التى يتم نشرها على الميديا بصورة غير دقيقة أو بدون استيعاب العامة للتفاصيل العلمية الدقيقة فى الأبحاث المتوالية، والتى أحيانا تبدو محيرة للبعض فيرفضها كلها من باب الحرص الزائد!
ثالثا: ما هى حقيقة فائدة الفاكسين وهل هناك فروق كبيرة بين الأنواع المختلفة حاليا؟
عند ظهور فيروس الكورونا بدأت الكثير من مراكز الأبحاث بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية فى إجراء الأبحاث للوصول إلى فاكسين قادر على محاربة فيروس الكورونا وشاركت حكومات بعض الدول بالدعم المادى غير المحدود لهم لإدراكهم أن الحل الأمثل إن لم يكن الأوحد للخروج من تلك الأزمة الصحية والاقتصادية يكمن فى الفاكسين.
وجدير بالذكر أن هيئة الصحة العالمية توافق عليه إذا قلل الإصابة بـ50٪.
أول شركة تتوصل إلى فاكسين ذى فعالية عالية جدا هى فايزر مع مركز أبحاث بيونتك الألمانى؛ حيث تم إجراء البحث على34 ألف متطوع؛ حيث أخذ نصفهم الفاكسين بينما أخذ النصف الآخر نفس الحقنة ولكنها بدون الفاكسين؛ حيث وجد أن نسبة الإصابة بعد ذلك بفيروس الكورونا انخفضت بنسبة 94٪ فى الحالات التى أخذت الفاكسين عند متابعتهم لمدة شهرين وإن المضاعفات الناتجة عن الفاكسين كانت بسيطة جدا لا تتعدى ارتفاع بسيط فى الحرارة أو آلام خفيفة فى الجسم تنتهى بعد يومين، وتلك الأعراض فى الحقيقة تعتبر دليلا على حدوث تنشيط للجهاز المناعى لإنتاج كميات كبيرة من المضادات للفيروس.
هذا وقد أبدى البعض من العامة مخاوفه من ظهور آثار جانبية على المدى الطويل، أى بعد شهرين، ولكن الحقيقة أن الآثار الجانبية لو حدثت فهى لا تحدث إلا فى خلال أول 6 أسابيع فقط وهذا ينطبق على جميع أنواع الفاكسين.
بعد ذلك ظهر أيضا فاكسين أو لقاح مودرنا؛ حيث أظهرت نتائج أبحاثه على 30 ألف متطوع نسبة نجاح تفوق الـ90٪، مثل فايزر فى بحث مشابه مما دفع هيئة الأدوية الأمريكية إلى الموافقة عليهما بصورة عاجلة. بعد ذلك أعلنت الصين نجاح تجاربها من خلال فاكسين شركة سينوفارم، والذى أظهر نجاحا كبيرا بنسبة نحو 90٪ فى بحث علمى على 30 ألف متطوع فى الإمارات، والذى جعل وزارة الصحة هناك توافق على استخدامه لتطعيم جميع أفراد الشعب، وتبعتها البحرين فى ذلك، كما أعلنت أيضا روسيا نجاح فاكسين ضد الكورونا «سبوتنك 5»، أثبت فعالية كبيرة حتى إن إنجيلا ميركل رئيسة وزراء ألمانيا اتفقت معهم على التوصية باستخدامه فى ألمانيا والاتحاد الأوروبى بل وعلى إنتاجه هناك أيضا.
كذلك أعلن مركز أبحاث أكسفورد بإنجلترا نجاحه بالتعاون مع شركة أسترا فى التوصل لفاكسين ذى كفاءة نحو 86٪ فى الإقلال من الإصابة بالكورونا.
وهناك أيضا شركة جونسون آند جونسون التى أعلنت أخيرا عن نجاح أبحاثها عن فاكسين يمتاز عن الآخرين فى أنه يتم من خلال جرعة واحدة فقط بينما بقية اللقاحات من خلال جرعتين بينهما 3 ـ 4 أسابيع.
وقد أثبتت الأبحاث والتحاليل أن الجسم البشرى يبدأ فى تكوين أجسام مضادة للفيروس بعد أول جرعة من الفاكسين بنحو 12 يوما ثم يبدأ منسوب تلك الأجسام فى الارتفاع تدريجيا حتى يصل إلى نحو 50٪ بعد نحو ثلاثة أسابيع، ثم يرتفع بقوة منسوب الأجسام المضادة بعد الجرعة التالية فى اليوم الـ 21، ويصل إلى قمته عند نحو اليوم 28 من بعد الجرعة الأولى من الفاكسين، ويستطيع عندئذ أن يعطى مناعة لمدة نحو 8 ــ 12 شهرا على الأقل إن لم تكن أكثر من ذلك.
جدير بالذكر هنا أن هناك عدة شركات كبرى حاولت التوصل إلى فاكسين، ولكنها فشلت فى ذلك، وأوقفت محاولاتها مثل شركة ميرك وشركة نوفارتس وشركة سانوفى وجميعها شركات عالمية عريقة ذات سمعة طيبة وفى لفتة اجتماعية غير مسبوقة تاريخيا قرروا توفير مصانعهم لصناعة فاكسين فايزر ومودرنا وأسترا، بهدف توفير ملايين الجرعات المطلوبة لخدمة البشر فى جميع الدول والقارات.
رابعا: هل هناك فروقات كبيرة بين فاكسين وآخر؟
الحقيقة أن المقارنة بينها ليست سهلة على الإطلاق، ويجب ألا ننسى أبدا أن منظمة الصحة العالمية تشترط فقط أن يستطيع الفاكسين الإقلال من احتمالات الإصابة بنسبة 50٪ كى توافق على استخدامه، وبالتالى أى نتائج فوق ذلك تعتبر ممتازة. وللتوضيح ولوضع النقط على الحروف يجب أن نعلم أنه لم يحدث أى حالات وفاة أو احتياج دخول العناية المركزة لأى شخص أخذ جرعات فاكسين من أى شركة تم ذكرها. وبالطبع هذا بالتحديد هو الهدف الحقيقى من الفاكسين.
خامسا: ما هى حقيقة التحورات الأخيرة للفيروس وهل تؤثر على قدرة الفاكسين للحماية من الفيروس؟
يجب أن ندرك أن البشرية تعتبر فى صراع مع الكورونا، فنحن نريد أن نتخلص منها، بينما هى تحاول أن تتكاثر وتنتشر فعندما تتحور فهى تهدف إلى رفع مقدرتها على الانتشار وإصابة عدد أكبر من البشر، وليس بهدف زيادة شراستها ويحدث هذا التحور من خلال تغيير بعض البروتينات من مكوناتها، هذا وقد تم رصد تحورات مختلفة فى إنجلترا وجنوب إفريقيا وفى البرازيل ولذلك قامت الشركات التى أنتجت فاكسين بإجراء أبحاث على التحورات الجديدة لتحديد قدرة الفاكسين للتعامل معها فوجدوا أن التحور الموجود فى جنوب إفريقيا يجعل الفيروس أكثر قدرة على التعامل مع الفاكسين وقد يقلل من كفاءتها وهذا يفسر ما تم نشره أخيرا عن موافقة إنجلترا على استخدام فاكسين شركة أسترا/ أوكسفورد؛ حيث يعطى حماية جيدة ضد الفيروس المتحور عندهم فى إنجلترا بينما رفضت جنوب إفريقيا استخدامه نظرا لعدم قدرته على التعامل مع تحور فيروس الكورونا الموجود فقط فى جنوب إفريقيا.
ولذلك تعتبر البشرية ممثلة فى تلك الشركات الكبرى التى توصلت إلى الفاكسين فى سباق متواصل، البشر يخترعون فاكسين ضد الكورونا، ثم تتحور الكورونا محاولة الهروب منه فتسرع الشركات ومراكز الأبحاث العالمية للتعامل معه.
وجدير بالذكر أن شركة مودرنا حاليا تبحث إعطاء جرعة ثالثة لرفع كفاءة جهاز المناعة والمضادات للتغلب على هذا التحور، بينما شركة أسترا تقوم بأبحاث تضامنا مع روسيا؛ حيث يتم التطعيم بجرعة من كل منهما. فالصراع ضد الكورونا يحتاج للتعاون بين جميع البشر والدول محطما جميع الحدود بينهم.
وكى نتخيل ما يحدث بالضبط، فلنتخيل مثلا أن الجسم يحتاج إلى 1000 وحدة مضادات للفيروس ليتغلب على الكورونا إذا أصيب بها. الفاكسين بدوره يقوم بتنشيط جهاز المناعة فينتج 10 آلاف وحدة فيعطى مناعة قوية جدا. التحور الذى حدث فى الكورونا يجعلها لن تتأثر بـ 3 آلاف وحدة مضادات، وهذا يعنى أن الجسم به 7 آلاف وحدة مضادات قادرة على حمايته بدون أى مشاكل.
سادسا: إلى متى سيستمر هذا الصراع مع الكورونا وهل تلك التحورات ستصبح أكثر شراسة؟
الهدف من التحور فى جميع أنواع الفيروسات هو الانتشار وليس أن تكون أكثر شراسة فلو أصبحت أكثر شراسة فمعنى ذلك أن تقتل الضحية فتموت الكورونا معه وهذا بالطبع لا يخدمها. وللعلم كل الفيروسات تتحور والإنفلونزا مثلا تتحور بدرجة أكبر بكثير من الكورونا. لكن تحور الكورونا سيجعل من الضرورى تطوير جميع أنواع الفاكسين لضمان قدرتها على منع الإصابة بالفيروس فى المستقبل، إذا حدث تحور أكبر، وقد يستدعى ذلك التطعيم مرة كل عام كما يحدث حاليا مع الإنفلونزا.
ورغم أن الأبحاث الحالية على الفاكسين لم تتضمن الأطفال والحوامل، إلا أن هناك أبحاثا تجرى حاليا على تطعيم الأطفال كما جرى من قبل بالنسبة لشلل الأطفال كذلك أصدرت جمعية النساء والولادة الأمريكية توصيتها بأن خطورة الكورونا على الحوامل تجعل من الأفضل نصيحة الحوامل بالتطعيم بالفاكسين لحمايتهم ولحماية الجنين، وذلك بعد إثبات أن تنشيط الجسم لإفراز مضادات ضد الكورونا، يحمى الحوامل وينتقل عبر المشيمة للجنين لحمايته أيضا.
فى النهاية من الواضح أن البشر يواجهون تحديا كبيرا، أفضل أسلحتهم فى مواجهته هو الفاكسين، والذى غالبا سيتطور كل عام لضمان الحماية ضد فيروس الكورونا المتحور حتى يصل إلى مرحلة إذا واصل التحور فيها يفقد صفاته فيضعف ويختفى تماما، أو يصبح ليس ذا خطر على البشر، وهذا سيحتاج لعدة أعوام على الأقل، وقد يصل من 5 إلى 7 أعوام فعلى البشر أن تتأقلم حتى تنتصر كما انتصرت على الفيروسات السابقة.
أوكي..