الأمم المتحدة: الدعوة إلى تعزيز التعاون والتضامن في مواجهة جائحة كورونا
في الوقت الذي يواصل العالم كفاحه ضد جائحة كوفيد -19 والأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي خلفتها، دعا قادة مختلف البلدان، خلال المناقشة رفيعة المستوى بمناسبة انعقاد الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، إلى تعزيز التعاون والتضامن الدوليين في مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة.
وأجبرت الجائحة رؤساء الدول والحكومات على عدم التنقل إلى مقر الأمم المتحدة لحضور هذا المنتدى العالمي السنوي، والاكتفاء بإرسال خطاباتهم في مقاطع فيديو مسجلة، يتم بثها على مدار الأسبوع بقاعة الجمعية العامة أمام سفراء 193 بلدا عضوا.
وهكذا، أبرز الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن جائحة كورونا تحتم تعزيز التعاون بين الأمم، وينبغي أن تكون بمثابة صدمة للأمم المتحدة.
واعتبر ماكرون أن هذه الأزمة تتطلب بلا شك، أكثر من أي أزمة أخرى، تعزيز التعاون وابتكار حلول دولية جديدة”.
وأبرز الرئيس الفرنسي أن “كل الانشقاقات التي سبقت الجائحة، لاسيما الصدمة المهيمنة للقوى، والتشكيك في التعددية أو استغلالها، وانتهاك القانون الدولي، تسارعت وتعمقت لصالح زعزعة الاستقرار العالمي، التي خلقتها الجائحة “.
وشدد على أن “الأزمة وانهيار أطرنا للتعاون، علاوة على نقاط الضعف السالفة الذكر، تتطلب منا إعادة بناء نظام جديد وتفرض على أوروبا تحمل كامل نصيبها من المسؤولية”.
من جانبه، أوضح الرئيس الصيني، شي جين بين، أن فيروس كورونا يتطلب تعزيز التضامن الدولي والعمل المشترك، واتباع إرشادات العلم وإطلاق العنان للدور القيادي لمنظمة الصحة العالمية، ووضع استجابة دولية مشتركة للتغلب على الجائحة.
وقال السيد شي جين بين “الإنسانية ستنتصر في هذه المعركة” ضد الفيروس، محذرا من “تسييس” هذه القضية أو وصمها.
وأبرز الرئيس الصيني أن أزمة كوفيد-19 تذك ر العالم بأننا “نعيش في قرية عالمية مترابطة ولديها مصلحة مشتركة، ترتبط جميع البلدان فيها ارتباطا وثيقا وتتقاسم مستقبلا مشتركا”.
وتابع “يجب أن ننظر لبعضنا البعض كأعضاء في نفس الأسرة الكبيرة، وأن نواصل التعاون المربح للجميع وأن نتجاوز الخلافات الأيديولوجية ولا نقع في فخ صراع الحضارات”.
من جهته، شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المرشح لإعادة انتخابه في غضون أسابيع قليلة، هجوما شرسا على الصين، التي اتهمها بأنها مصدر جائحة كورونا.
وأضاف “يجب أن نحاسب الدولة التي أطلقت العنان لهذا الطاعون على العالم: الصين، متهما منظمة الصحة العالمية، المنظمة الأممية التي انسحبت منها الولايات المتحدة خلال السنة الجارية، بالتساهل مع الصين، ودعا منظمة الأمم المتحدة لدفع الحكومة الصينية لتحمل “مسؤولية أفعالها”.
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنه “لكي تكون الأمم المتحدة منظمة فعالة لا بد وأن تركز على المشاكل الحقيقية في العالم”، وذلك يشمل الإرهاب، واضطهاد النساء، والعمل القسري، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر، والاضطهاد الديني، والتطهير العرقي للأقليات الدينية.
من جهته، استعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حصيلة ال75 سنة الأخيرة للأمم المتحدة، معتبرا أنه رغم كل الصعوبات والتحولات الجيوسياسية التي طرأت، قامت الأمم المتحدة بالاضطلاع بمهامها بكل كفاءة، لاسيما في حماية السلم والنهوض بالتنمية المستدامة.
واعتبر بوتين أن “الإمكانات الهائلة للأمم المتحدة وخبرتها” تشكل أساسا سليما للمضي قدما. وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن الأمم المتحدة يجب ألا تتشنج، بل أن تتطور وفقا لديناميات القرن ال21، وأن تتكيف مع واقع عالم حديث أصبح أكثر تعقيدا ومتعدد الأقطاب والأبعاد.
وقال الرئيس الروسي إن التغييرات الحالية لها تأثير على الهيئة الرئيسية للأمم المتحدة، وهو مجلس الأمن، مضيفا أنه بالنسبة لروسيا يجب على مجلس الأمن أن يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الدول بشكل كامل، وباختلاف مواقفها، معتمدا على مبدأ التوافق الواسع بين الدول. وفي الوقت نفسه، أن يبقى، كما كان دائما، حلقة الوصل في النظام العالمي، وهذا لا يمكنه أن يتحقق بشرط محافظة أعضاء المجلس الدائمين على حقهم في الفيتو.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش،قد دعا أمس الثلاثاء، في افتتاح المناقشة العامة للدورة ال75 للجمعية العامة للمنظمة في نيويورك، إلى بذل جميع الجهود لتجنب “حرب باردة جديدة” بين الولايات المتحدة والصين، بينما يواجه العالم أزمة كوفيد-19.
وقال السيد غوتيريش أمام ممثلي الدول الأعضاء ال193 في الجمعية العامة، إن “هناك حاجة إلى وقف إطلاق نار عالمي لوضع حد للصراعات الساخنة، ويجب علينا كذلك أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب حرب باردة جديدة”.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة “نحن نسير في اتجاه خطير للغاية، ولن يتحمل عالمنا مستقبلا يقسم فيه أكبر اقتصادين دوليين العالم إلى اثنين”، مجددا دعوته إلى وقف إطلاق نار عالمي من أجل أن يتمكن المجتمع الدولي من التركيز على جائحة كوفيد-19.
وحث المسؤول المجتمع الدولي على مضاعفة جهوده لجعل وقف إطلاق النار هذا حقيقة بحلول نهاية العام الجاري، مسجلا أنه في المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية بشكل خاص، سيكون التغلب على العقبات التي تحول دون تحقيق السلام أكثر صعوبة.
أوكي..