العنف ضد المرأة في العالم العربي
الانوال بريس
اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي تحييه الأمم المتحدة في نفس التاريخ الخامس والعشرون من كل عام، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد حددت هذا اليوم لإحياء تلك المناسبة في ديسمبر من العام 1999م داعية الحكومات والمنظمات الدولية وغير الحكومية، إلى تنظيم أنشطة فيه تهدف إلى زيادة الوعي بهذه القضية المهمة.
ويعرف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي اعتمدته عام 1993م، بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، هذا العنف بأنه:"أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية. ويشمل ذلك وفق القرار التهديد بأفعال من هذا القبيل، أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
ولأن قضية العنف ضد المرأة تتسم بأنها قضية عالمية، فإنها تكتسب أهمية أكبر بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، حيث تعاني المرأة من العنف في صور شتى، ابتداء من تأثرها بالحروب والصراعات التي تعم المنطقة منذ العام 2011م، وانتهاء بتعرضها للعنف داخل الأسرة، والذي يصل في بعض الحالات إلى القتل فيما يعرف في عدة دول عربية "بجرائم الشرف". وتؤكد أرقام الأمم المتحدة، على أن نسبة 37 في المئة من النساء العربيات، تعرضن لأحد أنواع العنف، الجسدي أو الجنسي، في حين أن نسبة 35.4 في المئة من المتزوجات في المنطقة، تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من الزوج، في مرحلة من حياتهن، وهو معدل يعد أعلى بقليل من المعدل العالمي.
الناشطات النسويات في المنطقة العربية تلقي باللوم في استمرار ممارسة العنف ضد المرأة، (خاصة فيما يتعلق بالقتل خارج إطار القانون فيما يعرف بجرائم الشرف)، على عجز المنظومة القانونية في اغلب الدول العربية، وتساهلها مع مرتكبي حالات العنف ضد المرأة. كان الوجود العربي في ملف العنف ضد المرأة حاضرا وبقوة، إذ تشير الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن 37% من النساء العربيات تعرضن لأحد أنواع العنف، فيما تعرض 35.4% من المتزوجات إلى عنف جسدي وجنسي من الزوج، بينما 14% من الفتيات تزوجن دون سن الـ 18.
تصدرت مصر قائمة الدول العربية الأكثر عنفا ضد المرأة، إذ تبلغ معدلات التحرش بها 99.3% فيما تعرضت 27.2 مليون فتاة لعملية الختان، بحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة "تومسون رويترز" عن الدول العشرة الأولى عربيا في العنف ضد المرأة.وجاء العراق في المرتبة الثانية بحسب الاستطلاع، لا سيما مع القصور الشديد في القوانين التي تقوض من تلك الجرائم بحق المرأة، إذ يسمح القانون بتخفيض عقوبة القتل فيما يسمى ''جرائم الشرف''. وحلت السعودية في المرتبة الثالثة في ظل ما تشهده المرأة هناك من تضييق الخناق عليها، فيما جاءت سوريا في المركز الرابع بأكثر من 4000 حالة اغتصاب وتشويه، منهن 700 في السجون مع انتشار حالات زواج القاصرات خاصة في مخيمات اللاجئين. تلاها اليمن الذي تتعرض 98.9% من نسائه للتحرش الجنسي مع عدم وجود قانون يحدد السن الدنيا للزواج.
وجاء السودان في المرتبة السادسة بعد التقارير التي تشير إلى ختان ما يقرب من 12.1 مليون فتاة، فضلا عن تعرض بعضهن لعقوبات الاعتقال والجلد بسبب اللبس غير اللائق. واحتل لبنان المركز السابع جراء عدد من القوانين التي تعمق من الأزمة ضد المرأة على رأسها إعفاء المغتصب من العقوبة بمجرد تزوجه من ضحيته. وحل الصومال في المرتبة الثامنة بعد تعرض قرابة 1700 امرأة للاغتصاب في مخيمات المشردين، هذا بخلاف التمييز الواضح بين المرأة الصومالية والرجل في العديد من القضايا على رأسها قيمة الدية تعويضا عن الدم، إذ تحصل المرأة على نصف قيمتها. وتذيلت فلسطين قائمة الدول العشرة الأولى الأكثر عنفا، إذ تتعرض قرابة 51% من النساء الفلسطينيات للعنف المنزلي في غزة وحدها، فضلا عن تراجع الحد الأدنى لسن الزواج عن المعدل العالمي، إذ حدد بـ17 سنة في غزة و15 سنة في الضفة الغربية.
خطت الدول العربية خلال العقدين الأخيرين خطوات ناجحة في دعم حقوق المرأة وتشريع حزمة من القوانين التي تحافظ لها على كرامتها وتقضي بنسبة ما على مظاهر التمييز، وهو ما بدت آثاره في العديد من المظاهر كتقلد المرأة المناصب السياسية في الوزارات الحكومية، والقيادية في بعض مؤسسات القطاع الخاص، والدفع بها كأحد مقومات العمل التنموي، هذا بخلاف بعض التشريعات التي تجرم العنف ضدها. وفي شهر يوليو2017م، ألغى البرلمان التونسي المادة 227 مكرر، بالكامل عندما تبنى قانونا تاريخيا بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، يسمح للنساء بالحصول على أوامر حماية، في حالات الطوارئ وأوامر حماية طويلة الأجل، ضد المسيئين لهن.
ورغم إقرار عدد من الدول العربية قوانين مكافحة العنف الأسري، فإن دولا مثل الجزائر والبحرين والعراق والكويت وليبيا وسوريا لا تزال تحتفظ بقوانين تسمح للمغتصبين بالإفلات من العقاب، حال الموافقة على الزواج من المغتصبة.
المنظمات الحقوقية طالبت ولا تزال تطالب الحكومات والأنظمة بإعادة النظر في هذا القصور الواضح في التشريعات الخاصة بالمرأة في محاولة منها لتوفير بيئة مناسبة للمرأة العربية التي أثبتت قدرتها الفائقة على القيادة والإدارة، ونجاحها في مشاركة الرجل في دفع مسيرة التنمية للأمام .
أوكي..