قضايا واشكالات في السياسة والحكم عند الحركات الاسلامية

الأنوال بريس بقلم : كمال الكوشي
مضى على أول قراءة لكتاب الحكومة الملتحية لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق د. عبد الكبير العلوي المدغري رحمه الله اكثر من عشر سنوات
فالكتاب الذي صدر سنة 2006 عن دار الأمان في 415 صفحة من الحجم المتوسط، شدني الى بعض القضايا والاشكالات عند الحركة الإسلامية، ونظرتهم للحكم من جهة ونظرة البيئة والواقع والمجتمع لهم من جهة أخرى، الا انني لا أزعم انني تمكنت من قراءة الكتاب قراءة عميقة ومتفحصة.
لكن وجدتني قبل يومين اعيد فتح الكتاب من جديد معيدا قراءته ثانية محاولا الوصول إلى مايريد الكاتب.
يقول الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري رحمه الله في مقدمة كتابه موضحا سبب وضعه لهذا الكتاب: " وإنا ان شاء الله لواضعوا هذا الكتاب لسد ثغرة احجم كثير من العلماء عن سدها، ومعالجة موضوع يتحرج كثير من الناس من اثارته، لأنه مرتبط بالسياسة، ومتعلق بنظام الحكم.
ونحن لا نقصد إثارة فتنة ولا الدخول في مواجهة او خصومة مع حزب، أو صحافة، أو يمين او يسار...
وعن موضوع الكتاب يقول : "لقد اخترنا ان نتحدث عن الحكومة الإسلامية لان الأوساط السياسية تتوقع مجيئها وتتوجس منها خيفة. لا سيما. إن الإسلاميين كلما تقدموا الي الانتخابات وكانت شفافة ولو بنسبة ضئيلة حصلوا على أصوات ومقاعد تثير الرعب في نفوس خصومهم.
والكتاب يحاول ان يجيب على أسئلة كثيرة تتعلق بحكومة الإسلاميين.
ثم يقول صاحب الحكومة الملتحية عن هذه الأخيرة التي هي في نظره قادمة لا محالة في عدد من بلدان العالم الإسلامي بسبب عوامل متعددة غير أنها لن تكون إلا مجرد مقدمة لحكومة أخرى تأتي بعدها على إثر عقود من الزمن تسمى بحق الحكومة الإسلامية: "الحكومة الملتحية لن يكون لها من الإسلام إلا الاسم والشكل، أما الحكومة الثانية (الإسلامية) فستكون ثمرة مخاض عسير شامل على المستوى الثقافي والديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وتأتي بعد أن تمت تهيئة الأوضاع مسبقاً في مرحلة الحكم الملتحي.
وعلى الرغم من دفاع المدغري بقوة عن حق الإسلاميين في السلطة الا أنه يرى أن الظروف الراهنة - زمن اصدار الكتاب - تعني أن الإسلاميين "سينغمسون في لعبة الديمقراطية التي تجعل من البرلمان مجلساً تشريعياً، يتعامل بالربا، ويستخلص الضرائب من المحرمات كالخمور وغيرها، وسوف يمارسون النفاق السياسي المكشوف... وسوف يجدون أنفسهم في ظروف لا تسمح لهم بتطبيق الإسلام على الوجه الصحيح... ولكن هذه الحكومة ستكون مقدمة لا أكثر لحكومة أخرى تأتي بعدها ولو بعد عقود من الزمن تسمى بحق (الحكومة الإسلامية)".
يحاول المدغري من خلال كتابه ان يلفت الانتباه في سياق أكبر القضايا التي تواجه الحكومات الملتحية وهي مسألة تطبيق الشريعة يتساءل المدغري: "هل بإمكاننا أن نعيش خارج إطار العولمة، والاقتصاد الحر، والنظام البنكي الربوي، وتوجيهات البنك الدولي، وصندوق النقد ومساعداتهما؟ هل بإمكاننا أن نعيش خارج ميثاق الأمم المتحدة وما تفرع عنه من عهود واتفاقيات؟".
لكنه يحسم الجواب بقوله: "إن أية حكومة تتبنى التوجه الإسلامي في هذا الوقت لابد أن تقتنع بأنها لا يمكن أن تعيش خارج المجتمع الدولي، وخارج النظام الذي تعارفت عليه الدول ورسخته بالمواثيق والمعاهدات الدولية، ولابد أن تتخلى هذه الجماعات عن شوائب وسلبيات الثقافة القديمة... فنحن إننا إما أن نسير في خط الالتزام الحرفي بالشريعة مع العلم أن الحلال بيّن والحرام بيّن، وسوف نحكم على أنفسنا بالعزلة، ونقع حينها في حرج كبير وضيق مما يمكرون لأننا طرف ضعيف في المعادلة، ... أو نختار تفعيل الشريعة بكافة مكوناتها ومقاصدها وظاهرها وباطنها وروحها، لأن العبرة بمآلات الأفعال، وأينما كانت المصلحة فثم شرع الله".
في الاخير اقول ان كتاب "الحكومة الملتحية دراسة نقدية مستقبلية" جدير بالقراءة والقراءة المتأنية دون انفعال او تسرع في الفهم او الحكم من هذا الطرف او ذاك دون أن يغفل القارئ أهمية رسائل المدغري رحمه الله الذي خبر الحكومة ما يقرب من ربع قرن وتقلد مهام ومسؤليات كبيرة كان مشرفا على جامعة الصحوة الإسلامية التي كانت بحق النافذة التي تعرف من خلالها النظام المغربي على رموز الحركة الإسلامية خصوصا تلك التي كانت تؤمن بالمشاركة السياسية
أوكي..